العدد 125 - الأربعاء 08 يناير 2003م الموافق 05 ذي القعدة 1423هـ

إخوان الصفا هم تاريخيا ضحايا البغي والأبناء الشرعيون للتقية السياسية والفكرية

عبدالملك منصور في حوار عن ثقافة البغي:

أجرى الحوار: عدنان الموسوي 

تحديث: 12 مايو 2017

البغي هذا السلاح الذي استخدم ولايزال يستخدم بشكل مفرط وهو سلاح قديم ضارب في الوجدان والسلوك العربي الاسلامي أبرزته نزعات الاستبداد المستحكمة في الداخل والخارج أو هو سلاح جديد أفرزته قوى التسلط والاستعمار والتغييرات المتسارعة يوميا واعصار العولمة المنفلت والضارب الحدود؟ أم هو صناعة عربية قامت تاريخيا على الادعاء... والغدر... وتسفيه الآخر ومن ثم ارهابه لتحييده واسكاته؟ وهل فقه وثقافة البغي هي التي أخرجت من رحمها رخصة التقية التي سبق في العصور المتقدمة أن أنجبت اخوان الصفا وغيرهم في عالمنا المعاصر على الصعيد السياسي والاقتصادي والفكري، والثقافي والعلمي والاجتماعي... وماذا عن السيف العربي - سيف الفرق والقبائل - وهل هو الدافع والمدافع من دون ضوابط عن البغي؟

عناوين ووقائع استعرضناها مع سفير اليمن في تونس رئيس مؤسسة المنصور الثقافية للحوار بين الحضارات عبدالملك منصور. واليكم نص ما جاء في هذا الحوار عن البغي ومناخاته واسقاطاته التاريخية ومشهده الراهن...

* هل نجحت الأمة وهي تستلهم الدروس من الافلات من شراك البغي - وما أعنيه هنا البغي الفكري، ومن هم ضحايا البغي الفكري في تاريخنا المتقدم والمعاصر؟

-أولا البغي ليست الصورة الوحيدة له «المقاتلة» وانما هو ممتد إلى ما يمكن تسميته اليوم بالارهاب الفكري - فمثلا - ما تشيعه بعض الفئات ضد فئة أخرى هو بغي في نصه وروحه وأعداء النجاح يمارسون البغي... الكذب ومحاولة تعبئة الرأي العام تعبئة موتورة أو مخطئة ضد الآخر تمهيدا لإصدار الفتاوى الدينية والسياسية والاجتماعية والعائلية هو كذلك بغي، وينبغي أن يعلم أن الخلاف له آدابه وأن على الناس المختلفين أن يتأدبوا بآداب الخلاف التي تعلمناها من المختلفين الأوائل في تراثنا العربي الاسلامي - ولكن وكما تعلم ويعلم الجميع أن البغي لايزال موجودا بصوره المتعددة حتى يومنا هذا، ما يجعل كثيرا من الناس في حراكهم السياسي والثقافي والاجتماعي عموما يضطرون إلى اخفاء ما يعلنون إتقاء ما ينتظر من شرٍ من الطرف الآخر، وهذا ما هو موجود في تراثنا الاسلامي إذ تفيد الوقائع أنه وعندما تعرض عمار بن ياسر إلى البغي بالتعذيب والإكراه على شتم النبي (ص) وعندما أعلم الرسول بما حدث قال له الرسول «إن عادوا فعد» تقية في نفسك حتى لا تزهق روحك لأن الرسول كان يحتاجه لخدمة الأمة بجسده ونفسه ولأن المهم هنا القناعات القبلية وليست الألفاظ التي تصدر عن اللسان سهوا أو إكراها. وفي عالمنا المعاصر كثير من الناس يعبرون عن آرائهم بأسلوب التقية، فمن واقع التجربة نجد أن السياسي، أو المثقف حينما يتحدث أن يكتب مقالا لا يتحدث إلا باللغة الرمزية إما رغبا أو رهبا وغالبا لا يتحدث صراحة خوفا من البغي ولذلك يستخدم أسلوب التقية لأنه لا يريد أن يكشف وإنما يشير ولا يريد أن يوضح وإنما يرمز ولا يريد أن يخبر وانما يعلم من يقرأ أن يستنتج ما بين السطور، وهذا في العمل السياسي موجود بشكل واضح فالأنظمة السياسية والأحزاب والجمعيات تستخدمه، وفي الواقع فالجميع قد استفاد من رخصة التقية وهي ليست حكرا على «الشيعة».

* نفهم من كلامك أن إخوان الصفا هم عنوان كبير للتقية من البغي في المشهد العربي القديم وهم صورة متجددة حتى وإن اختلفت الأساليب والأزمات والمسميات؟

- لا شك هي مدرسة لاتزال تتكرر في يومياتنا العربية والإسلامية، وكان اخوان الصفا نموذجا للمعارضة السياسية التي أرادت أن تقول رأيها ولكنها خافت من جور البغي فكتبت بيانات ورسائل متعددة ونشرتها بين الوراقين وبهذه الطريقة تم تعميم رسائل المعارضة، وقالت كل ما تريد، من دون أن تشير إلى اسم «إخوان الصفا» الحقيقي وهذه هي صورة أخرى مزدوجة من صور البغي السياسي والثقافي وأيضا التقية إتقاء لشر الحاكم ورأينا ذلك في «كليلة ودمنة» وهي الترجمات التي نسبت إلى عبد الله بن المقفع ولعل ما يشهده واقعنا من كتابات رمزية يدلل على قوة تيار البغي في مجتمعنا العربي والإسلامي والعالم. وهذا يعني أن مجتمعنا كان ولايزال يبحث عن مسارب للتعبير عن الرأي، فإذا وجد القدرة على التعبير عبر، وان لم يجد فانه يبحث عن مسارب ومسالك متعددة.

وقد علمنا التاريخ ان الحاكم المستبد يستخدم السيف ضد كل هذه الوسائل، لماذا؟ لأن السيف عنده هو الأول والأخير في التعامل وإذا ترك للسيف المجال من دون ضوابط يصبح باغيا، ولكي ينتفي دور السيف لابد أن تضبط إيقاعات الحياة بوثائق وعهود يتفق الناس عليها «كالدستور» حتى لا يطغى جزء من الأمة على الآخر ولا تخرج الأمة على حكامها ولا يفسد الحكام مصالح العباد على أن يحتكم الناس إلى هذه الوثائق من خلال انتخابات حرة إذ من المعروف أن وظيفة الحاكم والمحكوم اجتماعية مطلوب منهما أداؤها، وعليهما أن يتعاونا معا من أجل إصلاح المجتمع الذي يعيشان فيه وإدارة دفة السفينة بسلام ولقطع الطريق على أن يخرق أحد هذه السفينة حتى لا نغرق جميعا، وان يمسك دفة السفينة الحاكم المرضي عنه امساكا سليما ولا يجعلها تجنح ولا يترك للطامحين بحق ومن دون حق أن يتولوا قيادة السفينة إلا بالطرائق التي حدتتها الوثائق ومفردات العقد الاجتماعي المتفق عليها.

* وما أكبر بغي تتعرض له الأمة الآن... وكيف يمكن ايجاد التخريجات من سيطرة بغي القرون المتقدمة والحاضرة؟

- دعني أسجل هنا أن أكبر بغي تتعرض له أمتنا الآن هو بغي «العصابة» التي نهبت أرض أهلنا وطردتهم ولاتزال في كل يوم تنهب أرضا جديدة لنا وتطرد أهلينا في فلسطين، هذا الجرح النازف الذي لايزال مفتوحا على رغم المحاولات التاريخية والمعاصرة التي بادرت إلى إيقاف نزيف هذا الجرح، ومشكلة هذا الجرح الذي أصاب جسمنا والذي طعنا به من بضغي عصابة الصهاينة يؤثر ولايزال على عواصم صناعة القرار الدولي ولايزال أمام هذا البغي صوتنا ضعيفا وقدراتنا مكسورة... وأما بالنسبة للبغي العالق فينا فإنه لايزال يظهر للسيف العربي صوتا يأخذ شكل البغي العربي ممثلا في جيوشه وأدواته الأمنية والاستخباراتية والصواريخ والرصاصة والارهاب الفكري... وهذا البغي تجلياته لاتزال ماثلة للعيان و...


حسن مدن يوقع كتابه الجديد «تنور الكتابة»

وقع حسن مدن كتابه الجديد «تنور الكتابة» في حفل توقيع أقيم ضمن أنشطة معرض الشارقة الدولي للكتاب المقام حاليا. الكتاب صدر عن دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر، ويتضمن مجموعة مقالات منتقاة من الزاوية اليومية للكاتب التي يكتبها في جريدة «الخليج» الإماراتية منذ سنوات. مادة الكتاب مكرسة لمبدعين كبار اكتووا بنار الإبداع. وربما احترقوا بهذه النار أيضا، كما يقول المؤلف في تقديمه لكتابه. الكثير مما يتضمنه الكتاب من أفكار يدور حول الكتابة بالذات من حيث هي متابعة مليئة بالحرقة تجاه الفقدانات العربية الكثيرة، وهي أفكار تأتي مباشرة من التنور اليومي للكتابة، حاملة معها كل حرارة الانتساب إلى الحياة والناس والإبداع، وإذ يقدم الكاتب أسماء الرجال والنساء الواردة بين دفتي الكتاب، فإنه يتوخى إشعال الذاكرة وإبقاءها يقظة، في مواجهة مساعي تغييب هذه الذاكرة أو طمسها.

يذكر أن «تنور الكتابة» هو الكتاب الخامس لمدن الذي سبق أن صدرت له «زهرة النيلوفر، خارج السرب، الثقافة في الخليج، أسئلة المستقبل، مزالق عالم يتغير»





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً