العدد 134 - الجمعة 17 يناير 2003م الموافق 14 ذي القعدة 1423هـ

المطلوب إصلاح الصحة العامة وليس «استعداء» الرعاية الطبية الخاصة

هشام عبدالرحمن خليفة comments [at] alwasatnews.com

بما أننا في مجتمع يخضع إلى قوانين السوق فإن من المهم اتباع اجراءات تنظيمية لحماية المجتمع من التصرف الانفرادي للحد من جشع الانسان أو اعتداء طرف على آخر. ولعل هذا ما دفع الكثير الدخول بحماس في النقاش حول الرعاية الطبية.

ان الترتيب الجديد لتنظيم مهنة الأطباء يبدو حسنا للوهلة الأولى لأنه يساوي بين الأطباء في الصحة العامة والرعاية الخاصة وبالتالي ضبط المهنة بصورة متوازنة.

إلا أن مما يؤسف له هو أن رؤية وزير الصحة خليل حسن تتجه إلى إحداث شرخ بين الأطباء، وربما إثارة أجواء عدم الثقة في المهنة من خلال وضع سقف لأسعار الرسوم المتعلقة بالاستشارة الطبية الخاصة، والابتعاد عن الامور الاهم المتعلقة بتنفيذ سلسلة من الاجراءات والاصلاحات الملحة.

ربما اننا في بداية فترة طويلة من السياسات المثيرة للجدل، خصوصا ان هناك مشكلات شخصية ستعوق كثيرا من الاصلاحات. فالفرصة التي بين ايدينا قد نخسرها لان الوزير يستهدف العلاج الخاص بصورة مثيرة وهذا سيؤثر على خدمات وزارة الصحة خصوصا مع الطلب المتزايد باستمرار.

وعندما نأخذ في الاعتبار التدفق الحالي للمواطنين وغير المواطنين فاننا نرى الحاجة الملحة لاعادة هيكلة الصحة العامة، وليس توجيه ضربة موجعة للرعاية الطبية الخاصة. فهذا سيؤدي إلى انخفاض الجودة ونزوح الاطباء إلى خارج البحرين وبالتالي تعريض مشروع الوزير الذي يتحدث فيه عن السياحة الطبية للفشل.

أن السبب في عدم مقدرة نظام الصحة العامة مواكبة المتطلبات المستجدة يرجع الى عدم وجود استراتيجية واضحة للإدارة ووجود اساليب غير خاضعة للشفافية. ومع استمرار الوضع الحالي فإن الوزارة ستخسر الجودة في الصحة العامة وسيضطر المواطن اللجوء إلى الرعاية الخاصة خارج الاطار الرسمي لان الجمهور لا يرى العلاج الخاص خيارا ثانيا ولكن بالأحرى قد يراه خيارا وحيدا لأن استراتيجية الصحة العامة غير موجودة.

وإذا كنا نتحدث عن مبادئ السوق فإن علينا أن نقارن باعتدال وضعنا مع غيرنا ومن الأفضل لوزير الصحة أن يركز على تحسين الرعاية الصحية العامة بوضع استراتيجية واضحة وقابلة للتنفيذ على المدى الطويل.

كما يجب أن تتوجه الأنظار إلى جودة الخدمات وكيف يتم تمويل الوزارة مختلف الأقسام والتخصصات وكيف يمكن تقوية الرعاية الطبية العامة بالاستفادة من الرعاية الطبية الخاصة وليس بـ «استعدائها». فليس من السليم أن تصبح الرعاية الطبية الخاصة كبش الفداء لعجز الصحة العامة عن الوفاء بالطلب المتزايد، خصوصا عندما تهدر كثيرا من الأموال على قضايا يمكن تفاديها.

وباختصار اذا كان هناك شيء يحتاج الى العناية الفورية فإنه نظام الصحة العامة وليس الخاصة. وفيما يتعلق بالعلاج الخاص، دعه ياسعادة الوزير للسوق ليحدد السعر الملائم لرسومه، وتذكر أنه مع وجود عدد ضخم من العيادات الخاصة فإن هناك منافسة عادلة، وبالتأكيد سينتج عن ذلك مستوى أسعار ملائم لمتطلبات السوق ودعم متواصل للصحة العامة

العدد 134 - الجمعة 17 يناير 2003م الموافق 14 ذي القعدة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً