«تسعى إلى الحفاظ على الحقوق والحريات والأموال العامة والخاصة بمقتضى الدستور والقانون من خلال جهاز قضائي مستقل وفعَّال ومتخصص وجهاز قانوني وإداري متطور وكفء، بالاعتماد على كوادر وطنية مؤهلة، ونظم وإجراءات ميسرة وتقنيات حديثة»، إنها وزارة العدل.
لكن ما الذي يحدث حاليّا في هذه الوزارة، خلال أسبوع واحد فقط عاشت وزارة العدل حالا من الإرباك كانت شرارته الأولى جلسة محاكمة معتقلي كرزكان وتدخُّل قوات الأمن التي غصت بهم قاعة المحكمة، ومن ثم وثيقة تركة الشرطي ماجد أصغر علي التي أبرزتها هيئة الدفاع عن المعتقلين أمام المحكمة لتفجر قنبلة مازالت مدوية حتى الآن قيل إنها سربت من مكاتب وزارة العدل. بعد يوم من جلسة محاكمة معتقلي كرزكان والكشف عن الوثيقة والحوادث الأمنية التي شهدتها قاعة المحكمة ودخول قوات مكافحة الشغب قاعة المحكمة، فرضت وزارة العدل آلية جديدة على الصحف المحلية بشأن تغطية أخبار المحاكم اليومية، مؤكدة أن الهدف من الآلية الجديدة الحفاظ على خصوصيات الآخرين، وأنّ الوزارة مستعدة للتجاوب مع أيّة فكرة يطرحها الصحافيون، وأنّ الوزارة ستصدر بطاقات للصحافيين الذي يغطون المحاكم من أجل تسهيل عملهم.
وكيل وزارة العدل القاضي سالم الكواري يؤكد أنّ دخول قوّات مكافحة الشغب داخل المحكمة أمر غير قانوني، ولكن لم يكشف وكيل الوزارة عن الإجراءات التي ستتبعها الوزارة للحد من هذه التجاوزات، وخصوصا أن هذه الحادثة لم تكن الأولى بل تكررت مرارا وتكرارا، وما إذا ستمنع قوات مكافحة الشغب في المرات المقبلة من دخول قاعة المحكمة، أم ستوجه خطابا شديد اللهجة إلى وزارة الداخلية بهذا الشأن أم سيتم التستر على الموضوع كما كان معتادا.
ما يثير الدهشة في تصريح الوكيل أنه أوعز الأمر إلى القاضي كمسئول عما يجري في قاعة المحكمة إلا أنه في الموقف ذاته يؤكد وجود «هفوات تحتاج إلى تنظيم»، وهو ما سننتظره خلال الأيام المقبلة لنكتشف مدى جدية وزارة العدل في تنظيم العملية واستعادة هيبة قاعة المحكمة.
المشهد المربك الآخر الذي تشهده وزارة العدل هذه الأيام هو منع مندوبي الصحف من الحصول المعلومات بشأن القضايا المعروضة على القضاء، بحجة الحفاظ على الخصوصيات، وكأن هذه الخصوصيات لم تكن موجودة من قبل واستحدثت الآن لتوضع لها الآليات المنظمة.
أية عملية مراجعة يجب أن تقوم على خطأ وقع يتطلب منع تكراره، كمساس الصحف مثلا من خلال اطلاعها على مضابط القضاء بخصوصيات المتقاضين وشكوى هؤلاء على الصحف المحلية، وهذا ما لم يحدث أبدا إذ إن وكيل العدل أكد أنه لم تكن هناك أية شكوى من أي فرد على الصحف المحلية بهذا الخصوص طوال السنوات الماضية وهو ما يعني أن الصحافة ملتزمة بأخلاقياتها وواجبها ولم تتعرض في أي يوم للشخوص المتقاضية، وهو الأمر الذي يثير السؤال الكبير: لماذا هذا الإجراء التنظيمي الآن وفي هذا التوقيت بالذات وبعد إرباكات جلسة معتقلي كرزكان؟
جوابه: من سرََّب وثيقة تركة الشرطي ماجد أصغر، وأحدث الفوضى الكبرى في المحكمة ذلك اليوم؟
إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"العدد 2234 - الجمعة 17 أكتوبر 2008م الموافق 16 شوال 1429هـ