العدد 129 - الأحد 12 يناير 2003م الموافق 09 ذي القعدة 1423هـ

أجواء الامتحانات... بين مارد القنينة و«الهوليغينز»!

خليل عبدعلي خليل comments [at] alwasatnews.com

تعيش الجامعة هذه الأيام أجواء الامتحانات النهائية، وهي فترة مهمة وحساسة بالنسبة إلى الطالب الجامعي، يعلن فيها حال التأهب واليقظة بين الطلبة، ويعمل الفكر والاستذكار بشكل مكثف ومركز، لحصاد الدرجات التي سيتجسد جزء كبير منها أمام ورقة الامتحان. الحركة تزداد في ممرات الجامعة، ربما للاستفادة من معلومة كانت غائبة أثناء المذاكرة أو للحاق بقاعة الامتحانات، أو كتابة أوراق صغيرة مساعدة (براشيم) والتي -للأسف- مازال يستخدمها بعض الطلبة. وليس صعبا على الطالب المهتم بمادته العلمية الذي كان يجتهد ويذاكر دروسه طيلة الفصل الدراسي، ويبحث عن المعلومة والاستفادة في المصادر والمراجع العلمية، أن يجيب على أسئلة الامتحان ويحقق النجاح والتفوق، وهي صعبة وشاقة على الطالب الذي كان يستهويه العبث وإضاعة الوقت، والانشغال في أمور لا منفعة فيها، ويتمنى أن يظهر له مارد القنينة، فيأمره أن يجيب عنه أسئلة الامتاحانات أو يحدث سحرا، فينجح.

واذا كانت الجامعة قد تحولت إلى خلايا طلابية لا تهدأ من أجل المذاكرة والاستعداد للامتحانات، فالنعيق والصراخ خارج الحرم الجامعي عن حوادث الشغب «الهوليغينز» التي شهدها شارعا المعارض والفاتح ليلة رأس السنة، مستمر وعلى الطريقة «القديمة»، ويتجه إلى نظرية المؤامرة، وهي أن من قام بعمليات التخريب هم موجّهون ووراءهم جهات تدعمهم، تخطط وتدبر في الظلام لأجل زعزعة أمن البلاد (قبل أن تظهر نتائج التحقيقات)، وهي افتراءات وادعاءات يخجل العقلاء من طرحها، وبعيدة عن الواقع وما حدث. فهؤلاء -كما شاهدناهم ومن خلال المقابلات الصحافية التي أجريت مع بعضهم- لم تكن لهم دوافع سياسية، وانما شحنة عاطفية ودافعية للهو البريء تحول بعد ذلك إلى تخريب وعبث وانفلات لم يتوقعه الشباب الذي تجمهر ليلة الحادثة، وهو تفسير أقرب إلى البعد الاجتماعي منه إلى البعد السياسي المنظم.

وإذا اقتربت من مجتمع الطلبة والشباب سواء داخل الجامعة أو في تجمعاتهم الشبابية، تجدهم يستنكرون ويستغربون هذه الأعمال، وليس لها ارتباط بالوجه الحضاري والثقافي الذي عرف عن المملكة وشبابها. فقد أصدرت جمعيات ولجان شبابية بيانات واضحة وصريحة تقول فيها إن حوادث الهوليغينز هي غريبة عن مجتمعنا، ولا بد من بحث الدوافع والأسباب التي جعلت مجموعة من الشباب يقومون بهذه الأعمال التدميرية، وعدم كيل الاتهامات الجاهزة والمعلبة إلى جهة أو طرف في المجتمع قبل التحقق من ملابسات الموضوع من جميع جوانبه، وعدم تفسيرها لخدمة مصلحة ضيقة كانت تنبت وتستفحل في «الماضي».

وهذه الرؤية الطلابية والشبابية التي تنضج في فترة الامتحانات (الساخنة)، سبقت فكر ووعي بعض الكبار الذين يستهويهم النظر من أسفل، وتقليب الأمور خدمة لمصالحهم الشخصية على حساب الصالح العام. لا بد من التأكيد أن معالجتنا لمثل هذه الأمور، يجب أن تتم بموضوعية واتزان، وعدم التعجل وزجّ الخرافات والملوثات في الماء الصافي. واذا كان مجتمع الطلبة والشباب (الشريحة الكبرى في المجتمع)، تعقلت واستهجنت مثل هذه الحوادث، وراحت مع فئات وجمعيات الشأن العام تضع الحلول وتقترحها، غاب عن بعض «المثقفين» أن العجلة لا تدور إلى الوراء، وانه من المجحف أن تقرأ الأوراق قبل أن تبدأ اللعبة.

وهؤلاء «المتحاملون» من بعض الاعلاميين والنفعيين أصحاب المكاسب الشخصية لم يستوعبوا الدرس، ولم يفهموه. إنهم يجرون أقلامهم لحفنة أموال تموت مع هدير زوالهم، يغيضهم أن يعيش الآخرون في سلام وأمان واطمئنان، ولا يروق لهم التعايش مع مشروع جلالة الملك الاصلاحي الرامي إلى دولة القانون والديمقراطية. والطالب المشاغب الكسول الذي يحلم بوجود «مارد القنينة» ليقوم نيابة عنه باجابة أسئلة الامتحان، لا تختلف حاله عن هؤلاء الذين يستهويهم العبث بأقلامهم، ويتمنون وجود المارد ليفسر لهم أن حوادث الهوليغينز «مدبرة ومفتعلة ويقف خلفها مخططون، ومدفوعون من الخارج»، ويطبع لهم هذه التصورات في سي دي (CD) ليسهل ترديدها وسماعها وتوزيعها على الآخرين ليصدقوها. ولكن (ما أتعسهم)... من الصعب الحصول على هذا المارد

العدد 129 - الأحد 12 يناير 2003م الموافق 09 ذي القعدة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً