المترددون على مراكز الشرطة في الأيام القليلة الماضية وما قبلها، يلحظون التراجع الكبير في مهمات وأداء هذه المراكز بشكل عام، وعلى ما أعتقد هم واحد من أهم أسباب انتشار قضايا تافهة جدا في النيابة العامة والمحاكم من أمثال يهال متهاوشين اهني أو جارة متلاسنة مع جارتها هناك.

فحتى شرطة المجتمع الذين تم التسويق لهم بشكل كبير حتى خلنا أنهم سيكونون بمثابة أوصياء على الأرض يساهمون في إحقاق الحق، أستغرب أن الشرطة التقليدية استطاعت أن تذيبهم وتدخلهم في نفس دوّامة الروتين المميته، وبالنسبة لي لا فرق بين الشرطي العادي و «المجتمع» غير الزي الذي يلبسونه.

فالدور التوفيقي على الأقل إللي كان يلعبه المركز في السابق قد اختفى الآن وتحول إلى دور أشبه بالمراسلين وكفى!، فعندما تكون هناك شكوى أو مشكلة تكون مهمتهم هي كتابة الإفادات وإرسالها إلى النيابة العامة!، وفي زيارتك إلى النيابة العامة أو قاعات بعض المحاكم سترى أنها تغص بقضايا لو تدخّل فيها أحد من بدايتها ما وصلت إلى أروقة المحكمة وضيعت وقت الشرطة والقاضي والشاكي والمشكي ضده، بل هي كلّفت الحكومة الكثير على ولا شي!، لا والأدهى أن هذه الدعاوى في تطور سلبي حيث تراها وصلت ضد المعلمين إللي صاروا يتحاشون حتى النقاش مع طلبتهم خارج غلافي المنهج لأن إللي يشوفونه لزملاء مهنتهم يكفيهم!.

رغم وجود قسم تحقيق في أغلب مراكز الشرطة، إلا أن الدور المحدود الذي يقومون به هو دور هامشي جدا لا يتعدى الكتابة من غير أية مسئولية، بل يُفترض أن يتم استغلال الكادر في حل الأمور والتوفيق فيها وليس تأزيمها، لربما هم معذورون فالتعليمات الصارمة لهم نتيجة استغلال (البعض) لصلاحياته في السابق بشكل سلبي أثرت، إلا أنه يجب أن يُعاد النظر في هذا الموضوع حتى يتفرغ وكلاء النيابة وقضاة الحاكم من التركيز على القضايا التي تحتاج إلى تفكير وتمحيص لإعطائها قدرا أكبر من العدل بين المتخاصمين