العدد 130 - الإثنين 13 يناير 2003م الموافق 10 ذي القعدة 1423هـ

أمسية الشاعر غازي القصيبي: أرى الجماهير لكن لا أرى الدولا

أحيا الشاعر غازي القصيبي أمسية شعرية مساء يوم السبت 8 ذو القعدة 1423 هـ - 11 يناير/كانون الثاني الجاري ضمن فعاليات مهرجان (الجنادرية) للتراث والثقافة في قاعة الملك فيصل الرئيسية للمؤتمرات. قدم للأمسية رئيس النادي الأدبي بالقصيم حسن فهد الهويمل، معرفا بالشاعر القصيبي ومكانته الأدبية. تميزت الأمسية بالقصائد العمودية التقليدية التي استحضرت ذكريات الشاعر القصيبي وعلاقته بمدن شكلت محطات رئيسية في حياته الأدبية والمهنية. ابتدأ الشاعر بقصيدة (أخت مكة) في مكة المكرمة والمدينة المنورة واتصفت بطابعها الإسلامي في استحضار صورة المدينتين المقدستين. المحطة الثانية كانت مدينة الرياض وقصيدة (أنت الرياض)، واستلهم الشاعر في قصيدته ذكرياته الأولى في أحياء الرياض القديمة قبل أن يمتد لها العمران الحضاري والمدنية الإسمنتية. المنامة، المدينة التي تحتل مكانة مميزة في ذاكرة القصيبي تذكرها بقصيدة (العودة إلى الأماكن القديمة)، عكس فيها طفولته وبداية الدراسة ومراهقته قبل أن ينتقل الى القاهرة للدراسة الجامعية، متطرقا الى تجربة الحب «الأول»، الذي مهما عرف بعده من تجارب أخرى، فإن له طعمه الخاص. ألقى الشاعر قصيدة في بيروت، المدينة التي لم ترحمها الحرب الأهلية ولا اجتياح الجيش الإسرائيلي، وكان قد كتب العام 1982 نص (مرثي النار والريح)، متأثرا فيه بالجو البيروتي وحال الانكسار العربي، وما أدت إليه من رسم رؤية سوداوية متشائمة احتجاجية بقدر ما هي مهزومة، أدت إلى انتحار الشاعر خليل حاوي.

اختتم القصيبي الأمسية بقصيدة في مدينته الأولى، الهفوف، اذ ولد قبل أكثر من ستين سنة تنقل خلالها في كثير من مدن العالم التي تركت بصمتها في ذاكرة الشاعر.

في قصيدته «أم النخل» عن الهفوف، كان القصيبي متألقا، واستطاع من خلالها أن يعطي الجمهور شيئا مما يريد، ويسمعه بعض الشعر الحماسي المتناسب وأجواء الانتفاضة والغليان العربي.

شكلت «أم النخل»، «صوتيم» الأمسية بتعبير الغذامي، وهي أتت بديلا لنصين كان الجمهور يتوقع أن يسمعهما من القصيبي، الأول رسالته الى نزار قباني، والثاني نصه في «آيات الأخرس» الاستشهادية الفلسطينية، وهو النص الذي أثار الكثير من الجدل في الأوساط السياسية، وحرك اللوبي الصهيوني في بريطانيا، وجعله يضغط باتجاه إبعاد القصيبي عن لندن.

في «أم النخل»، صفق الجمهور مرارا وبحماسة، وخصوصا في المقطع الذي جاء فيه: «يفدي الصغار بنهر الدم مقدسنا/ مالي أقلب طرفي لا أرى رجلا/ أرى الجماهير لكن لا أرى الدولا/ أرى البطولة لكن لا أرى البطلا/ لا تذكري لي صلاح الدين لو رجعت أيامه/ لارتمى في قبره خجلا/ أين الكرامة هل ماتت بغصتها/ أين الإباء أمل الجبن فارتحلا/ عجبت من أمة القرآن كيف غدت/ ضجيعة الذل لا ترضى به بدلا/ أسطورة السلم مازلنا نعاقرها/ يا من يصدق ذئبا صادق الحملا/ حمامة السلم حلمي أن أقطعها/ وأن أعود بصقر يقنص الوجلا/ «شارون» نحن صنعناه بخشيتنا/ كم خشية صنعت من فأرة جبلا/ تعملق القزم لما تقزمت قمم/ واستنسخت نملة في ذعرنا جملا».

مفاجأة الأمسية كانت عندما خاطب القصيبي الجمهور بعد تصفيق حاد ومتواصل بقوله: «لا تصفقوا حتى لا تخرجوا من لندن»، لتضج القاعة بعد ذلك بالتصفيق، قاطعا بذلك الجدل الذي دار حول سبب عودته من لندن، وتركه منصب السفير، وتسلمه منصب «وزير المياه»، ليرجح كفة أن الشعر هو الذي أخرجه من لندن





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً