العدد 149 - السبت 01 فبراير 2003م الموافق 29 ذي القعدة 1423هـ

الإصلاحات السياسية في الخليج آتية لا محالة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الاجتماع المهم بين الأمير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في الأسبوع الأخير من شهر يناير/ كانون الأول مع 36 مطالبا بالإصلاح في المملكة العربية السعودية يعتبر حادثا مهما بكل المقاييس. والمهم في الاجتماع ليس فقط حدوث مثل هذا الاجتماع وتقديم مطالب إصلاحية إلى أهم شخصية سعودية بعد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، وإنما أيضاَ رد ولي العهد الأمير عبدالله بأن الإصلاحات قادمة والمسألة مسألة وقت ليس إلا.

بعد الاجتماع الذي استغرق ساعتين في 22 يناير خرج عدد من الحاضرين ليصرح لوكالات الأنباء بأن «اختلاف الآراء» لا يضر بالوحدة الوطنية، وأنهم يتوقعون مزيدا من اللقاءات للحوار عن الرؤية المستقبلية للإصلاحات الدستورية في المملكة العربية السعودية. والمهم في كل ذلك أن الوثيقة التي قدمت إلى ولي العهد وقعها 104 مثقفين وناشطين سعوديين من مختلف الاتجاهات الإسلامية والليبرالية المعتدلة.

وهكذا نلاحظ انتشار عدوى الإصلاح في أهم دولة خليجية، والتي من دونها لا يمكن أن تكتمل الإصلاحات في الدول الخليجية الأخرى. فقبل عشر سنوات كان عدة مئات من البحرينيين يتقدمون بعريضة نخبوية وأتبعوها بعد ذلك بعريضة شعبية تطالب بالإصلاح السياسي ومعالجة قضايا الوطن الملحة. ولكن الرد لم يكن مناسبا وخسرت البحرين كثيرا خلال سنوات الصدام بين قوات الأمن وقوى المجتمع المطالبة بالإصلاح. ولكن الله وفقنا جميعا لبدء صفحة جديدة مع مطلع العام 2001، وبدأنا نتجه خطوات إلى الأمام.

اللقاء السعودي بهذا المستوى وبهذا الحجم سيدعم بلا شك الانفتاح السياسي البحريني إلى الأمام وسيؤكد للكثيرين أن الخيار الذي اتخذه جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بفتح صفحة جديدة لا رجعة فيه. ونحمد الله أن الذين حاولوا إرجاعنا إلى أوضاع متأزمة لم ينجحوا ولم يتمكنوا من ربط أعمال العبث بالمعارضة السياسية المتحضرة.

اللقاء السعودي يفرحنا ويفرح السعوديين وكل الخليجيين المطالبين بالإصلاح السياسي. وآن الأوان للجميع للمحافظة على مكتسبات الانفتاح السياسي البحريني الذي بدأت انعكاساته الإيجابية تبرز على المستويين المحلي والإقليمي.

فالمعارضة البحرينية كانت الأفضل على مستوى العالم العربي، إذ استطاعت أن تجمع الإسلامي والوطني ضمن برنامج واحد يطالب بعودة الحياة الدستورية، وإقامة حكم القانون والوقوف أمام الفساد الإداري الذي ينخر في اقتصاد وموارد البلاد وتوظيف العاطلين عن العمل وحل مشكلة التجنيس وإنهاء التمييز على أي أساس كان، لأن التمييز يخالف التعاليم الإسلامية والشرائع الإنسانية الدولية.

اللقاء السعودي وتقديم المطالب وقبول القيادة السعودية الدخول في الحوار عنها يؤكد سلامة الطريق الذي اتبعته القيادة السياسية في البحرين، ويؤكد سلامة الخطوات التي اتخذتها المعارضة البحرينية خلال التسعينات.

ولكي يتم التسريع في الإصلاح السياسي على المستوى الخليجي يجب علينا أن نقدم الأنموذج الناجح الذي يثبت للآخرين أن الديمقراطية والمحاسبة وحكم القانون وغيرها من المطالب الدستورية تعزز الاستقرار وتطور الاقتصاد.

ولكي تتواصل المسيرة البحرينية يجب ألا نتخاذل عن قول كلمة الحق، حتى لو كان بعض المسئولين لم يعتادوا بعد على أنماط التعامل الديمقراطي في النشاط السياسي. ومن حق الصحافة أن تنتقد أية ممارسة خاطئة تصدر عن أي وزير أو مدير أو مسئول. لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس، والسكوت لم ولن يحل أية مشكلة. ولكن الحديث عن المشكلة بأسلوب عقلاني هو الطريق الوحيد للتقدم إلى الأمام في مرحلة حرجة نمر بها جميعا.

وعلى هذا الأساس فإن «الوسط» تعتبر نفسها صوتا للإصلاح السياسي، وصوتا للمظلومين، وصوتا للمطالبين بحقوقهم، وصوتا للعقل والمنطق الذي يحاول حل المشكلات بأسلوب سلمي ديمقراطي.

لذلك، فإننا نرى من واجبنا أن نتحدث عن كل المخالفات التي تتم حاليا، ونحن نتجه إلى المزيد من الإصلاحات، لأن الإصلاحات آتية لا محالة، ووضع العقبات أمام الإصلاحات لن ينفع أي شخص يحاول ذلك.

التحرك السعودي باتجاه الإصلاحات السياسية هو السبيل الأمثل لأهم دولة خليجية، وهو الأفضل لنا في البحرين، لأن انفتاح الأجواء السياسية يسحب البساط من تحت أرجل أية حركة متطرفة ويقلل التوتر في المنطقة.

ولذلك، فإننا ندعو المسئولين في بلادنا إلى بذل المزيد لتسهيل تنفيذ الإصلاحات على جميع المستويات ولاسيما ما يتعلق بالحريات العامة، وندعو أيضا إلى الوقوف جميعا ضد أية محاولة لإقحام العنف أو خلط الأوراق كما شاهدنا ذلك عندما حاول البعض ربط الأعمال العبثية في رأس السنة الميلادية بالمعارضة

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 149 - السبت 01 فبراير 2003م الموافق 29 ذي القعدة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً