طلب أحد أصدقاء مرزوق تحديد تعريف البرج والحظ، ومتى يمكن للمرء أن يحصل على العضوية، وفي أي حال لترشيد عدد الأعضاء وترشيد عملية استقطاب المزيد من الذين لا برج لهم سعيا لتوحيد جهودهم وقلب حظوظهم التعيسة إلى حظوظ سعيدة.
الحظ هو الحظ، هذا هو التعريف الموجز. إلا ان هذا التعريف كمن عرّف الماء بالماء! فالكل يعرف ما هو الماء إلا إذا كان في بعض مناطق البحرين لأن الماء قد يكون أقرب إلى ماء «الزموتة» لوجود مكونات قد لا تكون مفيدة مثل ماء «الزموتة». فالماء لا يمكن تعريفه بالماء في البحرين. فهناك ماء عذاري، وهذا الماء كان يسقي البعيد وينسى القريب. وكان القريب طيبا جدا وسمح بذلك، فقام البعيد بالاعتداء على هذه العين وطمسها وحوّلها إلى مزبلة عذاري.
وعذاري المسكينة كانت نهرا من أنهر عدة، أعطت البحرين صفتها الحضارية منذ قديم الزمان. ولو قدِّر لأحد أهل دلمون ان تعاد إليه الحياة في أيامنا هذه لصعق ومات فورا لما وصلت إليه حال عذاري؛ ولانهال علينا باللعنات والويلات ولولّى هاربا شطر معبد باربار أو معبد الدراز ليشكونا عند ربه. ولكنه المسكين سيفاجأ بأننا دمرنا معابده، لذلك سيولي هاربا شطر المرثية التجارية الكبرى وقلعتها التاريخية، فسيجد قرية مسكينة اسمها القلعة وقرية مسكينة أخرى اسمها كرباباد وسيجد أهلها لا يعلمون عما يتحدث، ولا يدرون ان أجدادهم كانوا أصحاب تجارة عامرة تربط بين بلاد ما بين النهرين (العراق) ووادي الأندوس (باكستان)... وكل ما يعلمه ابن القلعة وكرباباد أن الزمن يحاربه ليلغي هويته وهوية منطقته، وان القلعة أصبحت مركزا لرمي النفايات وقريبا سيتم دفن ما تبقى من آثار للمدينة الدلمونية التي اكتشف علماء الآثار ان أحد جدرانها عمره أكثر من أربعة آلاف سنة.
ولو ذهب الدلموني ليدفن نفسه في مقابر أجداده هربا من البحرين وأهلها فسيجد ان أجداده انتهى أثرهم وعظامهم تناثرت ولا توجد ولا حتى قطعة ثمينة واحدة مما كان يُدفَنُ مع أجداده، فقد انتهبت على مر آلاف السنوات، وقمنا ببناء وتشييد كل شيء الا قبور الدلمونيين المساكين.
ولو حاول الدلموني الفرار إلى النخيل ليلتجئ إليها من قساوتنا، فلن يجد نخلة إلا داخل مجمع يسكنه غير الدلمونيين والذين يتمتعون بمشاهد خلابة داخل مجمعاتهم، ولكن الدلموني المسكين لا يرى شيئا خلف تلك الجدران العالية التي تم تصعيدها لكي لا ينظر إليها أي دلموني، وتصيبه الحسرة وينفجر قهرا.
صديق مرزوق: بس، بس، لا أريد أي تعريف منك، فأنا فهمت قصدك. لقد كنت أعتقد أن عديم البرج هو الذي يخضع لحوادث خارجة عن إرادته، ولكن يبدو من حديثك ان انعدام الحظ مرتبط بعين عذاري وبدلمون وقبور أهل دلمون وقلعتهم... ويبدو انك تفكر في الماضي وليس في المستقبل...
مرزوق: من ليس له ماضٍ ليس له مستقبل!
إقرأ أيضا لـ "حظك يا مرزوق"العدد 138 - الثلثاء 21 يناير 2003م الموافق 18 ذي القعدة 1423هـ