العدد 152 - الثلثاء 04 فبراير 2003م الموافق 02 ذي الحجة 1423هـ

ضرب الحبيب زبيب...

فواز احمد طوقان comments [at] alwasatnews.com

... وحجارته قطين هي تكملة المثل الشعبي الفلسطيني جاء جزؤه الأول عنوانا لهذه المقالة. الزبيب والقطين كمثل التمر، وهما حبات العنب والتين المجففة. ولما كانت بلاد الإسراء والمعراج، وأرض أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، زاخرة بالعنب والتين فليس بمستغرب أن يتسلى الحبيبان في وقت التخاصم والفراق برشق الزبيب والقطن على بعضها بعضا نظرا لوفرة هذين الصنفين من المحصول وعنوانا للحلاوة المخزونة فيهما...والحدق يفهم

تمادي الرئيس بيل كلينتون في تأييده لشمعون بيرتز خلال الانتخابات البرلمانية التي جرت بعد ان هزم حزب التجمع (ليكود) غريمة حزب العمل (معراخ) إثر مصرع بطل السلام إسحق رابين كان بنيامين نتنياهو كتبتها الصحافة العربية نتنياهو) يشن أعنف الضربات على العرب في فلسطين وفي لبنان ويبلغ في دماء الأبرياء ويتفاخر، استعدادا ليكسب حزب الليكود معركته الانتخابية ويسترد موقعه بعد هزيمة زعيمه شامير على يد رابين. وعبثا حاول بيرتز (مرشح حزب العمل/ المعراخ) الظـهور بمظهر القوي الباطش بأرواح الغوييم (أي الناس الحيوانات الذين أباح يهوه لشعبه المختار قتلهم) ولم تنجح حملته سيئة السمعة عناقيد الغضب التي شنها على لبنان وانتهت بمأساة قانا المشئومة مختصر الكلام تمادى الرئيس في دعمه لبيرتز ضد ناتانياهو لدرجة أنه جهر بعدائه للرجل وقال ما هو بالعلن دون خوف من أن يفقد انتخاباته.لأنه كان في سنوات ولايته الثانية ولن يعاد انتخابه ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن. ويسقط بيرتز كالمعتاد يحجّ رئيس الوزراء الناجح في الدولة الصهيونية إلى البيت الابيض في واشنطن. وهكذا كان. فعلى إثر خروج نتانياهو من لقاء كلينتون سأله الصحافيون إذا ما فتح خلال الاجتماع صفحة عتاب بينه وبين الرئيس الاميركي على موفقه مع بيرتز فقال: لا مضيفا هذا الموضوع شأنه فيما بعد ولا حاجة بنا بعد هذا التذكير نصدع رأس القراء بتفاصيل مأساة الشـابة مونيكا لوينسكي، موظفة البيت الابيض، وقصة ثوبها الأزرق الجميل...

الخلاف بين أفراد البيت الواحد يأخذ احيانا شكلا يبدو من الخارج شكلا عنيفا، لكنه في الواقع مثل ضرب الزبيب والقطين. الا يتفق القراء معي أن مأساة لوينسكي كانت رشقته زبيب و«حدفه» قطّين من نتانياهو على الحبيب المشاكس بيل كلينتون؟!

دارت الأيام وكما انهى كلينتون ولايته وسقط نائبه آل غور ونجح جورج بوش، كذلك سقط نتانياهو ونجح باراك. ودارت الايام فسقط باراك ونجح شارون...وقضية العرب والمسلمين في فلسطين تغلي وتفور، والموت يحصد الآلاف، وآلات الدمار تجرف الأخضر واليابس، ولا من سميع...اتغظ جورج بوش الابن بمأساة لوينسكي، فترك الحبل على غاربةليطلق شارون يده في رقابة شعب أعزل إلا من الإيمان بالله. واستحر القتل واستشرى الدمار على رؤوس الأشهاد، ولا من سميع...

وسط هذا النفاق العالمي، وفي حركة حيية منه لإنقاذ شخصه وحفظ ماء وجهه أمام ناخبيه من الجاليات العربية والمسلمة، عمد رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير إلا عقد مؤتمر دعائي في لندن لدعاة «السلام» الفلسطيني واليهود. ولماذا لا، فقيل كل شيء أليست بريطانيا العظمى هي الدولة المنتدبة من قبل عصبة الأمم العام 1920 لتسهيل إقامة دولة لليهود وأخرى للعرب في فلسطين؟ فجاءت الدعوة لهذا المؤتمر بهذه الخلفية التاريخية، (يحيى العظام وهي رميم!).

وعلى قول المثل الشعبي: «الله يطعمه الحج والناس راجعة». إذن ليكن هذا المؤتمر في لندن من قبيل إعادة الشكلية لوجود بريطانيا العظمى في الصورة الإجمالية لأطراف النزاع ووسطائهم في الشرق الاوسط. ومن سخرية القدر، تعلق نجاح المؤتمر المزمع انعقاده في لندن بكلمة «نعم» من شارون...لكن «الحبيب» شارون غاضب على المحبوب بريطانيا: أولا، هناك الفيلم الذي عرضه تلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) قبل عامين عن مذبحة صبرا وشاتيلا ودور شارون فيها. هذا قبل حوالي عامين...فهل زعل الحبايب بدوم لأكثر من يوم وليلة على حد تعبير الفقيه ابن حزم الأندلسي في كتابة عن الحب: طوق الحمامة؟ أم ان هذا الذي نراه الآن هو من لؤم طباع «الحبيب» الحاقد لأنه يشتم في الافق رائحة خيانة؟ وزاد الطين بلة أن طوني بلير فعلها مع بنيامين نتانياهو، الآن وزير خارجية شارون، ولم يستقبله في شارع داونغ رقم 10 كما هي التزامات الحبيب للحبيب؟ وهكذا تأزمت!

لعل رئيس الوزراء البريطاني مخلص لزوجته شيري بلير بالشكل الصحيح بحيث لم يستطع نتانياهو أن يدبر مقلبا كمقلبه الشهير الذي دبره لكلينتون، أو بالحري لم يكن تحت يد نتانياهو «مونيكا» جاهزة لتحضير المقلب. فانقلبوا على السيدة شيري بلير ونشروا «فضيحة» تهريب سمسار الشقق الذي هو عشيق صديقة شيري...شيء مسخرة من الطراز الرفيع...لكن العتب على من يصغي إلى هذا الهذر. لم تنفع هذه «الحدقة» كشفها رئيس الوزراء. «ياشارون إلعب غيرها»!

ويستمر الضرب بين الحبايب...

إذاعة بريطانيا وتلفزيونها يذيعان الآن تقارير «إيجابية» عن معاناة الشعب الفلسطيني بحيث بات الشعب البريطاني يرى ما تصنعه آلة البطش الشارونية بالعرب العزل في فلسطين. وتجاسرت بعض الصحف اللندنية ونشرت أطرافا من قصص المآسي في الاراضي المحتلة. طبعا هذا من قبيل تبادل «حدف» الزبيب والقطين بين الحبايب. لكنه اخيرا والحق يقال، زادها طوني بلير «حبتين» ما اضطر شارون إلى تثقيل العيار.

صابحتنا محطة وتلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية بأخبار مؤلمة عن قصف مستشفى في غزة بصواريخ طائرة أباشي الأميركية الإسرائيلية. الحمد لله الذي لطف. الضحية هذه المرة ليست بشرية. إنها كنيسة مسيحية تابعة للمذهب الانجليكاني (مذهب التاج البريطاني) بسيطة يا شارون، حقك على رئيس وزراء التاج البريطاني لأنه بالفعل زودها. كل يوم أخبار وتقارير وأفلام عن مآسي الشعب تذاع داخليا وخارجيا عبر البي بي سي بالفعل، زودها طوني!! لا بد من تنبيهه بحذفة معلم، فجاءت بوساطة طائرة أباشي على الكنيسة!! هذه المرة كانت حذفة شارون، الحبيب الحاقد حذفه بحبة جوزهند، انتبه يا طوني انتبه! وطوني كما تعلمون شاطر ولبيب، يفهم من الاشارة. وسيهدي اللعب لا محالة. على أية حال، لا يغرنك أخي القارئ ما تراه وما تسمعه عن الوقيعة بين بريطانيا و«إسرائيل» في نشرات الأخبار على محطات الإذاعات التي عليها بلير، رئيس وزراء المأزوم والذي يسيطر عليها ماردوخ، سمكة قرش الصحافة الاسترالي/ البريطاني اليهودي. فكله من قبيل: ضرب الحبيب زبيب وحجارته قطين؟

العدد 152 - الثلثاء 04 فبراير 2003م الموافق 02 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً