العدد 129 - الأحد 12 يناير 2003م الموافق 09 ذي القعدة 1423هـ

دعوات لدراسة حوادث المعارض... والمسئولية «مجتمعية»

في حلقة حوارية نظمتها «جمعية الجامعيين»:

أكد المشاركون في الحلقة الحوارية التي نظمتها مساء أمس الأول «الجمعية البحرينية للجامعيين» في مقر «جمعية الأطباء» بالجفير أن حوادث الشغب الأخيرة في شارع المعارض مسئولية تتحملها الدولة ومؤسسات المجتمع المدني، مستنكرين محاولات تسييسها، وإضفاء الطابع الطائفي عليها، والمبالغة في عرضها وتهويلها إعلاميا وسياسيا، وداعين إلى دراسة أوضاع الشباب التي تنتج العنف.

وبينت الباحثة الاجتماعية هدى المحمود المطالبات بتقنين أوضاع الأسرة منذ 20 عاما إلا أن الجهات المعنية لا تعير ذلك اهتماما، وأوضحت أن البنية الاجتماعية مفككة: أسر محتاجة يبلغ عددها 10 آلاف وتساعدها رسميا وزارة العمل، إضافة إلى وجود 75 صندوقا خيريا. كما تحدثت عن الفروقات الاجتماعية والتفاوتات الطبقية التي تتسبب في بروز النفسيات السلبية. ومع ذلك كله قالت المحمود يتم الادعاء بمحاولة تحقيق التنمية البشرية وهي التي لا تقوم إلا على العنصر البشري السليم.

وأضافت أن الشباب يشكلون 45 في المئة من سكان المملكة إلا أنهم قطاع مهمل، فحتى المراكز الاجتماعية والأندية الرياضية لا تستوعب طاقاتهم، ما ينتج عنه إفرازات سلبية ومشكلات اجتماعية تحتاج إلى حلول طويلة المدى، وكشف المشكلات يعد جزءا من حلها.

وأوضحت أن بعض التفسيرات السياسية تبدو عشوائية واعتباطية وغير مسئولة، إذ يجب النظر إلى المشكلة بموضوعية «ذلك أن ما حدث قد يكون نتاج المستوى الثقافي والتعليمي المتدني، والاتهام لا يوجه إلى وزارة التربية باعتبارها متسببة في المشكلة ولكن نؤكد أن لها دورا فيها».

وعما تخطط «جمعية الاجتماعيين» للقيام به، أشارت المحمود إلى أنه تجرى اتصالات بمراكز البحوث والمؤسسة العامة للشباب والرياضة بهدف إعداد دراسة شاملة عن أوضاع الشباب في المملكة والتعرف على أبرز همومهم ومشكلاتهم. ونوهت إلى أن ذلك سيشكل خطوة أولى في الحل، كما أنه سيكون عملا ميدانيا وليس نظريا.

وأضافت «نرفض تضخيم الحدث ومنحه أكثر مما يستحقه، كما نخالف من يحاول ضرب الوحدة الوطنية وإبراز الطائفية. ونؤكد ضرورة طرح الآراء بناء على حقائق لا إشاعات ناتجة عن هوجة عاطفية».

من جانبه قال كامل الهاشمي (رجل دين) إن ما حدث كان جريمة اجتماعية وليست فردية، فهي قضية تتعدى الفرد الواحد إلى الجماعة. إذ يدخل فيها أكثر من عنصر، كما أنه أحدث إشكالات كبيرة واجهت المسئولين والسياسيين والإعلاميين جميعهم الذين أثروا على الوعي الجماهيري للناس واشتركوا معا في ترويج الحدث في مسار معين. كما قال إن المسئولية ملقاة على عاتق مختلف المؤسسات وأهمها الأسرة وهي المؤسسة التربوية الأولى. أما الوجه الإيجابي للحدث فهو كشف أخطاء الجميع من علماء وكتاب وسياسيين ومثقفين. وأوضح الهاشمي أنه في سبيل فهم الحدث وتحليله يمكن تشبيهه بالصورة التي كان مصورها السلطات الرسمية فقط، وآلة تصويرها وسائل الإعلام الرسمية مع هامش صغير جدا وغير معكوس لوسائل أخرى.

وقالت الباحثة التربوية زهرة الزيرة إن 85 في المئة من الموضوعات المنشورة عبر الصحافة المحلية حللت الحوادث من وجهة نظر سياسية بحتة. مع أن اللوم ملقى على مختلف المؤسسات الدينية والتعليمية والإعلامية والاجتماعية. ووصفت ما حدث بتلقي الجميع صفعة قوية على الوجه من شخص هادئ ومؤدب، يستحقها المجتمع لينهض بهم. كما قالت إن الشباب لم يكونوا مجرمين أو أصحاب سوابق، إنما جل ما اعتراهم كان حالا هستيرية بعيدة عن الطيبة التي يتميز بها الشعب البحريني. وأوضحت أن مسئولية ما حدث يلقى على جهات عدة منها المؤسسات التربوية والتعليمية التي تعلم المواطن الخنوع وعدم استعمال العقل عوضا عن تربيته على التفكير المنطقي الناقد والإبداعي. إضافة إلى المساجد والمآتم والأسرة وغيرها، موضحة أن ما حدث نتجت عنه أضرار معنوية أكثر منها مادية، إذ أنها هزت المجتمع بأكمله، وبالتالي يجب إلقاء اللوم والمسئولية على الجميع. وأضافت أن الغموض والتناقضات لا تزال تحيط بما حدث، وكذلك التساؤل يستمر عما لو كان من نشرت أسماؤهم وصورهم (الطوفة الهبيطة) كما يرى البعض.

وفي مداخلة لمدير الحلقة الحوارية الباحث الاقتصادي ورئيس مركز حقوق الإنسان عزيز أبل استنكر تضخيم الموضوع اعلاميا متسائلا عما إذا كان وراءه هدف سياسي يجب عدم إهماله. منوها إلى أن ما حدث كان شبيها بالكثير من الحوادث التي صادفت رأس السنة الميلادية حول العالم ولم تضخم إعلاميا ومنها وفاة 25 مواطنا في المكسيك من الألعاب النارية، وحرق وإتلاف 400 سيارة في دول أخرى كأميركا وغيرها.

وأشار الاقتصادي أحمد التحو إلى نظرية المؤامرة التي وظفتها الصحافة، منوها إلى أن غالبية المشاركين ينتمون للفئة العمرية بين (14- 25) سنة وهي فئة شابة تشكل حوالي 50 بالمئة من سكان المملكة الذين لا يتوقع منهم الاشتغال بالأمور السياسية في تلك السن.

وقال ضياء الموسوي (رجل دين) إن ما حدث يمثل أزمة حقيقية في المجتمع البحريني، مشيرا إلى الصدمة من توظيف من أسماهم بـ «المثقفين الأميين» - سواء كانوا مسئولين أو أساتذة أو وزراء - الحوادث لاتهام طائفة معينة. وأكد إمكان حل أزمة الشباب لو كانت كذلك، ولكن الخطر الأكبر يتمثل في الأزمة الثقافية التي يتعايش فيها بعض المثقفين مع النظرات العنصرية والدونية لطائفة معينة. ودعا الموسوي إلى تشكيل جمعية لمواجهة العنصرية في المملكة هدفها نبذ التمييز الطائفي والنظرة الفئوية والدعوة إلى تكافؤ الفرص.

من جهته أشار الناشط في حقوق الإنسان نبيل رجب إلى أن عزلة المعتقلين الشباب عن العالم الاجتماعي الخارجي يعد نوعا من التعذيب، كما أن الشباب الذين قبض عليه في سن الثامنة عشرة يعتبرون أطفالا حسب المعايير الدولية. و ذلك يخالف اتفاقات الطفولة التي يجب وفقا لها معاملة المعتقلين من الأطفال بطريقة مختلفة.

وأشارت إحدى المشرفات الاجتماعيات في الحلقة الحوارية إلى القيود التي يعانون منها عند محاولتهم توجيه وتوعية الشباب، نتيجة تكبيلهم بأعمال إدارية لا علاقة لها بتخصصهم وعملهم الأساسي، وهو الأمر الذي أرجعته إلى عدم تفهم الإدارات المدرسية.

أما إحدى المدرسات في المآتم الحسينية فقالت إنها لم ترَ في الصحافة المحلية حلولا بقدر المطالبة بعقاب المتهمين. وذكرت ان المسئولية الأولى ملقاة على رجال الدين الذين يهتمون فقط بما هو حلال وحرام، وكذلك البيئة والأسرة ووسائل الاعلام المختلفة. إضافة إلى وزارة التربية التي عليها الاهتمام أكثر بمضمون المناهج التي تنبذ العنف وتبني المواطن الصالح

العدد 129 - الأحد 12 يناير 2003م الموافق 09 ذي القعدة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً