تحاورت مع والدي المحقق القانوني بوزارة التربية والتعليم محمد عبدالواحد، حول سيطرة عوامل الوراثة في سلوكيات الإنسان، وتحديد صفاته القيادية التي جُبِل عليها، وجرّنا الموضوع الذي كان شيّقا من فيّه، عن حديث الرسول (ص) - رواه الترمذي - عندما خطب في الناس عصر يوم من الأيام فقال: إنَّ بني آدم خلقوا على طبقات شتىّ: ألا انّ منهم بطيء الغضب سريع الفيء، وسريع الغضب سريع الفيء، وبطيء الغضب بطيء الفيء، فتلك بتلك، ألا وانّ منهم بطيء الفيء سريع الغضب، ألا وخيرهم بطيء الغضب سريع الفيء، ألا وان منهم حسن القضاء حسن الطلب، ومنهم سيئ القضاء حسن الطلب، ومنهم سيئ الطلب حسن القضاء، فتلك بتلك، ألا وان منهم سيئ القضاء سيئ الطلب، ألا وخيرهم الحسن القضاء الحسن الطلب،وشرّهم سيئ القضاء سيئ الطلب.
إن قول الرسول (ص) إن بني آدم خلقوا على طبقات شتى يعني أنَّهم خلقوا على هذه الطباع والسلوكيات. وأعطاهم الخالق العقل والعلم والحرية في الاختيار وصقل هذه الطباع، إما بخير وإما بشر.
فتجد هناك ذلك الرجل الذي يقف في المواقف موقف الحكيم، وخاصة عند الشجار والإهانات، فهو بطيء الغضب سريع الفيء، وهذا ما حثّنا عليه الرسول (ص).
وكما نعلم بأن عصر العولمة أحدث تداخلا في طباع الناس، فجعلت بعض الأشخاص ينسبون طباعا لهم ليست من طباعهم ولم يُجبلوا عليها، مثل ذلك المسئول الذي لا يعرف من صفات القيادة شيء، بل جُبل على صفات الضعف والجبن عند مواجهة الناس وحل مشكلاتهم، فأخفاها داخل «البشت» الذي لبسه عند تكليفه المنصب ولم يخلعه أبدا، ولكن الجبان يبقى جبانا مهما أخفى صفاته.
ولذلك أتى الحديث الشريف ليخبر الناس وينوّرهم بصفات الإنسان وبطباعه المختلفة، ويبرز أفضل الطباع حتى يتقلّدها بني آدم ليكون ذا حكمة وموعظة حسنة.
وغريب أمر ذلك القائد الظاهر للعيان بصفات الحلم، ولكنه من الداخل يحترق بنار الحقد ورماد الكراهية، ويستغل منصبه في إهانة مرؤوسيه والتحكّم في رِزقَهم الذي رَزَقهم الله إياه وليس البشر.
وكمثال نتذكّر ذلك الموظّف المتميز المبدع، الذي تَغلب عليه صفة القيادة ونجاح الريادة، فما يكون من قائده إلا تحبيطه والتشديد عليه وترهيبه، مستغلا منصبه.
فالإنسان مهما أخفى طباعه فإنه لا يستطيع أن يخفيها دوما، بسبب دخول عناصر الوراثة فيها، ولكننا نتمنى من ذلك المسئول صاحب «البشت» والقائد صاحب القلب الحاقد، أن يخلعا الأقنعة وليبدآ بالاستفادة من هذا الحديث لتعديل طباعهم السيئة والموجودة فيهم
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 2233 - الخميس 16 أكتوبر 2008م الموافق 15 شوال 1429هـ
كيف نعدل الصفات الوراثية...
... لا شك بأن من البشر ماهو صاحب المعدن الثمين، وصاحب المعدن الخسيس.
فإن قال صاحب المعدن الخسيس: ماذنبي بذلك؟
نقول: جاء الشرع معدلاً لمن أراد تعدلاً.
يقول ( ص ) : ( العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم.