في خضم الاستعداد للحرب صدرت عن الحكومة البريطانية اشارات مشوشة ومربكة. إذ قال وزير الخارجية البريطاني جاك سترو، الاسبوع الماضي، ان الأرجحية ستكون ضد الحرب، وخلال ساعات رد تصريحه وزير الدفاع جيوف هون.
ووفقا للتقارير، يعتقد طوني بلير سرا ان مفتشي الاسلحة يجب ان يعطوا وقتا اكثر لإكمال مهمتهم، ولكنه لم يوضح علانية موقفه حتى الآن. كما يحتفظ لنفسه أيضا بآرائه بشأن أهمية صدور قرار ثان من الامم المتحدة، لإعطاء تفويض رسمي باستخدام القوة ضد العراق قبل أي هجوم عسكري. فقد ألح الزعيم الديمقراطي الليبرالي تشارلز كنيدي على بلير مرتين بالسؤال عن ذلك في الوقت المخصّص لتوجيه الأسئلة إلى رئيس الوزراء. وإنه لأمر مضحك أن يرسل المفتشون لأداء مهمة معقدة ويتوقع منهم أن يضعوا تحقيقا نهائيا بعد أسابيع قليلة.
ويوحي نفاد صبر الولايات المتحدة برسالة واحدة فقط: ان الرئيس بوش اتخذ قراره بشأن الحرب منذ وقت بعيد، وانما ذهب إلى الأمم المتحدة ل «ذر الرماد في العيون. وهذا أحد الأسباب وراء جعل صدور قرار ثان من الأمم المتحدة شرطا مسبقا وضروريا قبل الحرب، فمن دونه ستشن الحرب بصورة مضطربة وعلى أساس قرينة يلفها الكثير من الشكوك، على رغم ان القوة العظمى ستهجم وحدها (وربما بدعم بريطاني) على حاكم طاغٍ في الشرق الاوسط.
ويخضع موقف رئيس الوزراء البريطاني بشأن هذه القضية لتخمينات كثيفة. فإذا كان الأمر أن بلير يعتقد أنه يجب أن يعطى مفتشو الامم المتحدة مزيدا من الوقت فعليه ان يقول ذلك علنا حتى لو وضعه ذلك في خلاف مع الولايات المتحدة. إذ سبب له دعمه المعلن والصارم للرئيس بوش ضررا معتبرا محليا، من دون الحصول على جائزة دوليا.
كما يجب ان يوضح موقفه من الحاجة إلى قرار ثان من الامم المتحدة، أهو ضروري ام لا؟ فقد عرف عن بلير احتفاظه بخياراته مفتوحة. ويفترض في هذه القضية انه يأمل في اصدار ثانٍ من الأمم المتحدة، ومع ذلك يرغب في دعم حليفته الولايات المتحدة حتى لو لم يصدر ذلك القرار.
ان عدم الوضوح لا يسبب عدم استقرار في حكومته فحسب، ولكنه أيضا يعتبر مربكا ومحبطا للقوات البريطانية التي أرسلت إلى الخليج. فبلير بحاجة إلى ان يكون واضحا، على الأقل ليعطي التصريح المعلن باعتراضه اشارة ضرورية للغاية إلى الولايات المتحدة بأن دعمه لا يمكن ان يعتبر حتميا. فهناك فوائد جمة من الوضوح لبلير ولبريطانيا اكثر من استمرار استمرار الموقف الغامض.
خدمة «الاندبندنت» - خاص بـ «الوسط
العدد 140 - الخميس 23 يناير 2003م الموافق 20 ذي القعدة 1423هـ