العدد 131 - الثلثاء 14 يناير 2003م الموافق 11 ذي القعدة 1423هـ

موعد الحرب

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

المنطقة على موعد مع تطورات خطيرة يبدو أنها ستقرر مصيرها لسنوات طويلة. يشمل الموعد محطات زمنية متتابعة: الأولى في 27 يناير/ كانون الثاني الجاري، وهي موعد تقديم رئيس فرق المفتشين هانز بليكس تقريره النهائي إلى مجلس الأمن بشأن مهمة البحث عن «أسلحة الدمار» في العراق. الثانية 28 يناير وهي إجراء الانتخابات الإسرائيلية واحتمال تجديد الثقة برئيس الوزراء الحالي إرييل شارون وتكتل «الليكود». الثالثة بدأت منذ فترة ليست قصيرة وهي استكمال الحشد العسكري الأميركي في «الشرق الأوسط» ويتوقع ان يصل قبل نهاية الشهر الجاري إلى ما يزيد على 120 ألفا.

المحطات الثلاث مترابطة، وانكسار حلقة منها يعني تمديد فترة المواجهة أو تأجيلها لإعادة قراءة الموقف وتحديد خيارات تتوافق مع منطق الاستراتيجية الأميركية العامة وتتمثل حتى الآن في تغيير النظام الحاكم في بغداد من طريق القوة واستبداله بنظام جديد تشرف الولايات المتحدة مباشرة على وضع أسسه السياسية.

هذه المهمة تنتظر ثلاثة عوامل مساعدة وهي ضرورية لوضوح الصورة لأنها تعطي المبررات الكافية لنضوج الموقف وترجيح الخيار العسكري الأميركي.

العامل الأول: دولي. وهو حسم الدول الكبرى موقفها، وهذا ينتظر نتائج التحقيق الذي سيرد في تقرير بليكس النهائي.

بليكس يقول ـ حتى الآن ـ إنه لم يجد أي دليل يؤكد مخالفة العراق القرارات الدولية، ولكنه يضيف أن عنده بعض الشكوك، ولذلك يطالب الأمم المتحدة بتمديد وقت البحث وتوسيع مهمات فرق التفتيش وزيادة عدد عناصرها حتى يكون حكمه النهائي أكثر دقة وشمولية.

الدول الكبرى تقول ـ حتى الآن ـ إنها لا تستطيع الموافقة على خيار الحرب إلا بعد إكمال بليكس مهمته. وهذا يعني أنها مع قرار التمديد والتوسيع والزيادة. وأنها أيضا تفضل إعطاء فرصة أو المزيد من الوقت لقراءة الموقف من كل جوانبه حتى تعطي كلمتها النهائية. فالدول الكبرى ليست ضد الحرب ولكنها ضد أعمال عسكرية تقوم بها الولايات المتحدة منفردة من دون غطاء دولي.

العامل الثاني: إقليمي (إسرائيلي تحديدا) وهو انتظار نتائج الانتخابات الإسرائيلية واحتمال حصول «صدمات سياسية» غير متوقعة من نوع عدم فوز حزب شارون بغالبية كاسحة، كما أشارت استطلاعات الرأي سابقا، بسبب تسرب ملفات الفساد والرشاوى عن شارون وعائلته. وعدم فوز «الليكود» بالغالبية الكاسحة يعني اضطراره إلى تقديم تنازلات لتشكيل حكومة ائتلافية مع أقليات حزبية متطرفة أو معتدلة. وفي الحالتين ستتقيد حركات رئيس الوزراء وطموحاته بمجموعة شروط تحد من حرية قراراته وتفرده في جذب المنطقة نحو معركة لا حدود لها لمساحتها ومدتها الزمنية.

العامل الثالث: دول الطوق المحيطة بالعراق. ويشمل الطوق إيران، تركيا، سورية، الأردن، السعودية، الكويت وامتدادا إلى دول الخليج العربية. دول الطوق مهمة لوجستيا وسياسيا، فهي التي ستتلقى النتائج السلبية مباشرة في حال وقوع الحرب... وبعد تغيير نظام بغداد. فالحرب تتطلب قواعد انطلاق جوية وهي متوافرة إلا أنها بحاجة إلى نقاط عبور للقوات البرية وهي حتى الآن غير محسومة. وباستثناء الكويت هناك مجموعة معارضات من الدول المحيطة بالعراق وآخرها كانت مفاجأة تركيا.

وأخطر الاحتمالات المتوقعة في حال انفلات الوضع الأمني في العراق بعد حصول الحرب هو انجرار المنطقة إلى لعبة التنافس على الحصص الأمر الذي يعني دخول دول الطوق في مرحلة اللااستقرار واللا توازن... وهذا أقصى ما تريده «إسرائيل» لأن هذه الأجواء تعطي فرصة لشارون وحكومته (في حال فوزه في الانتخابات) لتحقيق مشروعه الخاص وهو كسر إرادة الشعب الفلسطيني وطرد مجموعات منه إلى خارج الأرض الفلسطينية. وفي حال حصول التطور الأخير فإن المنطقة تصبح أمام قضية لاجئين جديدة (عراقية ـ فلسطينية) تضاف إلى قضايا اللاجئين القدامى من أراضي 1948 و1967.

المنطقة إذن على موعد مع تطورات خطيرة... إلا أن الموعد ليس بالضرورة في 27 أو 28 يناير كما ينتظر البعض. فهناك عناصر إضافية يمكن أن تطرأ وتفرض على مجلس الأمن تمديد فترة مهمة فرق التفتيش. والتمديد يعني تأجيل المعركة إلى حين اكتمال الصورة النهائية للمحطات الزمنية الثلاث. والتأجيل لا يعني إلغاء الحرب بل انتظار الفرصة المناسبة لتنفيذ قرار يبدو أن إدارة جورج بوش اتخذته منذ الأسبوع الأول لضربة 11 سبتمبر/ أيلول 2001

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 131 - الثلثاء 14 يناير 2003م الموافق 11 ذي القعدة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً