العدد 141 - الجمعة 24 يناير 2003م الموافق 21 ذي القعدة 1423هـ

هل يكون مقترح بيكر الأخير هو الحل للنزاع في الصحراء الغربية؟

المصطفى العسري comments [at] alwasatnews.com

في جولته الاخيرة في منطقة المغرب العربي التي قادته إلى الرباط والجزائر ومخيمات تندوف الجزائرية ونواكشوط، تقدم الموفد الخاص للأمين العام للامم المتحدة إلى الصحراء الغربية السيناتور الأميركي جيمس بيكر بمشروع حل هو الخامس، بغية الوصول إلى حل نهائي للأزمة في المنطقة التي بدأت قبل 28 سنة اثر تحرير المغرب للاراضي الصحراوية المحتلة آنذاك من قبل القوات الاسبانية.

وبحسب المشروع الجديد فإن المغرب سيمنح الصحراويين حكما ذاتيا موسعا يرقى إلى اقامة اتحاد كونفيدرالي بين الرباط والاقليم محل النزاع ضمن سيادة التاج المغربي، وهو ما يخالف الحل الثالث الذي دعا فقط إلى حكم ذاتي ضمن السيادة الإقليمية المغربية، ويخالف كذلك الحل الرابع الذي تقدمت به الجزائر والهادف إلى تقسيم الصحراء الغربية بين المغرب وجبهة البوليساريو، وهو ما قوبل برفض كبير من العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال خطاب شعبي ألقاه في مدينة العيون، كبرى المدن الصحراوية، وكذلك من قبل صحراويين نافذين في الجبهة الانفصالية الذين لجأوا أخيرا إلى المغرب.

ووفقا لتصريحات جيمس بيكر فإنه طلب من الاطراف المعنية الرد على مقترحه الجديد «الحل الخامس» قبل مطلع مارس/ آذار المقبل، والذي بناء عليه سيقدم تقريره وتوصياته الجديدة إلى سكرتير الأمم المتحدة كوفي عنان، وإلى مجلس الأمن الدولي.

ويبدو من خلال التصريحات الأولية للمسئولين خصوصا في الرباط والجزائر ان هناك توافقا مبدئيا على «حل بيكر الخامس».

فوزير الخارجية المغربي محمد بن عيسى صرح مباشرة بعد محادثات بيكر مع الملك محمد السادس أن بلاده ستنكب على دراسة المقترح الجديد، وسترحب بأي حل لا يتعارض مع وحدة التراب المغربي.

من جهته صرح أخيرا رئيس الدبلوماسية الجزائري عبدالعزيز بلخادم أن الجزائر سترحب من جهتها بأي حل يكون محل اتفاق بين المغرب وجبهة البوليساريو.

والقارئ لما تحمله طيات هذا التصريح سيلمس ولأول مرة تخلي الجزائر عن جملتها الشهيرة «رفض كل مقترح يتعارض مع حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره».

من خلال كل هذا يبدو أن الوضع في منطقة المغرب العربي عموما، والنزاع في الصحراء الغربية خصوصا هو في طريقه إلى الانفراج، وهو ما تبين كذلك بوضوح في اجتماعات وزراء خارجية دول اتحاد المغرب العربي UMA التي تمت الدعوة في نهايتها إلى ضرورة التكتل والوحدة لمواجهة تحديات العصر، وهو ما سيتعزز حتما بعد «الموافقة المرتقبة» على حل بيكر الجديد الذي سيدفع لا محالة إلى التعجيل بعقد القمة المغاربية التي طال انتظارها منذ توقف انعقادها الدوري منتصف تسعينات القرن الماضي من أجل استئناف العمل الوحدوي في الأقطار الخمسة، الذي لم يعد مطلبا شعبيا ورسميا في منطقة تأمل الوحدة منذ بداية استقلال اقطارها نهاية الخمسينات، بل أضحى كذلك مطلبا خارجيا، وخصوصا من قبل المنظومتين الأوروبية والاميركية.

فدول الاتحاد الاوروبي اصبحت تجد صعوبة في التفاوض على الموضوعات ذاتها مع دول المغرب العربي كل على حدة، وخصوصا أن المنطقة تعتبر امتدادا جغرافيا واقتصاديا وأمنيا للقارة العجوز، وبالتالي أصبحت ضرورة توحدها امرا لا مناص منه لتسهيل العمل الاوروبي سواء من حيث تصريف المنتوجات الاوروبية إلى سوق يقدر عدد ساكنيه بـ 80 مليون نسمة، أو من حيث استيراد المواد الاولية والفلاحية وعلى رأسها النفط والغاز الطبيعي والمواد المعدنية والموارد البحرية.

بالاضافة إلى ذلك فإن تكتل المنطقة سيعزز الوضع الامني جنوب أوروبا ويسهل من الاستراتيجية الأوروبية في هذا الاتجاه، وخصوصا في الحرب المعلنة ضد ما يسمى بالارهاب، أو ضد الهجرة غير الشرعية والتهريب والاتجار في المخدرات.

وفيما يخص الولايات المتحدة الأميركية، فإن مسئوليها وخصوصا الأمنيين والاقتصاديين، طالبوا بتوحيد المنطقة ضمن مشروع «ايزنشتات» الاقتصادي الرامي إلى فتح السوق المغاربية أمام المنتوجات الاميركية عبر توحيد الرسوم الجمركية، ووضع آليات للتعاون الثنائي المغاربي - الاميركي الشمالي لدول اتحاد «نافتا» الذي يضم إلى جانب الولايات المتحدة الاميركية كلا من المكسيك وكندا، بالاضافة إلى التعاون بين الجانبين في مكافحة الارهاب واجتثاثه من المنطقة التي تشكل نسبة لا يستهان بها في العالم العربي والاسلامي ومن القارة الافريقية.

على أي، فقبول دول المنطقة وخصوصا المغرب والجزائر بمشروع بيكر الكونفيدرالي الخاص بالصحراء الغربية هو الكفيل لوحده بجلب السلام الى المنطقة قصد الوصول بها إلى شاطئ الوحدة والتكتل الذي بات الاتجاه العام في عصر العولمة، وخصوصا ان مشروع الحل الخامس هو الاكثر منطقية وعقلانية والذي لن يخرج منه خاسرا أي طرف من طرفي النزاع

العدد 141 - الجمعة 24 يناير 2003م الموافق 21 ذي القعدة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً