العدد 2234 - الجمعة 17 أكتوبر 2008م الموافق 16 شوال 1429هـ

البرامج الحوارية يقتلها ضيق الوقت... وتسعى وراء العناوين المثيرة

على شاشات الفضائيات العربية الآن هناك مجال لكل شيء إنما بطريقة عربية محلية، فللضحك مكان، وللتسابق مكان وللشجار رواد، وللفنون محطات، وللثرثرة والحديث والأخذ والرد عشرات ما لم نقل مئات البرامج، وتنوع البرامج وتفاوتها كان الحكم ما بين الأسماء التي نجحت واستمر عرضها لمدة طويلة، وما بين البرامج التي لم تستطع تقديم الجديد.

فالبرامج الحوارية التي بدأ عرضها مع بدايات البث الفضائي العربي، تشهد الآن الكثير من التطورات والتغيرات، فبعد أن كانت غالبية البرامج الحوارية ذات طابع سياسي مصدره الرئيسي الأخبار، بدأت البرامج الحوارية الترفيهية بفرض نفسها على الساحة، فقدمت الكثير من القضايا والعناوين الشائكة، وطرحت قضايا كان الكثير منها مغيبا لا يجوز الحديث في أعماقه.

بداية عرض هذا النوع من الحوارات لاقى نجاحا منقطع النظير خصوصا أن الناس تحب الثرثرة طالما أننا لا نتحدث عنها، كما أن القالب الإعلامي جديد، يعبر عن بعض ما يجول في خاطر الناس من أفكار وموضوعات وقضايا، غير أن تكاثر هذه البرامج من دون رقيب أو حسيب أساء لها بقدر ما أغناها. فالموضوعات المطروقة بكثرة، والضيوف المتكررين، وضيق وقت عرض القضية والجدل فيها، ورقابة التلفزيونات والمجتمع على الأفكار والحوار بطريقة أو بأخرى، من أبرز الأمور التي أخرجت نماذج لا ترتقي للمطلوب، أو أنها على أقل تقدير تسببت في فشل بعض حلقات برامج ناجحة تستقطب عددا كبيرا من المشاهدين.

ولعل مسألة الوقت في هذه البرامج من أحد أبرز العناصر التي أثرت سلبا فيها، فغالبية البرامج الآن تسعى وتتنافس في تقديم موضوعات عميقة ومعقدة في المجتمع، هذه الموضوعات في غالبها ضخمة ويصعب الإلمام بأساسياتها في برنامج من ثلاث ساعات، فكيف باختصارها بتقرير مدته خمس دقائق، يعقبه حوار من قبل عدة أشخاص يستمر كأقصى حد لربع ساعة، ولا بد من إدارة الحوار على جميع الضيوف بالتساوي قدر الإمكان ما قد يمنع بعضهم من تقديم معلومة مهمة جدا، لا لشيء سوى لأن الدور في الحديث للضيف الذي يليه.

بعض البرامج أوجدت لنفسها حلا مع الوقت بأن تجعل الحلقة تمتد لمدة ساعتين تقريبا، تتنوع فقراتها ما بين التقارير المصورة والحوارات المباشرة والمقابلات المسجلة. فاستطاعت بهذه الطريقة أن تتغلب على مسألة ضيق الوقت وافتقار الحوار للكثير من زوايا النقش، غير أن هذه البرامج على الرغم من تفوقها على الكثير من قريناتها إلا أن مسألة القضايا المكررة ومحدودية الضيوف لم تعف بعض حلقاتها من الفشل.

وعلى رغم أن الكثير من العناوين الحساسة عرضت وقدمت، إلا أن الكثيرين أجمعوا على أن نسبة لا بأس بها مما قدم كان مجرد عنوان حلقة مثير، فلا المقدمين تجرأوا على تسمية الأشياء بمسمياتها، ولا الضيوف جازفوا بأن تعرض أراءهم بكل صراحة من دون تردد ما جعل من هذه الحلقات عناوين ضخمة لحلقة هزيلة لا تقدم شيئا جديدا أو مهما.

أيضا من المآخذ التي تؤخذ على هذه البرامج أن الحلقة قد تقدم مجموعة منوعة من القضايا أو الأخبار التي يتم التعليق عليها، فقد يوجد تقرير مصور مأسوي الطابع عن أسرة تعيش واقعا صعبا ومريرا، يتبعه مقابلة مع فنان، قد يغني أو يروي حادثة طريفة مرت به، ما جعل المقدمين فاقدين للصدقية أمام الجمهور الذي يراهم في البداية دامعي العيون، ومن ثم يرى ابتسامة عريضة مرحبة بالضيف التالي. كما أن الكثير من هذه الحلقات تحوي فقرات ترويجية بشكل صريح لمنتجعات أو كماليات زينة أو تجميل وما إلى ذالك، وهو ما ليس مقبولا حشرة في حلقة تتناول في عدة فقرات قضايا يضيق لها الصدر وتدمع لها العيون

العدد 2234 - الجمعة 17 أكتوبر 2008م الموافق 16 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً