العدد 144 - الإثنين 27 يناير 2003م الموافق 24 ذي القعدة 1423هـ

المشهد الثقافي السعودي... اقتراب نقدي حذر

يأتي هذا الكتاب الاستطلاعي (المشهد الثقافي الراهن في السعودية) الذي أعده الكاتب السعودي (عقيل بن ناجي المسكين) لصالح مجلة (الكلمة) ونشر في العدد 17 (1997)، يأتي في إطار الحراك الثقافي المثمر الذي تعيشه السعودية، إذ يرصد الكاتب محاور أساسية من الحال الثقافية الراهنة في السعودية ويستطلع حولها أكثر من 30 شخصية سعودية وعربية تتوزع على مجموعة مختلفة من الاهتمامات والمواقع الثقافية والأكاديمية والرسمية.

ففي محور المشهد الثقافي العام من الاستطلاع يشير أحمد رامز قطرية إلى توق المثقف السعودي إلى تملك ثقافة الآخر مع وعيه لخصوصية المجتمع المبنية على الاسلام. أما أحمد الشويخات - مدير عام مشروع الموسوعة العربية العالمية - فيعتبر هذه الموسوعة المدارة والممولة سعوديا؛ إحدى معالم النهضة الثقافية في المملكة. ويعتقد أحمد الشمر أن تطور الواقع الثقافي السعودي دفع الصحافة المحلية إلى زيادة منتوجها الثقافي وإصدار الملاحق المتنوعة. أما الشيخ حسن الصفار فيشهد بالتقدم الملحوظ للإنتاج الثقافي، إلا أنه يدعو إلى التأمل في مستوى تفاعل المواطن مع الحركة الثقافية. ويظهر من خلال الاستطلاع أن غزارة الإنتاج الإبداعي والنقدي السعودي يجد مداه الأكبر في ظل انتظار واسع للمطبوعات الثقافية (أكثر من 50 مطبوعة) والأندية الأدبية (14 ناديا أدبيا)، إضافة إلى الأنشطة الثقافية والفنية التي تجرى في الجامعات وبقية المهرجانات الوطنية.

وفي محور الرؤية النسوية للمشهد الثقافي تقول ثريا العريض إن هناك صعوبة في الحديث عن عطاء المرأة السعودية بصفة تعميمية، فمن ناحية الكم لا توجد هناك مشكلة في الكتابة النسائية في المنطقة، أما الناحية النوعية فهي ما تستوجب التأمل المتعمق. أما حياة البسام فتحكم بضعف دور المرأة في تفعيل الأنشطة الثقافية العامة في المملكة، وذلك لحرمانها من الفرصة المناسبة. ويؤكد محمد الجلواح تجاوز المشهد الثقافي السعودي لمرحلة النهوض، ولكنه من حيث الطرح يراه مسرفا في الاتكاء على التراث. ويرصد سلطان القحطاني إنشاء جامعة الملك سعود في الرياض، سنة 1957 كأول جامعة في شبه جزيرة العرب، باعتبارها أبرز حدث ناهض بالتنمية الثقافية في السعودية. أما حامد أبو أحمد فقد ركز رؤيته على المشهد النقدي في الثقافة السعودية، والذي ظهر بتأسيساته المهمة خلال عقد الثمانينات من القرن الماضي متمثلا في عبدالله الغذامي وسعد البازعي تحديدا. وعن هذه المشهد يرى محمد العباس أن الخطاب النقدي السعودي يسجل اندفاعا صاعدا باتجاه ثقافة الآخر معللا ذلك بأن النقد في الاصل حال وعي منفتحة وأداة مثاقفة متعددة الأبعاد.

وفي ختام الكتاب يقدم ذاكر آل حبيل مقاربة نقدية للمواد الواردة في الاستطلاع مشيرا إلى الطابع الوصفي الغالب على مجمل المداخلات ووقوعها في حيز الحذر من الاقتراب النقدي، كما يجد أن تركيبة المشهد الثقافي في المملكة لم تصل بعد إلى كلية مسماها الفعلي وذلك لغياب الصياغة الاجتماعية الأكثر نضجا ووعيا، وهو ما يتجلى بشكل واضح «بحسب آل حبيل» في اغفال جوانب من الانتاج الثقافي خوفا من تصادمها مع الذوق الثقافي والاجتماعي السائد.

واذا تجاوزنا بعض هفوات هذا الاستطلاع الثقافي المتعلقة بالجانب البيداغوجي والتصنيفي، فإنه يستدعي بحرينيا الحاجة الملحة لإجراء معالجة علمية وإحاطة شاملة للمشهد الثقافي في البحرين في ظل ما تعيشه من تغيرات جديدة. فإشكالات هذا المشهد المركبة ظلت - في غياب مساهمات التحديد النقدي - تؤثر على مكوناته وفواعله المختلفة، ما أدى إلى انحسار الدور الناهض للأنتلجنسيا المحلية، وهيمنة الخلفيات الايديولوجية على حركة الثقافة والابداع. وفي حين بدأ المشهد السياسي البحريني يشهد تبدلات ملحوظة، إلا أن المشهد الثقافي انكفأ على إشكالات الايديولوجية القديمة، وتعسر عليه إحداث انتقالة مماثلة لتلك التي اعترت الحياة السياسية، وهو ما يوحي بأن البنية الثقافية مازالت تصر على تشبثها برسوخاتها الفكرية المغلقة المستدعاة أصلا من تجاذبات الموقف السياسي القائم على التنازع الظاهر والباطن، العاجل والآجل





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً