العدد 131 - الثلثاء 14 يناير 2003م الموافق 11 ذي القعدة 1423هـ

فضائح عبرية: شارون خسر ثقة الناخب الإسرائيلي... لكنه سيربح الانتخابات

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

تصاعدت الضغوط التي يخضع لها رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون، الذي هزته سلسلة فضائح الرشاوى والفساد التي طاولته شخصيا مثلما طاولت نجليه وحزب الليكود حين قرر مستشار الحكومة الإسرائيلية القضائي إلياكيم روبنشتاين، استدعاء شارون ونجليه عومري وجلعاد للتحقيق بعد الكشف عن تلقيهم 1,5 مليون دولار رشوة لتغطية عجز كان أدين به خلال انتخابات العام 1999 وحاول التستر على هذه الرشوة بالادعاء انه رهن مزرعته التي تبين لاحقا ان المصارف لم تقبل رهنها لإقامتها على أرض تخص الدولة العبرية.

وفي حين دعاه خصمه الانتخابي زعيم حزب العمل عميرام ميتسناع، علنا إلى كشف الحقيقة كاملة أو تقديم استقالته، أجمع المحللون الإسرائيليون، على ان تأثير هذه الفضيحة الجديدة بات واضحا على حزبه «ليكود» الذي ترجح استطلاعات الرأي فوزه في الانتخابات. ومن هنا رجح هنري سيغمان (عضو مسئول في مجلس العلاقات الخارجية الأميركية) في مقال نشرته «إنترناشينال هيرالد تريبيون» في حال حصل تراجع في الدعم الشعبي الذي يحظى به حزب «ليكود» بسبب الفضائح المالية، فإن شارون لن يستطيع تشكيل حكومة من دون مشاركة حزب العمل.

وكتبت «معاريف»، ان ثغرة ظهرت هذه المرة في نظام شارون للدفاع عن نفسه. ولم يتمكن رئيس الوزراء من دحض جميع القضايا القذرة. وتابعت ان المعلومات التي تتكشف يوميا جعلته يخسر مقاعد لصالح تشكيلات الوسط واليمين المتطرف والمتشددين. في حين أفاد استطلاع «يديعوت أحرنوت»، ان حوالى ثلث الإسرائيليين يعتبر ان رئيس الوزراء الإسرائيلي لم يعد جديرا بتولي هذا المنصب. غير ان ما أثار حفيظة آرييل شارون، ان 16 في المئة من أنصار «ليكود» قالوا انهم لم يعودوا يثقون به، ولم يجد شارون ما يدافع به غير القول وفي موقف علني من الاتهامات الموجهة إليه ان تقارير الفضائح «افتراء سياسي شائن».

ورأى زئيف سيغال في «هآرتس»، أن تلقي شارون ضمانة مصرفية بقيمة 1,5 مليون دولار تطرح من دون شك الكثير من الأسئلة. فبمجرد حصول شارون على هذه الأموال أو الضمانات تعتبر إساءة للثقة التي منحت له. وذكرت «هآرتس»، في مقالها الافتتاحي، أن شارون كان متهما بالرشوة وباستغلال الثقة الممنوحة له حتى قبل أن يصبح رئيسا للوزراء. لافتة إلى انه أخضع للتحقيق حين كان وزيرا للخارجية في حكومة بنيامين نتنياهو، في العام 1999 بشأن علاقته بقضية الغاز الروسي. ورأت الصحيفة العبرية ان شارون، الذي مازال متفوقا في استطلاعات الرأي مطالب بأن يوضح ويفسر للرأي العام علاقته بقضية الفساد الانتخابي. وأكدت ان المدعي العام الإسرائيلي إلياكيم روبنشتاين، مطالب أيضا بالعمل على استكمال وتسريع التحقيقات بشأن هذه الفضائح. فليس هناك أي مبرر لتفادي ذلك وخصوصا ان الأوان يكون فات في 29 يناير/ كانون الثاني أي في اليوم التالي لموعد الانتخابات العامة.

ولاحظ ألوف بن في «هآرتس»، ان المشكلات تلاحق شارون ومصادر قوته بدأت تتداعى. وإذ لفت إلى ان حكم شارون، مرهون لأربع قوى رئيسية، منحته ائتمانا سياسيا ساعده على البقاء، هي: الولايات المتحدة، وحزب العمل، والبيروقراطيون، ورفاقه في حزب «ليكود»، أوضح ان دعم الرئيس الأميركي جورج بوش، عزز نفوذ شارون وموقعه حتى يومنا هذا. وفي المقابل وافق شارون «في المبدأ» على المبادرات الأميركية، من اتفاق ميتشيل، إلى خطاب بوش، و«خريطة الطريق»، وأحجم عن طرد ياسر عرفات، وإعادة احتلال قطاع غزة. الأمر الذي كان كافيا للإدارة الأميركية لشراء بعض الهدوء في أوروبا، وفي العالم العربي بالنسبة إلى الموضوع العراقي. ولكن بن، تساءل: ماذا سيحدث في اليوم التالي؟ لافتا إلى ان شارون يراهن على انشغال بوش في الحملة الانتخابية الرئاسية للعام 2004، وبالتالي فإنه سيتجنب التصادم مع اليهود الأميركيين. ولكن إذا قررت واشنطن ان الوقت قد حان لاسترداد ديونها، وطالبت بتجميد المستوطنات واستئناف المفاوضات، فإن شارون سيواجه وقتا عصيبا. فهو يدرك جيدا ان «خريطة الطريق» ستقود إلى اتجاه واحد: تدويل الصراع، وحدود العام 1967. أما بالنسبة إلى حزب العمل، فاعتبر بن، ان الأزمة الدبلوماسية مع بريطانيا هذا الأسبوع كانت مثالا على نوع الضغوط الدولية التي ستفرض على حكومة اليمين المصغرة. لافتا إلى ان قرار حزب العمل بالانضمام إلى الحكومة سيحدد مصير شارون السياسي. فكلما كان ضعيفا تمسك حزب العمل بموقعه في المعارضة بانتظار سقوط شارون. أما البيروقراطيون، فقد لفت بن، إلى ان شارون، أعطى اهتماما كبيرا لمراكز القوى البيروقراطية، وتجنب الدخول في أية مواجهة مع قادة الجيش والأجهزة الأمنية والشرطة والنظام القضائي. وفي المقابل حصل شارون على دعم هؤلاء في حربه ضد ياسر عرفات. ولكن في الأسابيع الأخيرة حصل تصدع ما. لافتا إلى التسريبات التي بدأت تظهر حول فضائح الفساد الانتخابي... كما لفت بن، إلى ان هناك تسريبات إعلامية تقول إن شارون أطلق وعودا إلى رفاقه في حزب «ليكود» بالحصول على حقائب وزارية بعد فوزه في الانتخابات. وأضاف انه من غير الواضح بعد كيف سيفي شارون بوعوده هذه، خصوصا إذا كان يريد تشكيل حكومة وحدة وطنية. وخلص بن، إلى ان المشكلات تلاحق شارون، ومصادر قوته بدأت تتداعى، متسائلا بتهكم ما إذا كان سيتمكن شارون هذه المرة أيضا من إيجاد مليونير آخر، يستطيع إخراجه من الهوة التي وقع فيها؟

اللافت في مسألة الانتخابات، ما كتبه أوري شبيط في «معاريف»، الذي توقع أن يلي الانتخابات المبكرة التي تجري في 28 يناير حل الكنيست وأن تجد «إسرائيل» نفسها في حملة انتخابية أخرى. الانتخابات المبكرة التي ستلي الانتخابات المبكرة ستكون حتمية. لافتا إلى ان اليمين واليسار لم يستوعبا عمق الانعطاف في عراق ما بعد صدام. فالانتخابات الحالية تجري قبل عدة أسابيع وربما قبل عدة أيام من بدء الهجوم الأميركي على العراق. موضحا ان نتائج الهجوم ستغير جذريا خريطة الشرق الأوسط. وخصوصا أن أميركا، ستحاول أن تثبت لحلفائها في العالم العربي بأن استبدال النظام في العراق، لن يكون جزءا من المؤامرة الصهيونية وبالتالي ستدفع «إسرائيل» الثمن. ويشرح شبيط، انه من دون عراق معاد سيزال نهائيا تهديد الجبهة الشرقية، وستضعف قوة مساومة السوريين والفلسطينيين فهم سيضطرون إلى عرض موقف أكثر اعتدالا لاستئناف المفاوضات السياسية واستكمالها. ومن جهة أخرى، ستتوخى الولايات المتحدة، إكمال عملية شاملة في الشرق الأوسط، وستحاول أن تثبت لحلفائها في العالم العربي بأن استبدال النظام في العراق، لن يكون جزءا من المؤامرة الصهيونية وسيطلب إلى «إسرائيل» أن تدفع الثمن. وإذ توقع أن يبقى شارون مع حكومة وحدة أخرى، رأى ان المشكلة هي ان شروط إقامتها هذه المرة مثيرة للمشكلات من ناحية شارون. والصعوبة الأساسية ستكون من الداخل.

في أية حال، وعلى رغم تراجع شعبية شارون واحتمال أن تفشله الفضائح، اللافت ما كشفت عنه «هآرتس،» عن لقاء سابق عقده السفير الأميركي في تل أبيب دان كيرتسر، مع مسئولي وزارة الخارجية الإسرائيلية كشف فيه عن خلو أجندة الرئيس جورج بوش من عملية السلام بقوله ان أولوياته هي: تثبيت الوضع في العراق، والاستمرار في الحرب على الارهاب، والأزمة مع كوريا الشمالية، وإعادة بناء الاقتصاد الأميركي، وأخيرا الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2004. ولاحظ هنري سيغمان (عضو مسئول في مجلس العلاقات الخارجية الأميركية) في «إنترناشينال هيرالد تريبيون»، ان شارون، يريد أن يوهم الناخب الإسرائيلي المعتدل بأنه سيركز خلال ولايته الثانية في حال فوزه في الانتخابات العامة الإسرائيلية على تحقيق السلام مع الفلسطينيين. ولكن سيغمان رأى ان هناك أسبابا حقيقة للتخوف من نوايا شارون. مرجحا ان تزداد الأوضاع سوءا مع عودة شارون إلى الحكومة. فخلافا للصورة المعتدلة التي يحاول شارون ترويجها خلال السنتين الماضيتين، فإنه سيبذل كل ما في وسعه لمنع قيام دولة فلسطينية مستقلة. لافتا إلى انه على رغم ان شارون لم يفوت فرصة واحدة لإعلان تأييده رؤية الرئيس بوش، فإنه استمر دائما في تشجيع النشاطات الاستيطانية الكفيلة بالقضاء على هذه الرؤية، والكفيلة بإجهاض أي جهود تسعى إلى استئناف محادثات السلام مع الفلسطينيين. ورأى سيغمان، انه إذا حصل تراجع في الدعم الشعبي الذي يحظى به حزب «ليكود» بسبب الفضائح المالية، فإن شارون لن يستطيع تشكيل حكومة من دون مشاركة حزب العمل، الذي يشترط وقف النشاط الاستيطاني بشكل فوري كي ينضم إلى الحكومة. وخلص إلى القول ان ثبات حزب العمل على مواقفه، هو أمر متوقف على رئيسه ميتسناع، وما إذا كان سيوافق على أن يشكل غطاء لأخطاء شارون كما فعل شمعون بيريز، وبنيامين بن إليعازر، أم سيتصرف على أساس انه رجل يؤمن بالسلام كما يدعي

العدد 131 - الثلثاء 14 يناير 2003م الموافق 11 ذي القعدة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً