أثار تقريرا رئيس «الإنموفيك» هانز بليكس والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي ردود فعل دولية مختلفة، منها ما اعتبرهما وثيقة إدانة جديدة للنظام العراقي، ومنها ما أشار إلى وجود عناصر إيجابية تعكس تعاون العراق مع المفتشين الدوليين وإمكان تطوير هذا التعاون من خلال تمديد مدة التفتيش، بينما أكد الموقف الأميركي الذي جاء على لسان الرئيس جورج بوش ان العراق مازال يخرق القرار 1441، وعليه فإن الأمم المتحدة مطالبة باتخاذ قرار نهائي لاستخدام القوة العسكرية، وستمضي الولايات المتحدة منفردة أو مع آخرين في تجريد العراق من أسلحة الدمار الشامل، حتى وان لم يصدر قرار بذلك من قبل مجلس الأمن، معتمدة على نفسها. وتقول مصادر قريبة من المعارضة: إن قرار الحرب ضد العراق اتخذ أصلا في أروقة الإدارة الأميركية، ولم يعد هناك أي مجال للدبلوماسية الدولية في تعطيل هذا القرار الذي سينفذ في غضون الفترة القليلة المقبلة.
المعارضة العراقية لديها رأي في التقريرين الدوليين وكذلك فيما ذهب إليه الرئيس الأميركي. وتسلمت «الوسط» رأي عدد من قادة المعارضة العراقية عن هذه التقارير، فأشار الأمين العام لاتحاد الديمقراطيين العراقيين فاروق رضاعة إلى الجوانب الخطيرة التي كشفها بليكس والبرادعي في تعامل النظام العراقي مع القرار الدولي. وقال: «إن ما جاء في التقريرين يعكس سلوك النظام الذي يحاول ان يتستر على ما في حوزته من أسلحة الدمار الشامل، فهو لا يريد ان يكشف كل المعلومات عنها، وكان الأمر متوقعا جدا، فالتقريران اللذان طُرحا يحتويان على الكثير من الأسئلة التي تنتظر الإجابة الواضحة، فالنظام يخفي قوائم المستوردات لتصنيع الأسلحة الكيماوية، وأطنانا من وسائل تنمية الأسلحة الجرثومية، وعليه ان يضع بين يدي المفتشين محاضر خاصة تؤكد اتلاف هذه الأسلحة، ومعلوم ان عملية اتلاف الأسلحة تتطلب حضور ثلاثة أشخاص معنيين يقومون بتوقيع محضر الإتلاف، وهذا الإجراء معمول به في أنحاء العالم كافة، إذ تنص اللوائح على ان اتلاف مادة الـ (أكر) وهي المادة الوسيطة لنمو الجراثيم البيولوجية تتطلب توقيع ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص على محضر إتلاف هذه المادة، الأمر الذي لم يجرِ بالنسبة إلى النظام». وأضاف: «لو حدث هذا لتغيرت القضية، ونحن نعرف ان النظام يحاول أيضا منع العلماء من الإدلاء بإفاداتهم بصورة طوعية، وهناك تجارب سابقة، إذ هرب بعض العلماء، الأمر الذي تعرضت معه عوائلهم لأقسى أنواع الاضطهاد والقتل».
وقال: «أما بخصوص تصريحات الرئيس الأميركي، فلم تأتِ بشيء جديد يختلف عن تصريحاته السابقة، فهو لا يثق بالنظام العراقي ولا يثق بالمعلومات التي يقدمها عن أسلحته، والمخرج الواقعي لتجنب أية مضاعفات تؤثر على الشعب العراقي وتزيد من كوارثه هو ان يطبق القرار الدولي 688 الذي يطالب النظام بحماية حقوق الإنسان وإجراء انتخابات ديمقراطية حقيقية تحت إشراف الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، ويرغم النظام على ذلك حتى تمثيل هذا الطلب».
أما العضو السابق في المكتب السياسي لحزب الدعوة وممثل التيار الديمقراطي الإسلامي الليبرالي موفق الربيعي، فيقول: «إن التقارير المقدمة وكذلك خطاب الرئيس الأميركي تتفق مع الحقيقة الماثلة، وهي ان النظام لم يكشف كل ما لديه من أسلحة تدميرية، وسيستمر في سياسة المخادعة والمماطلة وإخفاء الحقائق وهو لا يرغب في نزع أسلحته. وهذا أمر واضح كما عكسته التقارير وخطاب الرئيس».
وأضاف: «هناك فراغات كثيرة في التقرير الذي قدمه العراق إلى مجلس الأمن واختلاف بين هذا التقرير وتقريري المفتشين الدوليين، فالنظام استمر في تطوير أسلحة الدمار الشامل، وهناك أسئلة محرجة وجدية وعليه ان يجيب عليها قبل 14 فبراير/ شباط، مرة ثانية، إذ أعطى النظام فرصة ذهبية أخيرة للكشف عن هذه الأسلحة، ولكننا لا نعتقد أنه سيفعل ذلك، فالتمديد الأخير حتى يوم 14 المقبل ينتهي عند الدقيقة 59 من الحادية عشرة، وحتى ذلك الوقت فإن هذه الفرصة تريد اسقاط أية حجة فرنسية أو روسية أو صينية من أجل تأخير الضربة العسكرية».
وأكد ممثل الحركة الملكية الدستورية صادق الموسوي أن التقريرين عكسا المثالب التي مازال يتمسك بها النظام العراقي، ومازال يناور من أجل عبور مرحلة الخطر على مصيره، بيد ان المجتمع الدولي متنبه لذلك، وهذا ما لمسناه من خلال تقييم المفتشين الدوليين في تقريريهم. أما الأمر الآخر الذي يتعلق بموقف الولايات المتحدة، فإن المعطيات جميعها تؤكد أن خيار الحرب ضد نظام بغداد قد اتُّخذ، وان المسألة أصبحت مسألة وقت فقط، لكي تكون هناك قناعة ولو جزئية لدى مجلس الأمن بأن نظام صدام مازال يتحايل على الإدارة الدولية»
العدد 151 - الإثنين 03 فبراير 2003م الموافق 01 ذي الحجة 1423هـ