بعد انغلاق عقيم وعمر من السبات الطويل لم تكن فيه مرتكزات لخطط عملية تهتم بقطاع الشباب، ولم تكن فيه برامج تعنى بتنشئة العقول لا على مستوى المملكة ولا على مستوى المناطق والأندية الموجودة بها، كان لابد وبعد فتح باب إنشاء الجمعيات أن تتقدم مجاميع ممن يعنى بأمور الشباب في طلب إشهار تجمعاتهم لينهوا بذلك سباتا طال أمده لا لشيء بل لأن مؤسسات الدولة التي تعنى بهذا القطاع أبت إلا ان تبدل الأسماء من أماكنها فنرى بدلا من التربية والتعليم يكون اسم التعليم مشعا، ونرى بدلا من الشباب والرياضة اسم الرياضة براقا، ونرى بدلا من الثقافي والرياضي اسم الرياضي لامعا بل أصرت على انتشال أي مصطلح يخص تلك الفئة من قاموسها وبات اسما صوريا يكتب ضمنا لاسم تلك المؤسسات.
رعايـة النشء والشباب وصوغ شخصية الشاب البحريني من النواحي الرياضية، الصحية، الاجتماعية، الفكرية، الروحية والعلمية حــتى يواكب التقدم العلمي والتكنولوجي، مساعدة الشباب بإعطائهم الفرصة لتحقيق ذواتهم والإسهام في تطوير وبناء مستقبلهم، كل هذه الكلمات ما هي إلا زخات من أمطار الأحلام التي نحلم بها والتي مازلنا نسمعها في مقابلات بعض المسئولين وكأنها برواز بات الشباب صورة مخلدة به، لا ندري متى وأين ستتحقق تلك التطلعات وتلك العناوين الجميلة في المعنى والتي تلامس وتدغدغ أحاسيسنا حين نقرأها. إذا ما اعتبرنا أن ظاهرة انتشار الجمعيات ظاهرة طبيعية، فهل نضع جمعيات الشباب ضمن تلك الجمعيات؟ وهل هذا ما يريده الشباب حقا بعد سنين من الكبت؟ ألا نرى أنه صار لزاما علينا ان نرى الجانب الآخر والذي يتمحور حول أهداف تلك الجمعيات؟ وما الخطط والبرامج التي ستتبناها؟ وكيف لها ان تساهم في بلورة قطاع الشباب بمرئياتها في إحداث تركيبة نوعية داخل مؤسسات الدولة المعنية؟ وإلى ماذا تؤول تجمعاتهم المبعثرة؟ هل نعرف الهدف من التجمعات الشبابية؟ هل هدفنا هو ان ندير تجمعاتنا من دون وصاية من الكبار؟ أم ان الهدف هو السعي لإعداد برامج شبابية بحتة، عنوانها الأساسي هو الشباب بغض النظر عن محتوى هذه البرامج؟ ثم أين نحن من رعاية الشباب ذوي الاحتياجات الخاصة؟ أين نحن من توسيع دائرة مشاركة الفتاة والمرأة في الأنشطة المختلفة؟ أين نحن من توسيع مدارك الشباب فكريا عن طريق التوسع في إنشاء المكتبات والأندية العلمية وإنشاء مراكز حديثة لشباب القرى المحرومة وتحديث المراكز القائمة واستكمال المرافق فيها؟ أين نحن من الاشتراك مع الجمعيات المختلفة لتدريب و توظيف الشباب؟ هموم الشباب كثيرة جدا منها ما تم التطرق إليه أخيرا عبر الجمعيات السياسية التي استطاعت إن توفر مناخا جيدا تتكتل فيه طاقات الشباب من خلال إشراكهم في العمل التنظيمي لبعض المنتديات والتجمعات التي تهدف إلى استثمار رؤاهم والاستفادة من مرئياتهم وطموحهم ولهذا نراهم يبدعون في هذه الأمور التي تجلت لهم، في عقد اجتماعاتهم وتوزيع مناصب العمل فيما بينهم دونما وصاية من أحد، في تكوين فرق عمل تشارك في المؤتمرات فنراهم يرشحون إليها بعضا منهم ليناقش ويطرح أفكارهم ويوصل رؤاهم إلى الجميع، يبدعون حين يرون أن ما قاموا به يحوز إعجاب ذويهم والقائمين على تلك الجمعيات السياسية، وحين يقومون بكل أعمالهم معتمدين على أنفسهم حتى في توفير مستلزمات تلكم الأعمال. ولكن هذه بعض همومهم الكبيرة التي لا حدود لها والتي تعتبر المنطلق التي ينوون أن ينطلقوا منه إلى عالم الواقعية بعيدا عن سياسة الانغلاق التي مورست معهم. البعض يرى في ان كثرة الجمعيات الشبابية لا تخدم مشروعاتهم وإنها لابد لها ان تنأى عن الأوضاع والمرئيات السياسية ويرمي باللوم على الجمعيات السياسية نفسها التي حاولت جذب الشباب إليها وفتحت لهم أبوابها، ولكنه لم يتطرق إلى البديل الذي يحل محلها، نحن لا نريد تعقيبات على ما تم العمل به بل ما نريده فعلا هو حين انتقادنا جهات وبعض المشكلات أن نطرح الحلول التي لابد لها أن تتزامن وإبراز تلك المشكلات ولم يعد الأمر متروكا لمن يهمهم الأمر بل نحن من يهمنا الأمر ونحن من عليه إيجاد الحلول لكل ما يعوق طريقنا، ألم نسمع بسعي بعض الاخوة لبعث الاتحاد الوطني لطلبة البحرين من جديد، أين من فتح الأبواب لهؤلاء الطلبة؟ أليس هذا جزءا ما يسعى إليه الشباب؟ هل علينا فصل الطلاب والشباب عن بعضهم بعضا؟ أليسوا هم أنفسهم من يسعون لكلا الأمرين؟ الشباب ذلك العنوان الصغير الكبير فيما خلفه من كم ومن كيف بحاجة إلى إفراز لمكنوناته ولطاقاته عبر برامج وعبر مؤسسات داعمة له في خطواته، فإذا لم تفرش له مؤسسات المجتمع أجنحتها فانه سيلاقي مخرجا غيرها يبث عن طريقه ما يعتصر في داخله، وإذا كانت تلك المؤسسات قابعة في قوقعة العناوين البارزة فان المجال والوقت مازالا قائمين للتحرك لتلك الفئة المتعطشة للعطاء ولابد للقائمين على تلك المؤسسات ان يعطوا الوقت لهذه الفئة ليتسنى لها ان تثبت لهم بأنها قادرة على ما طالبت به وأنها تستحق الدعمين المادي والمعنوي لها
العدد 154 - الخميس 06 فبراير 2003م الموافق 04 ذي الحجة 1423هـ