لن يحظى موضوع البطالة في جلسة النواب الاعتيادية اليوم بمناقشة تتناسب مع ثقله السياسي والاقتصادي والاجتماعي، على رغم ـ ترجيح ـ حضور وزير العمل والشئون الاجتماعية مجيد العلوي الجلسة، وذلك بعد أن فاجأت الحكومة النواب بإحالتها ثلاثة مشروعات قوانين اقتراض بصفة مستعجلة (قرض بقيمة 15 مليون دينار كويتي، وسندات بقيمة 500 مليون دولار، ورفع سقف السندات من 600 إلى 900 مليون).
وتشير المعلومات الأولية إلى أن اللجنتين الاقتصادية والتشريعية أبدتا موافقة أولية على المشروعات في اجتماعات مطولة عقدت أمس، كي لا يقال «إن المجلس يعوق مشروعات الحكومة»، التي أحيلت وسط غياب عدد مؤثر من النواب، الأمر الذي يطرح أسئلة عن أسباب اختيار هذا التوقيت.
وأبلغ وكيل وزارة المالية الشيخ إبراهيم بن خليفة آل خليفة أثناء اجتماعه أمس مع اللجنة الاقتصادية أن مبلغ الـ 500 مليون ستوجه إلى مشروعات استثمارية: الفورمولا واحد 200 مليون، توسعة ألبا 130 مليون، تطوير مصفاة النفط 85 مليون، بندر السيف 85 مليون.
وطالب النائب فريد غازي «بمذكرات توضيحية تبين أوجه الصرف للمشروعات». بينما أبدى النائب الإسلامي حمد المهندي تحفظه إزاء «المعاملات الربوية، التي تتناقض مع أحكام الشريعة الإسلامية»، ودعا النائب جاسم عبدالعال إلى «ألا يتعدى الدَّين العام المحلي نسبة الـ 60 في المئة من حجم الناتج المحلي»، بينما دعا النائب عبدالنبي سلمان الحكومة إلى «التوقف عن إغراق النواب بالمشروعات، لأن المجلس يعطي أهمية لأولويات الناس، مثل قضايا الفساد، والبطالة والتجنيس، والطائفية».
القضيبية - عباس بوصفوان
على رغم الأسئلة الكثيرة التي يطرحها النواب ـ هما وعلانية ـ على مشروعات الاقتراض الثلاثة التي أحالتها الحكومة على المجلس المنتخب بصفة مستعجلة يوم السبت الماضي، فإن المجلس يتجه ـ كما يبدو من اجتماع اللجنتين التشريعية والاقتصادية ـ إلى الموافقة على هذه المشروعات، وسط تحفظ الاسلاميين على المعاملات الربوية، وغياب عدد كبير من النواب في الحج، أو في سفر خاص، ما جعل مراقبين يلمّحون إلى أن الحكومة اختارت توقيت إجازة الربيع والأعياد لتمرّر القوانين من دون «معوقات كبيرة».
واجتمعت امس لجنة الشئون الاقتصادية في النواب بحضور وكيل وزارة المالية الشيخ إبراهيم بن خليفة آل خليفة، كما اجتمعت لجنة الشئون التشريعية بحضور مدير إدارة الشئون القانونية سلمان سيادي، وناقشت اللجنتان مشروعات القوانين الثلاثة، بشكل منفصل، وفي اجتماع مشترك.
الأول، من المشروعات الثلاثة، بشأن التصديق على اتفاق القرض لتمويل مشروع توسعة محطة الحد لتوليد الكهرباء (يقدر بنحو 15 مليون دينار كويتي)، والثاني بشأن إصدار سندات خزينة بمبلغ 500 مليون دولار أميركي، وكانت الحكومة خولت مصرفيين دوليين (بنك باريبا الفرنسي، وبنك شرودر سلمون سميث بارني الأوروبي) لإصدار سندات خزانة بضمان سيادة الدولة لأجل 10 سنوات، والمشروع الثالث بشأن رفع سقف الاقتراض من خلال سندات التنمية من 600 إلى 900 مليون دينار بحريني، ويعتبر اقتصاديون رفع السقف أمرا «طبيعيا».
وتقول مصادر النواب أن الحكومة وقعت توقيعا ملزما منذ سبتمبر/ أيلول على قرض الـ 15 مليون دينار كويتي، كما التزمت الحكومة مع الجهات الدولية بشأن السندات (500 مليون دولار)، كما ألزمت الحكومة نفسها فيما يخص مشروع الفورمولا واحد، الذي ستوجه لهم منحة 200 مليون دولار من الـ 500 مليون المطلوب اقتراضها كسندات، وأبلغ الشيخ إبراهيم لجنة الشئون الاقتصادية بأن التراجع عن مشروع الفورمولا يكلف الدولة نحو 40 مليون دولار. وهذا الالتزام من بين الأسباب التي جعلت النواب يرجحون الموافقة.
إلى ذلك نقلت مصادر قريبة من الاجتماعات التي عقدت أمس أن اللجنة الاقتصادية طلبت من وكيل وزراة المالية اعطاء مبررات للاقتراض من الخارج، ولماذا لا يكون الاقتراض من المصارف الداخلية، وهل يمكن الحصول على قروض بفوائد أقل؟ كما سأل أعضاء اللجنة عن أسباب رفع قيمة السندات من 600 إلى 900 مليون دينار وأين ستوجه الـ 500 مليون دولار؟ وأوضحت المصادر أن وكيل الوزارة الشيخ إبراهيم آل خليفة قال إن الجهات الخليجية توفر مزايا أفضل بالنسبة للاقتراض، كما ان هذه الجهات تقدم منحا إلى الحكومة، وهو ما يجعل التعامل معها يسيرا.
وبخصوص مبلغ الـ 500 مليون دولار، قال الشيخ إبراهيم إنه سيستفاد منه في مشروعات استثمارية، إذ سيستحوذ مشروع توسعة ألبا نحو 130 مليون دولار، وتطوير مصفاة بابكو 85 مليونا، ومشروع بندر السيف 85 مليونا، ومشروع الفورمولا واحد 200 مليون. (سينفذ مشروع بندر السيف بالقرب من الجسر الثاني الواصل بين المحرق والمنامة المعروف باسم جسر الشيخ عيسى بن سلمان، إذ سيتم بناء عدد من الفنادق دعما لمشروع الفورمولا واحد).
وقال نائب رئيس اللجنة الاقتصادية جاسم عبدالعال إن اللجنة رفعت توصيات بشأن مسائل الاقتراض والتمويل التي تتبعها الحكومة، وأهمية أن تستخدم الأموال استخداما أمثل، وألا يتعدى الدين العام المحلي نسبة الـ 60 في المئة من حجم الناتج المحلي، كما أوصت اللجنة ـ بحسب عبدالعال ـ باشراك القطاع الخاص في تمويل المشروعات المستقبلية، واستخدام أدوات التمويل التي لا تتعارض مع الشريعة الاسلامية. وقال النائب السلفي حمد المهندي إنه «يتحفظ على المعاملات الربوية، التي تتناقض مع أحكام الشريعة الاسلامية»، وأضاف أنه يمكن «أن نقترض من المصارف الاسلامية التي تؤدي إلى نماء الدول الاسلامية».
بينما طالب رئيس اللجنة التشريعية فريد غازي «بمذكرات توضيحية تبين أوجه الصرف للمشروعات بقوانين التي تتعلق بقضايا مالية واقتصادية تنظر بصفة مستعجلة وفقا لنص المادة 87»، كما طالب غازي بـ «بيان أوجه الصرف ومقدار الفوائد المعمول بها».
من جانبه، قال عضو اللجنة الاقتصادية النائب عبدالنبي سلمان إن «مشروعات بهذا الحجم يجب أن تدرس من قبل لجان المجلس المتخصصة، وألا تقدم على وجه السرعة، خصوصا ونحن في فترة أعياد». وأضاف: «كان الأولى تقديم الموازنة أولا، وبناء عليها، سيتعرف النواب على المشروعات الاستثمارية التي ستدخل فيها الدولة، وسيتم التعرف إن كانت هذه المشروعات مجزية أم لا، بدل أن تقدم بشكل مبتسر...، فذلك يسبب ارباكا للمجلس بطريقة لا تخدم المشروعات ولا التنمية عموما، ويجب على الحكومة أن تتوقف عن إغراق النواب بالمشروعات بهذه الصورة، لأن المجلس يعطي أهمية كبرى لأولوياته، والتي هي بالأساس أولويات الناس، مثل قضايا الفساد، والبطالة والتجنيس، والطائفية».
إلى ذلك، يبدو أن قضية البطالة لن يكون لها محل في جلسة النواب اليوم، على رغم ترجيح حضور وزير العمل والشئون الاجتماعية مجيد العلوي وهو ما دعا بعض النواب إلى المطالبة بتأجيل مناقشة الموضوع
العدد 151 - الإثنين 03 فبراير 2003م الموافق 01 ذي الحجة 1423هـ