الوطنية تعمل ولا تتكلم... تلك حكمة كيف نضعها على الواقع أزاهير وورودا وياسمين بدلا من ان نجعلها محسوبيات تنهش، وغشا يعض وفسادا ينخر. أنت تغمس الحرف بالعطر عندما تتكلم عن الوطن. والحديث عن الأرض له مذاق لا يعرف الحدود، انه يتحول إلى عشق لا يمكن ان تفصله تلك المنغصات السياسية من قوانين مربكة. فإنّا قد نختلف ولكن عشق الأرض ومحبة المملكة وتذوق الأصالة لا يمكن ان يفصل الذاكرة عن الارتباط والتشبث بهذه الأرض.
لا يمكن ان ينفصل البحريني الأصيل عن وطنه كما لا تستطيع العين ان تنفصل عن أهدابها، ولست مبالغا وأنا أهدي عبق كلماتي إلى «أوال»، لست مبالغا إذا ما قلت ما قاله شاعرنا الأمير الدمشقي وفي ذكرى عام جديد:
إن بحرا من العشق يغرقني فكيف لي أن أواجه عشق البحرين فها أنذا قد جئت لأنام على ذراع المنامة».
وأنا على يقين بأن لا أحد يعرف عشق البحرين إلا من زرع في أرضها ذكرى وتاريخا طويلا بأجداد وأجداد، زرعوا خصوبة تحميهم هالة الانتماء إلى الأرض بلا حاجة إلى حبوب منشطة، فالأرض تلفظ من ليس منها.
عام مضى وأشياء كثيرة تحققت، ولكن أشياء أخرى لم تتحقق... وليس من الإنصاف ان يبقى الحال على ما هو عليه، لقد أصبحنا نشهد تغيّر الأمكنة وشوارعها بتغيير ساكنيها، فمنطقة سار مثلا تنقسم إلى سارين، «سار الفقراء»: ومحياها كمرأة شمطاء مصابة بالجذري. أما سار المترفين: فشوارعها وجمالها وإضاءة مصابيحها يختلف عن البقية.
ملاحظات سريعة
- تصريحات بعض نوابنا من قبيل قوله «تضخيم الصحافة لظاهرة السرقة وعدم استطاعة اللغات المكسرة استيعابها» تصريح مستعجل كتصريحات سابقة تفتقد الدقة. وما كان هذا العشم... وشكر جزيل من العوائل المتضررة من السرقة لنوابنا الأعزاء.
- بعض المعينين يطالب في خطبة له «بإقامة الحدود - بلا رحمة - على سرّاق المنازل. وهنا نقول: نتمنى أن تكون هذه الحمية أيضا في إنزال الحدود على الفسادين المالي والإداري.
ما دخل الديمقراطية بالسرقات؟ ما دخل الحرية بأعمال عبثية! لقد أثبت الشارع البحريني بأطيافه مدى قدرته على إمساك قاعدته وشبابه ومريديه في أحلك الظروف وفي أحرجها، فلا يوجد داعٍ للعب بالنار، فإن الفتنة تحرق الجميع وتحرق تلك الأصابع التي تعمل على إذكائها بكلماتها غير المسئولة. نحن مع الأمن ومع سلامة الأمن، ويجب أن نضرب بيدٍ من حديد على يد كل من تسوّل له نفسه ضرب أمن المملكة، ولن يكون هناك أحرص على الأمن من جمعياتنا السياسية ومن رموز الحركة الإسلامية والوطنية.
إن مثل هذه الحوادث الخطيرة لا تزيد المراقب إلا إيمانا بالحرية والديمقراطية، فإن هذه التصرفات الهوجاء تجعلنا نزداد ثقة بحماية ترسيخ القانون وبحكم المؤسسات المدنية. وهنا ينبغي ان توضع دراسة علمية تربوية دقيقة مشفوعة باستبانة علمية للحال الذي وصل إليه الشباب المتهور من الانفلات والإباحية في ليلة رأس السنة الميلادية
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 138 - الثلثاء 21 يناير 2003م الموافق 18 ذي القعدة 1423هـ