العدد 125 - الأربعاء 08 يناير 2003م الموافق 05 ذي القعدة 1423هـ

المسئولية الاجتماعية تجاه دار رعاية الطفولة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

نشرت «الوسط» تحقيقات عن دار رعاية الطفولة وهدفت من وراء ذلك الى تسليط الضوء على مشكلة من مشكلات مجتمعنا الذي فقد جانبا من تراثه وثقافته عندما نتحدث عن موضوع مشابه لدار رعاية الطفولة.

فلقد تعهدت الدار مجموعة من أخيار البحرين بصورة طوعية، وعلى رأسهم أكبر محسن محمد، ويعمل فيها مجموعة من الموظفين والتربويين الذين خدموا - ومازالوا يخدمون - في مجال مهم لرعاية من فقد الأمومة والأبوة وفقد الحنان الطبيعي. وهؤلاء الأطفال والفتية ليس لهم في هذه الدنيا سوى مجموعة من المتطوعين الذين يعملون لوحدهم من دون مساعدة كافية أو تذكر من المؤسسات الدينية والاجتماعية التي من المفترض ان يكون لها دور رئيسي في هذا المجال.

في سنوات ماضية كانت الكنيسة ترعى كثيرا من البحرينيين الذين يفقدون حنان الوالدين، والكثير من الذين تربوا في الكنيسة ازدهر مستقبلهم المادي لاحقا. ثم قام بعض البحرينيين وجمعوا بعض التبرعات واستعانوا بالمتطوعين لتربية وتنشئة مجموعة من الأطفال الذين يكبرون وتكبر معهم احتياجاتهم. ولقد حققت الدار نجاحات كبيرة وتمكنت من مساعدة قرابة 150 طفلا في حياتهم وهؤلاء يمارسون حياتهم الاعتيادية بعد الدعم والمساندة اللذين حصلوا عليهما. ولكن المشكلات التي تحصل في داخل المنزل تتضاعف كثيرا داخل دار الرعاية، بسبب فقدان الحنان الطبيعي. ومهما حاول الإداريون والمتطوعون والأخيار عمله فإن الاحتياجات والتعقيدات كبيرة، وتفوق في بعض الأحيان القدرات. الصعوبة الأكبر للدار تكمن في الذكور وليس الإناث. فالإناث تستطيع الدار تربيتهن، وسرعان ما تقوم إحدى الأسر بتبني البنت. ولذلك فإن عدد البنات قليل، وهناك قائمة انتظار على كل بنت متواجدة. ولكن «الأبناء» يواجهون تعقيدات، بعضها يرجع إلى طبيعة الاختلاف بين الذكر والانثى وبعضها يرجع إلى أحد الآراء الفقهية عن «المحرَم»، بمعنى إمكان ان يتربى الابن غير المحرم في وسط عائلة. وجهات النظر غير العملية تطرح إشكالات ولكنها لا تقدّم حلولا. ولذلك يتركز المجهود على مجلس إدارة وموظفي دار رعاية الطفولة. بينما يكتفي غيرهم بالنظر إليهم من بعيد ومن دون مساهمة حقيقية في توفير خدمة إنسانية أوصى بها ديننا الإسلامي. فالرسول (ص) وكثير من الصحابة كانوا يكفلون اليتيم ومن ليس له أب أو أم، ويعاملونهم بإنسانية لدمجهم في المجتمع. وعلى رغم النجاحات التي حققتها الدار في توفير وضمان مستقبل عدد كبير من المحرومين من آبائهم وأمهاتهم، فإن المشكلات ازدادت في الفترة الأخيرة. وهذه المشكلات بعضها يمكن معالجته مباشرة بواسطة مجلس إدارة الدار والموظفين والتربويين، وبعضها بحاجة لأن تتحمل المؤسسة الدينية دورها في ذلك. فبالإضافة إلى الحاجات المادية لدعم الأطفال والفتية، هناك الحاجة الى متطوعين مستقيمين، والحاجة إلى من يتبنى هؤلاء الأطفال (الذكور)، والحاجة الى الجمعيات التربوية والمساجد والأسرلاستضافة الفتية خلال أيام الأسبوع وربطهم بالمجتمع بصورة مباشرة.

المجتمع الإسلامي كان دائما يفتخر أمام الآخرين بقدرته على التضامن والتكافل ومساعدة الآخرين، ولكننا نرى انه يخفق في مجالات مهمة، بينما يتمكن غيرنا من مجتمعات غير إسلامية وكنائس ومعابد من ان يحتوي أكثر أنواع المشكلات تعقيدا، ويوفر إطارا يحفظ كرامة من يستفيد من تلك الخدمات الإنسانية.

أين علماء ديننا، وأين الجمعيات الدينية، وأين المؤسسات التربوية؟ ولماذا لا توجه جزءا من إمكاناتها لرعاية ودعم مجموعة من أبناء الوطن؟

كثير من الأسئلة تثار عندما يتابع المرء - عن كثب - القضايا الحساسة التي يعاني منها الذين نذروا أنفسهم لخدمة الأطفال الذين فقدوا حنان الوالدين. وكثير من الأفكار التي يتداولها القائمون على دار رعاية الطفولة يمكنها ان تعالج كثيرا من المشكلات التي استعرضتها التحقيقات التي أجرتها «الوسط» لا من منطلق التشكيك في نزاهة القائمين على «الدار» إذ تعتبر ما يقومون به عملا إنسانيا جليلا، ولكنها كانت أمام عمل صحافي تشاكى فيه طرفا المعادلة (الأبناء والمسئولون) وكان لا بد من تقصي ما يجري أملا في الإصلاح وعملا بحرية الرأي المتوازن الذي لم يغفل أيا من أطراف الموضوع.

واستجابتنا الى تلك النداءات حثتنا على مواصلة البحث والالتقاء مع القائمين على المشروع. ومع اللقاء المباشر فُتحت الملفات بصورة كاملة، وكان واضحا لدينا ان الدار على رغم ما تعانيه من مشكلات بحاجة إلى مساندتنا بدءا من الجانب المادي مرورا بالدعم الاجتماعي والنفسي وصولا إلى إدماج الأطفال بشكل الكامل في مجتمعهم

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 125 - الأربعاء 08 يناير 2003م الموافق 05 ذي القعدة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً