أوردت الصحف المحلية اليومية خبرا عن اكتشاف تجاوزات خطيرة في البنك البحريني السعودي إذ تم تقديم تسهيلات ائتمانية بقيمة 17 مليون دينار إلى أحد العملاء من دون اتباع الإجراءات المصرفية الداخلية الضرورية.
ومع أن البنك البحريني السعودي ذكر أن احتياطي المصرف يمكن أن يخفض عن طريق بعض الإجراءات لتغطية المبلغ الذي تم اعطاؤه للعميل وأن المصرف لا يواجه مخاطر، إلا أن قوانين مؤتمر بازل تتطلب تطبيق معايير أساسية لتجنب حدوث عجز رئيسي.
وعلى العكس، فبسبب الظروف الخاصة لكل دولة - وفي هذه الحال مملكة البحرين - توجد حاجة إلى تطبيق معايير وإجراءات اضافية حتى يتم تفعيل الرقابة المصرفية التي عالجتها القوانين الرئيسية لمؤتمر بازل.
وبالنظر إلى القضية المذكورة أعلاه تحتاج مؤسسة نقد البحرين (BMA) إلى تطوير اساليبها الفنية في المراقبة خارج الموقع للمصارف العاملة في مملكة البحرين. ومع أن الأزمة الحالية في البنك البحريني السعودي تشكل تحديا لمؤسسة نقد البحرين فإننا نود أن نعرف هل يمكن اعتبار ذلك بمثابة خطر بانتشار العدوى. وكما ذكر لاسترا في كتابه بعنوان «الأعمال المصرفية المركزية وتنظيم الأعمال المصرفية» بالنسبة إلى موضوع خطر انتشار العدوى بأنه يجب (التقليل من هذا الخطر) على الدول النامية مثل مملكة البحرين أن تتبنى وتطبق بشكل فعال أساليب اشرافية سليمة.
المبادئ الأساسية لمؤتمر بازل
تم تطوير أهداف القوانين الأساسية لمؤتمر بازل بالنسبة إلى الإشراف المصرفي الفعال من قبل لجنة بازل للإشراف المصرفي بالتعاون مع مراقبين من عشر دول غير أعضاء في مجموعة العشرة. وتعتبر مملكة البحرين واحدة من هذه الدول التي تتعاون بشكل كامل مع لجنة بازل.
ونظرا لكون مملكة البحرين مركزا ماليا عالميا فإنها تطبق معيارا محددا يمكن من خلاله تقييم فعالية قوانينها المصرفية الإشرافية. ويشترط القانون رقم (7) على المراقبين - كجزء من النظام الإشرافي على العمليات المصرفية - تقييم سياسات المصرف وأنشطته ومعاملاته المتعلقة بمنح القروض.
وينص القانون رقم (10) أنه يجب على المراقبين المراقبة بشكل فعال واتخاذ الخطوات الفعالة للسيطرة على المخاطر أو الحد منها. كما ينص القانون رقم (14) بوضوح أنه يجب على مراقبي الأعمال المصرفية التأكد من أنه توجد لدى المصارف ضوابط داخلية سليمة بحيث تقدم شرحا بالنسبة إلى الأصول الحسوم وتعمل على التوفيق بين هاتين العمليتين وتحافظ على أصولها وأن تكون لديها عمليات تدقيق خارجية وداخلية صحيحة ومستقلة لاختبار مدى التزامها بهذه الضوابط والقوانين والأنظمة المطبقة.
وفي هذا السياق كان يجب على مراقبي مؤسسة نقد البحرين تحديد ما إذا كان البنك البحريني السعودي اتبع إجراءاته المحاسبية بالنسبة إلى عمليات الضبط الداخلية والمراجعات وباقي الحسابات. ويجب الفصل بين المسئوليات واتباع اساليب مختلفة للتدقيق والإشراف المزدوج على الأصول بما في ذلك الإشراف الفعلي وجعل أعضاء مجلس الإدارة وكبار المسئولين الإداريين مسئولين بصورة قانونية عن الاشراف على موجودات المصرف واستثماراته وحمايتها.
ويشترط القانون الأساسي لمؤتمر بازل رقم (16) مع القوانين (17) إلى (20) أن يتكون الجهاز الإشرافي المصرفي الفعال بشكل ما من مشرفين في كل من داخل وخارج موقع العمل. كما يشترط تقديم تحليلات دقيقة ومفصلة من قبل المصارف بصورة فردية تعطي تحققا مستقلا من صحة أنظمة الإشراف الداخلي وعرضا للوضع المالي لهذه المصارف. وفي هذه الحال يمكن الاطلاع على التقارير الحصيفة والعوائد الإحصائية والمعلومات العلنية المتوافرة التي يقدمها البنك البحريني السعودي.
وطبقا للمراقبة الحصيفة لمؤسسة نقد البحرين على السيولة فإنه من المتوقع عادة ألا تقل نسبة السيولة في البنك البحريني السعودي عن 25 في المئة من المجموع الكلي لخصوم الودائع.
وفي هذا السياق ذكر المصرف أنه جمع أسهما بقيمة 37 مليون دينار على مدار سنوات، وفي هذه الحال يجب معالجة التجاوزات الكبيرة التي حدثت على هذا الأساس.
الإشراف المصرفي
في مملكة البحرين
بموجب القوانين الاحترازية التي تطبقها مؤسسة نقد البحرين، يتم عقد اجتماعات منتظمة نصف سنوية مع جميع المصارف المحلية القائمة إذ تم فيها مناقشة قضايا مثل كفاية رأس المال، نوعية الأصول، الإشراف الداخلي والسيولة. ويتم أيضا القيام بزيارات تفتيشية ومناقشة أنظمة الرقابة والمحاسبة خلال اجتماعات منتظمة تعقد مع كبار مديري المصرف. ويمكننا القول بكل ثقة إنه كان يتوجب على مراقبي مؤسسة نقد البحرين ملاحظة مثل تلك التجاوزات الكبيرة التي حدثت في البنك البحريني السعودي وخصوصا أنه يطلب من جميع المصارف العاملة في مملكة البحرين تقديم عوائد معلومات (برودنشال) عن عملياتها كل ثلاثة أشهر. كذلك فإن عوائد المعلومات الربعية (PIR) مطلوبة عند التعرض لخسائر كبيرة بالإضافة إلى العوائد الاحصائية الشهرية ونصف السنوية.
شروط مؤسسة نقد البحرين بالنسبة إلى المحافظ الاستثمارية
توجد حدود للإقراض تطبق على جميع المصارف المحلية القائمة.
1- يجب على جميع المصارف الابلاغ عن أكبر 25 حالة تعرض للخسارة.
2- يجب ألا يتجاوز المبلغ الذي يمكن للمصرف اقراضه لمقترض واحد - بما في ذلك الأطراف ذات القرابة أو «حد المقترض الواحد» - عن 5 في المئة من رأس مال المصرف واحتياطه النقدي باستثناء الأرباح المحتجزة (المستبقاة).
3- تتطلب بعض الأنواع من القروض موافقة مسبقة من مؤسسة نقد البحرين.
4- يجب ألا يزيد مقدار القروض غير المضمونة على مرتب عام واحد.
ومع أن مؤسسة نقد البحرين تولي أهمية كبيرة لوجود سياسة تسليف سليمة يجب الالتزام بها، فإنها تحذر المصارف المحلية القائمة باستمرار من مخاطر تمويل المستهلكين وإعطاء القروض الشخصية. وعلى أية حال فإن البنك البحريني السعودي يبدي قلقا بالنسبة إلى المبلغ الذي تم تسليفه للمقترض (موضع الحديث) ومدى قدرة هذا المقترض على سداد هذا القرض الائتماني.
معالجة مؤسسة نقد البحرين للمصارف المتعثرة
تتم مراقبة التدابير الاحتياطية بالنسبة إلى الأصول المعدومة والمشكوك فيها في المصارف المحلية القائمة من قبل مؤسسة نقد البحرين كل ثلاثة أشهر وتحدد تعليمات (برودنشال) مدى التزام المصارف بسياسات المؤسسة. كذلك فإن بنود قانون المؤسسة رقم (23) للعام 1973 والذي يتم تعديله بين الحين والآخر يعطي المؤسسة الصلاحية الكاملة لمساعدة أي مصرف متعثر من خلال ما يلي:
1- تمديد مدة القروض في الظروف الاستثنائية لتجنب مخاطر العدوى.
2- الشروط ليست محددة بشكل واضح كسياسة، وهي تحدد من قبل مجلس إدارة مؤسسة نقد البحرين بموافقة وزارة المالية.
3- لابد لمؤسسة نقد البحرين من الحصول على موافقة مسبقة من وزارة المالية قبل أن تتولى إدارة المصرف في الحالات الآتية:
إذا أصبح المصرف عاجزا عن الوفاء بديونه.
إذا كان العجز عن الوفاء بالدين سيؤدي إلى عدوى.
إذا أصبح الأمر مخالفة خطيرة للقانون.
الخاتمة: تتطلب عائدات (برودنشال) وقانون (برودنشال) لمؤسسة نقد البحرين من جميع المصارف العاملة في مملكة البحرين تقديم تقارير تشمل العائدات الإحصائية الشهرية وعائدات بيانات برودنشال الربعية والعائدات الإحصائية نصف السنوية والاجتماعات نصف السنوية المنتظمة التي تعقد مع جميع المصارف المحلية القائمة. وكان بمقدور إدارة مراقبة الأعمال المصرفية في مؤسسة نقد البحرين اكتشاف التجاوزات الكبيرة في المصرف البحريني السعودي أثناء القيام بالزيارات الخارجية نصف السنوية وأثناء اجتماع (برودنشال) الذي عقد لمناقشة قضايا مثل كفاية رأس المال ونوعية الأصول والإشراف الداخلي والسيولة لدى المصرف. كذلك فإنه من الضروري مناقشة أنظمة الرقابة المحاسبية وضوابط (برودنشال) الأخرى أثناء مثل هذه الزيارات.
لذلك يمكننا أن نقول كنوع من التوصية - بأن هناك حاجة الى قيام إدارة مراقبة الأعمال المصرفية - بمؤسسة نقد البحرين بمراجعة سياساتها وأساليبها وإجراءاتها بما في ذلك تقوية إجراءاتها الاشرافية على النحو الآتي:
1- المراجعة الدورية لإدارة المصارف ومجلس الإدارة.
2- إيجاد مناخ ملائم يتم الإشراف عليه بشكل جيد بالنسبة إلى مخاطر التسليف مع وجود عمليات سليمة لمنح السلف.
3- الإشراف على الإدارة التي يوجد لديها مخاطر تسليف عالية وتصنيف هذه المخاطر ما سيضمن ضوابط كافية على مخاطر التسليف العالية.
4- ضمان أن تكون جميع القرارات الخاصة بالتسليف بعيدة عن المصالح المتضاربة وعن أية ضغوط من جهات خارجية أو مجلس الادارة.
ولكي تحقق مؤسسة نقد البحرين مناخا انضباطيا قويا، يجب أن تقوم إدارة مراقبة الأعمال المصرفية التابعة لها بالتوضيح وبشكل قوي للإدارة ولمجلس إدارة البنك البحريني السعودي بوجود عيوب لديهم وأنهم مسئولون قانونيا عن مثل تلك التجاوزات ولأمور تتعلق بالشفافية يجب أن تستخدم إدارة مراقبة الأعمال المصرفية سلطتها القانونية لإحداث تغييرات في تركيب إدارة البنك البحريني السعودي ومجلس إدارة المصرف لتطبيق قوانينها (البرودنشالية) ولتلبية متطلبات صندوق النقد الدولي والقوانين الرئيسية لمؤتمر بازل
العدد 141 - الجمعة 24 يناير 2003م الموافق 21 ذي القعدة 1423هـ