مرزوق اتجه إلى الحديقة المائية محاولا البحث عن أسباب انقلاب الزمان على أهل دلمون وتحول بلادهم من بلاد المياه العذبة إلى اختفاء عيون المياه وتحويل قلاع دلمون وقبور دلمون ومعابد دلمون إلى مواقع نفايات ودمار للطبيعة...

ذهب هناك شاكيا اختفاء المياه الطبيعية، لعله يجد مساعدة من المياه غير الطبيعية جوابا، وإذا بالحديقة المائية منطقة نفايات أخرى. فحتى المياه غير الطبيعية وغير الحلوة اختفت وأصبحت بحيرتها الاصطناعية مستنقعا...

واستغرب مرزوق الحديث عن استعدادات للسياحة العائلية إذا كانت العوائل ليس لديها عين عذاري ولا حتى الحديقة المائية الاصطناعية.

ذهب مستفسرا من الذين قطعوا النخيل الطبيعية واستبدلوها بجدران أسمنتية، فوجد ان بعضهم لديه «نخيل اصطناعية» داخل «الفيلل» الجميلة التي استبدلوا بها المزارع الخلابة...

ذهب إلى إحدى تلك المجمعات ليسأل صاحبها عن ضميره أين ذهب، فردت عليه إحدى الآسيويات إنها مشغولة وليس لديها وقت للإجابة على أسئلة من هذا النوع.

سأل مرزوق الآسيوية عن صاحب المنزل الذي تخدم فيه، وفيما إذا كان بحرينيا ... وإذا بعيون الآسيوية تأخذ اللون الأحمر من الغضب...

الآسيوية: أنا لا أخدم أحدا، وهذه «الفيللة» لزوجي ولي أنا...

مرزوق: آسف، فلقد اعتقدت...

الآسيوية: توقف عند حدك، انت اعتقدت انني خدامة لأنني هندية، وهذه عنصرية منكم وليس لدي حل لها. فهذه الفيلل يسكنها عدد من الآسيويين الهنود الذين يحصلون على معاشات أفضل منكم أنتم الذين تنظرون إلينا نظرة دونية.

مرزوق: أنا آسف، فأنا لا أفرق بين شخص وآخر، فهذا حرام في الدين الإسلامي.

الآسيوية: لا تتكلم لي عن حرام وحلال، وأنا أعرف البحرين أحسن منكم...

مرزوق: أنا أتأسف وأرجو المعذرة، فلم أقصد الإساءة، وياليت أحصل على جواب لسؤال في خاطري، وإذا لم تحبي الإجابة فسأنصرف من هنا مباشرة.

الآسيوية: وماذا تريد؟

مرزوق: أخبرني البعض أن لديكم نخلة اصطناعية داخل منزلكم، فكيف ذلك وأنت في البحرين؟

الآسيوية: هذه النخلة الاصطناعية غالية وهي فوق مستواك، ولا تسأل عن شيء فوق مستواك لأنك لن تستطيع دفع ثمن لشراد مثلها، وهي هدية بمناسبة عيد ميلادي الخمسين ...

انسحب مرزوق عائدا إلى الحديقة المائية ووجد آسيوية هناك، فاقترب منها بكل أدب محاولا الحديث معها كما تحدث مع الآسيوية الأخرى، ولكن المسكينة خافت منه والتفت وإذا بمخدومتها تنظر إليها عن قرب... فعرف ان الآسيوية على الطرف النقيض وانها ليست مثل الآسيوية التي تحدث معها في أحد المجمعات السكنية.

اكتشف مرزوق ان البحرين فيها المفارقات الكبيرة، ولذلك لم يعد يستغرب من اختفاء عين عذاري ولا من تحول المياه الاصطناعية وغير الاصطناعية إلى مستنقعات ومراكز للنفايات