العدد 150 - الأحد 02 فبراير 2003م الموافق 30 ذي القعدة 1423هـ

مسألة أسابيع

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

إنها مسألة أسابيع. أربعة أو ستة أسابيع وتبدأ حرب الدمار الشامل لنزع أسلحة الدمار الشامل. ويرجح ان تمر الاسابيع كالآتي: بعد غدٍ الاربعاء يدلي وزير الخارجية الاميركي كولن باول بمعلوماته وأدلته عن «جبل افريست». وفي 14 فبراير/ شباط الجاري يقدم هانز بليكس تقريره النهائي عن مهمة فرق التفتيش ومدى تجاوب النظام العراقي مع القرارات الدولية. وبعد ذلك ينعقد مجلس الامن ويناقش الموضوع ويتخذ قراره الثاني ردا على اسئلة القرار 1441.

الولايات المتحدة، وتدعمها بريطانيا، تقول: انها ليست بحاجة إلى قرار لشن حربها على العراق. فالادلة عندها كافية لفعل ما تريد فعله. فرنسا تميل الى صدور قرار يمدد للفرق فترة التفتيش بحثا عن «جبل افريست» وتدعمها في الامر روسيا والصين. وفي الحالين لن تكون فترة التمديد طويلة ولكنها كافية لحشد القوات القادرة على اجتياح العراق والسيطرة على بغداد في وقت لا يمتد إلى ابعد من نهاية مارس/ اذار المقبل.

والسؤال لماذا العجلة، ولماذا لا تمدد الفترة إلى شهور وليس إلى اسابيع، ولماذا قبل ابريل/ نيسان وليس بعده؟

هناك اربعة اجوبة عن السؤال. الاول يتعلق بالسياسة، فالادارة الاميركية متخوفة من ان يفقد الضغط زخمه مع مرور الايام، فالبيت الابيض علق مشكلاته الكثيرة ولخصها في مسألة واحدة هي تغيير النظام في بغداد والسيطرة على العراق. وهذا الامر اذا استمر من دون حسم ستتلاشى ذرائعه، وخصوصا ان الوضع الدولي اخذ يستفيق من هول ضربة 11 سبتمبر/ ايلول 2001، وبدأ يفكر في تأسيس معسكر مضاد يمانع الانسياق وراء الادارة الاميركية. وفي حال تشكل موانع دولية فإن واشنطن ستجد صعوبة في تبرير حملتها العسكرية بعد شهور. فالعجلة تعطي دفعة جديدة للنيران التي أشعلتها ضربة 11 سبتمبر وتنعش آمال رجال النفط في ادارة بوش في استعادة ثقة شركات الاحتكار التي يمثلونها.

الإجابة الثانية لها صلة بالاقتصاد، فمنذ وصول الحزب الجمهوري إلى السلطة بدأ الوضع الاقتصادي بالتراجع وشهد سلسلة انهيارات مالية تمثلت في افلاس عشرات الشركات الكبرى التي تنشط في حقول الطيران والاتصالات والطاقة واخيرا الإعلام اذ أعلن عن خسائر شركة «وورنر - تايم» بمبلغ يقدر بـ 100 مليار دولار في العام الماضي فقط. والحرب برأي ادارة الحزب الجمهوري تعني تنشيط عجلة المال والاعمال وتعويض الخسائر عن طريق وضع اليد على ثروات الشعوب.

الاجابة الثالثة لها صلة بالحشود العسكرية التي تتواصل منذ نوفمبر/ تشرين الثاني بانتظار إشارة الانطلاق. هذه القوات لا تستطيع الادارة الاميركية وقفها لفترة طويلة في منطقة بعيدة نسبيا من دون تحديد مهمات عاجلة تقوم بها. فإرسال القوات مسألة صعبة اذا لم توضح الادارة للأسر والعائلات أسباب الخروج من الوطن. والابقاء على القوات إلى فترة طويلة مسألة اصعب ومكلف ماليا لأنها تستنزف الثروات والموازنة من دون مردود أو فائدة سياسية واقتصادية... لذلك لابد من الاسراع في تنفيذ المهمات المحددة في جدول الاعمال حتى لا تبدأ الاسئلة في الانتشار عن اسباب البقاء في دائرة معينة لا تستطيع كسرها أو الخروج منها.

والإجابة الرابعة لها علاقة بالمناخ. فمن تجربة حرب الخليج الثانية (1991) تبين لإدارة بوش الاب ان الوقت المناسب للقوات الأميركية هو فترة الربيع أو نهاية الشتاء في حال قرر البيت الابيض الاعتماد على المشاة في اقتحام المدن والسيطرة على بغداد. قواعد الصواريخ والطائرات العسكرية تستطيع العمل على مدار الساعة من دون مشكلات وعوائق، بينما القوات البرية تحتاج إلى مناخ مناسب يستطيع الجنود تحمل ارتفاع حرارته. وفترة مطلع فصل الربيع هي المفضلة اذا ارادت الولايات المتحدة احتلال العراق.

اذن انها مسألة اسابيع وكل الحسابات تصب في دائرة المصالح الاميركية واستراتيجيتها السياسية المقبلة في «الشرق الاوسط». وبانتظار ذهاب بليكس - البرادعي إلى بغداد في 8 فبراير الجاري وعودتهما لتقديم التقرير النهائي تكون ساعة القرار الاخير قد حدّد موعدها

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 150 - الأحد 02 فبراير 2003م الموافق 30 ذي القعدة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً