العدد 138 - الثلثاء 21 يناير 2003م الموافق 18 ذي القعدة 1423هـ

الإصلاحات تتطلب إدارة قوية وأحلاما واقعية:وزارة الصحة مثالا

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

في مختلف بلدان العالم الاكثر انفتاحا يتركز الحديث على ضرورة اصلاح الادارة العامة للخدمات التي توفرها الدولة للمواطنين. ولو فتح المرء صحافة بلاد من البلدان التي نعتقد ان لديها تطورا في مجالات الخدمة لمواطنيها فسيجد الحديث على اشده في مجالات مهمة ترتبط بحياة المواطن اليومية. ولعل اهم ما يرتبط بحياة الناس الاعتيادية اليومية، هي خدمات الصحة وخدمات التعليم وخدمات المواصلات ومتطلبات مكافحة الجريمة (الاعتداءات، الخ) ومتطلبات اللحاق بالحركة الاقتصادية العالمية في المجالات المتقدمة لضمان وجود وظائف ترفع مستوى المواطنين وتوفر مزيدا من الرفاهية لهم.

وليس عيبا ان تبدأ وزارة الصحة في التحدث عن «احلام» المسئولين فيها لاصلاح الاوضاع. فعلى رغم وجود افضل انواع طب الاسرة في المنطقة، وعلى رغم وجود اطباء على مستوى عال من الخبرة فإن نظام الصحة العامة نشأ في ظروف معينة وتطور وصل إلى وضع حالي يحتلاج الى الاصلاح لاسيما في اهم مستشفى لدى البحرين: مستشفى السلمانية. فخدمات الطوارئ لديها خبرات فائقة ولكنها غير منظمة بطريقة تخفف من وجود الحالات التي لا تتطلب علاج الطوارئ، وبعض الاطباء (فقط بعضهم وأقلية منهم) اساء استخدام صلاحياته باعتباره طبيبا واستخدم امكانات الصحة العامة لمزاولة طبه الخاص، وكلفة العلاج ازدادت الا ان مخصصات الموازنة في الدولة لم تواكب حجم الطلب المتزايد على الخدمات الصحية العامة. فكثير من الامراض الجديدة دخلت البحرين بعد نشوء جاليات كبيرة من بلدان اخرى، وكل هذا ضغط على الخدمات الصحية. ولا توجد لدينا موازنة للبحث الطبي كما لا توجد لدينا استراتيجية واضحة لاعادة تنظيم الخدمات الصحية بما يضمن توافر ما هو متوافر من خدمة لمن يحتاج إليها بأسرع وقت ممكن.

وحتى قرار انشاء مستشفى مركزي آخر في مدينة المحرق لا يبدو انه ضمن استراتيجية واضحة المعالم، اذ ان مشروع من هذا النوع يتطلب ادارة وطنية (وليست أجنبية) متمكنة وواعية لآخر انواع التكنولوجيا المستخدمة في الخدمة الصحية. وعلى عكس ما قد يتصوره البعض، فإن الذين يديرون شئون الصحة العامة في البلدان المتقمة قلما يكونون اطباء. ففي اوروبا مثلا، المعاش الذي يتسلمه الجراح المختص، مثل مجدي يعقوب في بريطانيا، هو اضعاف ما يتسلمه وزير الصحة. ووزير الصحة ليس مجاله منافسة وتصفية حساب مع هذا الجراح أوذاك، وانما مجاله هو توفير التسهيلات والبنية التحتية التي يستفيد منها الجراحون والطباء.

الوزير مهماته ليست طبية، وانما ادارية... والوزير ليس باحثا اكاديميا وانما مسهل لعمل الباحثين... والوزير ليس دوره نقابيا وانما مشرف على الخدمة العامة التي توفرها الدولة... والوزير ليس مهنته تحديد اسعار السوق، وانما مهنته التأكد من عدم وجود فساد اداري يستغل التسهيلات الطبية العامة من اجل المصلحة التجارية الخاصة... والوزير ليس دوره نشر الاحلام وانما وضع خطة عملية قابلة للتطبيق مع الاخذ في الاعتبار القدرات الاقتصادية للدولة والمجتمع... والوزير ليس دوره مديرا للعلاقات العامة، وانما دوره استعراض السياسات امام مجلس الوزراء وامام البرلمان وأمام الصحافة من دون تشنج ومن دون حساسية ومن دون اعتقاد بأن هناك من يخطط ضده أو ان هناك من يكرهه ويحاول الاطاحة به. فالوزير هو شخص يحمل «الوزر»، يحمل المسئولية، نيابة عن المجتمع لخدمة المجتمع.

الوزير واجبه ان يضع الخطة العامة ويترك التفاصيل إلى الاختصاصيين المؤهلين. فمثلا، الخطة تتطلب تقليص فترة الانتظار في مستشفى السلمانية من أربع وخمس ساعات إلى ساعة، أو تكثير عدد الاختصاصيين في مستشفيات الولادة لاجراء العمليات القيصرية بما يتناسب مع التجربة والمعلومات المتوافرة عن الحاجة إلى مثل هذا الامر،الخ.

الوزير مهمته محاربة الفساد الاداري من المسئولين الكبار والموظفين الصغار ومن الاطباء، ولكن ليس دوره ان يوجه ضربات موجعة بصورة غير مفهومة. مهما كان الامر، فالوزير هو القائد المحنك الذي لا ينزل إلى مستوى المهاترات، فالقائد لديه وظائف قيادية كبرى ويلزم ألا يكون لديه وقت للمناوشات الكلامية

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 138 - الثلثاء 21 يناير 2003م الموافق 18 ذي القعدة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً