العدد 126 - الخميس 09 يناير 2003م الموافق 06 ذي القعدة 1423هـ

بين فكي المقص!

شيخة الشعلان comments [at] alwasatnews.com

سمعت أحدهم ذات يوم يرد على تذمر زوجته من كثرة الأعباء والتعب وقلة النوم بقوله: «لو أنكم لم تخرجن من بيوتكن لما تحملتن كل هذه الأعباء! أليست هذه هي المساواة التي تريدونها مع الرجال؟ لكن ما طلبتن!» استوقفتني النبرة الانتقامية في صوته، ودخان التفشي الذي ملأ المكان، أحقا يشعر الرجال بالغيظ؟ بالصدفة تدحرج نظري على صفحات الانترنت لأجد مقالا يذكر حال الإحباط والاكتئاب التي باتت تقتنص الرجل الفرنسي، وتذمره الدائم من الكنس والوقوف على حوض الغسيل بعد العشاء في حين تذهب زوجته لتحميم الأطفال وتجهيزهم استعدادا للنوم، وانعكس ذلك ليتترجم اقبالا منقطع النظير على المجلات التي تهتم بالرجل وحياته ومشكلاته وملابسه وأفضل الطبخات والرياضات والسيارات، على غرار المجلات النسائية، في عهد أصبح فيه للمجلات التي تظهر الرجال بالشكل الفروسي وعلى طريقة كازانوفا قبر يستقبل الأزهار بصدر رحب!

ولعل السبب في الزاوية الحزينة التي أصبح الرجل الغربي يتذمر في ظلالها أو يعزي فيها نفسه هو القدر الكبير من الحرية التي طالت كل شيء فيم يتعلق بالمرأة، بشكل سلب الرجل شخصيته وتأثير قراره وإحساسه بحاجة المرأة دائما له، وعدم قدرتها على الاستغناء عنه. وإذا كان الرجل الغربي يعاني من عقدة سي السيد على طريقة الـ cowboys فما بالكم بالرجل الشرقي الذي ما زال يحلم بزوجته تغطس له قدميه في «طشت» الماء وتدلكهما عند عودته كل مساء، شريطة أن تكون موظفة تحمل عنه أعباء اقتصادية، وأما متفرغة لأبنائه، تمتلك سيارتها الخاصة وقادرة على دفع فواتير هاتفها ولا مانع إن دفعت فواتيره هو أيضا؟!

لقد أصبحت المرأة تعاني الأمرين في الوقت نفسه، بين تجاذب الرغبة في تحقيق الذات وترجمة الأحلام على أرض الواقع وبين القيام بواجباتها الأسرية والزوجية على أكمل وجه، كمن حشر بين فكي مقص، والأدهى من ذلك أنها مطالبة بالكمال والتفاني والدقة في كل تلك الأعمال.

نحن في حاجة حقيقية لخلق جيل يؤمن بالتوزيع العادل للأدوار داخل وخارج المنزل، فالمرأة تقوم بكل شيء تقريبا، وتشارك الرجل في اتخاذ القرار على مختلف الأصعدة، ولابد لها من أن تحظى بقدر من الاستقرار العاطفي والأسري والمهني على حد سواء، ولابد للمجتمع من أن يمنح المرأة ذات الحقوق والصلاحيات التي أنعم بها على الرجل منذ أمد بعيد، فالاثنان يمنحان المجتمع الطاقة اللازمة لدوران تروس التنمية والتطور، فلابد من حصولهما على التقدير المناسب.

إن الرجال والنساء متساوون أمام الله في الحقوق والواجبات، أفينصف الخالق المرأة ويظلمها المخلوق؟

العدد 126 - الخميس 09 يناير 2003م الموافق 06 ذي القعدة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً