( كاتب ) - وأضع تلك الصفة بين قوسين لعدم اقتناعي بانتمائه إلى أية حرفة لها علاقة بالحرف أو حتى التنضيد!- أقول: كاتب لفرط إفلاس قاموسه (اذا كان ثمة من قاموس في هذا الصدد) ظل يردد في أكثر من 15 إلى 20 مقالا، مفردتين، الأولى(اندياح) والثانية (هجس)، وفي كل مرة أتعمد فيها قراءة مقال له، أبحث أول ما أبحث عن هاتين المفردتين، ولا أصدم البتة، لأنهما ستكونان هناك محشورتين في مكان ما من المقال، وهو ما يحدث تماما.
ولي زميل في الصحيفة ذاتها ظل يمارس الرهان ذاته، فقبل أن يفتح الصحيفة التي ينتمي إليها (الكاتب) - وأضعها بين قوسين للمرة الثانية كيلا يتم الخلط بين الكاتب الحق و(اللاعب بالبيضة والحجر) -، قبل أن يفتح الصحيفة يراهن على وجود المفردتين ذاتيهما (اندياح - هجس) ولا يخيب ظنه هو الآخر، وبدلا من أن يجدهما حاضرتين لمرة واحدة، يجدهما مكررتين في المقال ذاته!.
ماذا يعني ذلك؟. ربما هو هوس بإيقاع يصدر عن المفردتين بحيث تظلان ملحتين وحاضرتين شاء أم أبى في أي ارتكاب لـ (كتابة - ثرثرة) من دون الوعي بقيمة توظيفهما في السياق العام لما يريد الجهر به، الأمر الذي يدفعني إلى الخروج حاسر الرأس، لاعنا وساخطا على اليوم الذي وجدت نفسي فيه كاتبا جنبا إلى جنب (كاتب) - وأضعها بين قوسين للمرة الثالثة كيلا أتهم بالغفلة - أقول: جنبا إلى جنب (كاتب) لا يحسن من اللغة (حروف جرها)، عداك عن (الرافع) و(الناصب) منها.
هناك من (يشرب مقلبا) بإيهامه من قبل المنتفعين بالمساحات المتاحة للكتابة في المؤسسة ذاتها أن المذكور واحد من فلتات زمن عرف بشحه وندرة ما يمنح من مواهب، لذلك استمرأ صاحبنا الذهاب عميقا في اجترار (كتابة) - وأضعها بين قوسين لأميز بينها وبين كتابة مصابة بالصراخ وأخرى مصابة بالمناجاة وشهوة التأمل - أقول استمرأ صاحبنا الذهاب عميقا في اجترار ما يرتكبه ناسيا أو متناسيا أنه عمد إلى تكراره عشرات المرات، ذلك يعني، بما لا يدع مجالا للشك، أن هناك من يكتب بعد صدمة، وأن هناك من يكتب بعد شعور ببطالة وفراغ وشح على مستوى الوجود والفكر.
هل أتجنى في هذا الصدد؟ ألم أقل ذات يأس/أمل: ان هذه الساحة بحاجة إلى درك ثقافي يعيد إليها توازنها وعمقها؟... أليست لعنة أن نبتلى بشذاذ الحرف فيما الحرف منهم براء، وفيما هم لا يحسنون التنفس كما يفعل أي مخلوق على هذا الكوكب... لا يحسنونه من دون وجود كتيب يرشدهم إلى الطريقة التي تتم فيها تلك المنحة الإلهية؟!.
(اندياح - هجس ) مفردتان بت أمقتهما وأخشى توظيفهما في أية كتابة ربما تأتي وربما لا تأتي، خوفا من أن أصنف ضمن اللاعبين بـ (البيضة والحجر)!
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 125 - الأربعاء 08 يناير 2003م الموافق 05 ذي القعدة 1423هـ