أرسل أحد المواطنين رسالة يسأل فيها مرزوق فيما اذا كان يفكر في الاستقالة وفسح المجال أمام غيره أسوة بما حدث وما يطالب بحدوثه في الجمعيات السياسية. فالفكرة هي ان يتجدد الدم وألا يتحول الرئيس إلى منصب أبدي يمسك به المرء حتى يموت. مرزوق راجع نفسه وشعر بضرورة أن يفسح المجال لغيره وتحدث مع عدد من أصدقائه عن الموضوع...

مرزوق: آن الأوان لأن نعقد اجتماعا ونجري انتخابات لكي يتجدد الدم وألا تتحول جمعية من لا برج لهم إلى مسئولين لديهم برج لا يستطيعون التخلي عنه، وبذلك يصبحون مثل الذين يرفضون السماح للطاقات الجديدة بالبروز...

أحد الحضور: ولكن ما مناسبة الحديث، ولماذا تطلب أن تتخلى عن مسئولياتك، ألا تعلم أن هناك مخاطر تواجه الجمعيات السياسية وغير السياسية وعلى المؤسسين البقاء حتى يستتب الأمر؟

مرزوق: ولكن الكثير من رؤساء الجمعيات والنوادي والمآتم والمراكز وحتى رؤساء الدول أيضا يقولون إنه لابد أن يبقوا في أماكنهم حتى تستتب الأمور ولكنهم يبقون في مناصبهم مدى الحياة... فهل تريدني رئيسا مدى الحياة؟

أحد الحضور: والله بصراحة إن رئاسة أي شيء أمر ممل ونحن لا نستطيع تحمُّل الملل، وأنتم الله وفقكم لأنكم مملون وتمللون عمر الناس بوعودكم، ولذلك أنا أفضِّل أن تبقى مكانك لأنه لا يوجد أحد يملل مثلك.

مرزوق: هذه إهانة، فالمنصب الأول في أية مؤسسة (صغيرة أو كبيرة) هي مسئولية وليست تشريفا مملا.

أحد الحضور: يمكن نسيت روحك، فأنت لا تخطب في جمهور ولا داعي للجمل الجميلة عن المسئولية وغير المسئولية. فكل الرؤساء يقولون هكذا. فالمخلص منهم يتورط بالأفكار هذه ويبقى حاملا الهمّ ولا يدري كيف يتخلص من منصب ممل يشعر فيه الشخص وكأنه سرق من غيره حق التطور وتسلُّم المسئوليات... أما غير المخلص فإنه يقول الكلام الممل نفسه، إلا أنه يتمتع بالنفوذ الشخصي وما يحصل عليه من مصالح ذاتية ولذلك تراه مثل المجنون المهووس الذي لم يصدق أن يصل إلى هذا المنصب وإذا به يتحول إلى حيوان شرس مستعد لعمل أي شيء لكي لا يخسر هذا المنصب الممل.

مرزوق: أنا متأكد انكم فهمتموني بالخطأ... فأنا لست متمللا من المسئولية ولست متلهفا للبقاء على رأسها... وأنا أطلب منكم أفكاركم وليست تعليقاتكم البايخة.

أحد الحضور: أنا فهمت، أنت تريد تِفْتَك وترمي كل شيء على غيرك لأنك شفت أن من لا برج لهم ليس لديهم ما يعطونك من وجاهة مثل المؤسسات الأخرى...

مرزوق: لماذا أنتم هكذا؟ تتهمونني حتى لو أبديت استعدادي، واذا قلت لكم إنني جاد تشككون في نياتي، ماذا بكم؟ وكيف تطلبون أن يتطور العمل إذا لم توجدوا البديل المستعد لتحمل المسئولية ولماذا تمتهنون التشكيك في كل شخص يتسلم مسئولية ما؟ هل تعودتم على حياة الوسواس؟ ألا تعلمون أن الوسواس الخناس لا يفيد الناس سواء كانوا ممن لهم برج أو ليس لهم برج؟

أحد الحضور: ولكن لديك مشكلة؟

مرزوق: ما هي؟

أحد الحضور: أكثريتنا مستعدون للهتاف والصراخ والانتقاد والتصفيق وهذا هو الأمر الأسهل في العمل السياسي وغير السياسي.

مرزوق: إذا لا تلومون إلا أنفسكم؟