قال محللون امس الخميس ان تعويم سعر الجنيه المصري الذي يعاني من مشكلات سيؤدي الى تحفيز النمو الاقتصادي عبر جلب المزيد من الاستثمارات والعوائد التجارية مع مساعدات مالية محتملة ستكون هناك حاجة اليها لمواجهة التداعيات التي قد تنجم عن حرب ضد العراق.
وادى تحرير سعر صرف الجنيه الى خسارته 16 في المئة من قميته مقابل الدولار كما اثار قلقا ازاء احتمال تأثر الموازنة والقوة الشرائية لغالبية المواطنين.
وافاد مصرفيون ان التداول بسعر الدولار بلغ ظهر امس الخميس 5,36 جنيهات، بعدما كان 4,51 جنيهات حتى الثلثاء، في حين بيع الدولار بمتوسط 5,40 جنيهات.
لكن الخبير الاقتصادي تامر مصطفى صابر قال: إن النواحي الايجابية تفوق تلك السلبية في عملية التعويم.
وشدد على ان تحرير سعر صرف العملات الاجنبية سيؤدي الى تحسن كبير في مناخ الاستثمارات، موضحا ان خفض قيمة الجنيه يعني زيادة القدرة التنافسية للصادرات المصرية، اي ارتفاع نسبة النمو.
واضاف صابر، وهو عضو في لائحة المستشارين الاقتصاديين في مجلس الشعب، ان النمو سيزيد من عائدات الدولة من الضرائب والرسوم وسيخفض العبء الناجم عن الكلفة المرتفعة للواردات الحكومية، وخصوصا القمح.
كما قلل صابر من اثر تعويم سعر صرف الجنيه على مستوى المعيشة للسكان البالغ عددهم 68 مليون نسمة وتعيش غالبيتهم من مداخيل ثابتة، في حين يعاني 17 في المئة منهم من فقر مدقع، تبعا لتقديرات البنك الدولي.
واوضح صابر ستترك العملية تاثيرا جزئيا بحيث سترتفع اسعار المواد المستوردة فقط وهي بغالبيتها من الكماليات.
من جهة اخرى، قال صابر ان تعويم اسواق الصرف كان مطلبا رئيسيا للدول والجهات المانحة لكي تقدم دعما للاقتصاد المصري. واشاد صندوق النقد الدولي امس بالخطوة واعتبرها اشارة واعدة بالنسبة لالتزام مصر المضي باصلاحات اقتصادية تعتمد توجهات السوق.
وكان اجتماع للدول والجهات المانحة عقد في منتجع شرم الشيخ في فبراير/شباط من العام الماضي تعهد تقديم مساعدات قيمتها 10,3 مليارات دولار خلال فترة الاعوام 2002 - 2003 - 2004 منها مبلغ 2,1 مليار دولار يسدد بسرعة في حال اقدمت مصر على اجراء اصلاحات اقتصادية شاملة.
وكان الهدف من الاجتماع مساعدة مصر على مواجهة تردي العائدات السياحية، وهي احدى مصادر دخلها الاساسية من العملات الصعبة، بعد اعتداءات 11 سبتمبر/ايلول ضد الولايات المتحدة.
إلا ان البنك الدولي أعلن في اكتوبر/تشرين الاول الماضي ان مصر طلبت تأخير التمويل لأن المؤشرات الاقتصادية والسياحية بدأت تتعافى، ولأنها ترفض زيادة حجم ديونها المقدرة بحوالى 30 مليار دولار. لكن تعافي الاقتصاد يبقى هشا ازاء حرب محتملة ضد العراق اذ اعتبر خبراء ان الحرب قد تكلف مصر خسارة عوائد من السياحة والتصدير وقطاعات اخرى تتراوح بين ستة وثمانية مليارات دولار.
من جهتها، اعلنت وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد اند بورز امس ان التعويم سيمنح البنك المركزي مرونة اساسية للرد على تأثيرات سلبية لا يمكن تجنبها في حال اندلاع الحرب.
وقال صابر ان التعويم سيشجع على الاستثمار في البنى التحتية والمشروعات الصناعية.
ودعت مصر الاسبوع الماضي الشركات الاجنبية للاستثمار في مشروعات بتروكيماوية بكلفة 10 مليارات دولار تدر سبعة مليارات دولار من العوائد سنويا وتساهم في ايجاد مئة الف وظيفة بحلول سنة 2020. وقبل قرار تعويم سعر الصرف، خسر الجنيه 24,6 في المئة من قيمته في اربع عمليات خفض منذ اواخر العام 2000
العدد 147 - الخميس 30 يناير 2003م الموافق 27 ذي القعدة 1423هـ