العدد 124 - الثلثاء 07 يناير 2003م الموافق 04 ذي القعدة 1423هـ

تركز وزارة الإعلام على أمور أخرى

بينما يركز العالم على تنمية قطاع المعلومات:

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

تستمر ثورة المعلومات في تغيير نمط الاقتصاد ونمو السياسة في مختلف جوانب الحياة وفي جميع بلدان العالم، ولم يعد هناك أي مجال لبلد يود اللحاق بكل ما هو متطور ومؤهل للنمو إلا باللحاق بهذا التغيير وبتدشين تكنولوجيا المعلومات بشكل واسع من دون تردد ومن دون اللجوء إلى أنصاف الحلول.

الاختصاصيون يتوقعون أنه ومع العام 2005 سيكون هناك بليون انسان يرتبطون ببعض عبر شبكة الانترنت وشبكات الاتصال المعلوماتية الأخرى، ويتوقعون أن تنخفض أسعار وكلفة الاتصالات إلى درجة تمكن الجميع- حتى الفقير - من الالتحاق بهذا العالم. أما الذين يحاولون التخلف عن هذا المجال فسيكونون كمن يصر على السفر حول العالم بواسطة الحمير والخيول والجمال، بينما يسافر الآخرون بالطائرات والقطارات والحافلات.

وأهم ما توفره تكنولوجيا المعلومات هو ربط ودمج وتطوير المعرفة المتوافرة لدى أي شخص أو مجموعة مع مخازن المعلومات وخبرات المعرفة الموجودة في أي مكان في العالم متخطية بذلك الفروقات الطبقية والتنظيمات الهرمية والقوانين التعسفية والاختلافات الثقافية والحدود الجغرافية وغيرها من الحواجز التي تمنع انتقال المعرفة من موقع إلى آخر.

والمعلومات هي «القوة»، لأن المعلومات تمكن العقل الإنساني من تحريك الأمور بالطريقة التي يراها مناسبة لخدمة مصالحه ومصالح أمته. وبحسب تقرير للبنك الدولي فإن الدول الفقيرة والنامية لديها طريق واحد للخروج من فقرها وهو الحصول على المعرفة. أما المساعدات المادية فهي غير مؤهلة لأن تحول البلد من وضع إلى آخر إلا بصورة مؤقتة. وفي عالم المعلومات فإن الاقتصاد يتحرك بسرعة أكبر وتتحرك المعرفة باتجاهات متعددة لتساهم في تكوين الفكرة الأنفع للأمة. ولذلك فإن القوانين والإجراءات والأنظمة التي تستخدمها الدول المتطورة كلها ترتبط بالمستقبل، وليس بالماضي. والمستقبل هو الانفتاح المعرفي وليس الانغلاق، والمستقبل هو كسر الاحتكار وخفض أسعار الاتصالات وغيرها من وسائل التكنولوجيا المرتبطة بعالم المعلومات، والمستقبل هو توفير الخدمات الحكومية التي تسهل حياة الناس - كل الناس - مستعينة على ذلك بالحكومة الإلكترونية وبالمدينة الإلكترونية وبالخدمات الإلكترونية وبكل شيء إلكتروني. وعالم المعلومات الذي يخلق لنا لمستقبل الذي نفتخر به هو عالم يعتمد على حرية الرأي وتبادل الآراء وحرية النشر وحرية التعامل الإنساني.

أما الاتجاه الذي تسير عليه بعض أجهزتنا الرسمية فهي اتجاهات قديمة. فبدلا من التقدم إلى الأمام مع عالم المعلومات يتم تدشين قانون للصحافة والنشر هو الأسوأ على الإطلاق ولا ينتمي حتى إلى عهد قانون أمن الدولة. وإذا كانت حرية الكلمة سيتم قمعها بهذا الشكل فإن ذلك يعني ان موارد الدولة سيتم توجيهها بصورة سلبية. فالموازنة سيتم صرفها لمحاربة حرية الكلمة بدلا من ضمانها، والموازنة سيتم تخصيصها لمراقبة الناس بدلا من التسهيل عليهم، وموازنة الدولة سيتم تخصيصها لتجهيز الوزارات والإدارات للتحكم الشديد بدلا من توجيه تلك الموازنات لتدشين الحكومة الإلكترونية أو المدينة الإلكترونية، والموازنات سيتم تبذيرها في إعادة بناء أنظمة الماضي بدلا من بناء أنظمة المستقبل.

ولذلك فإن الاستراتيجية الحكومية في كل المجالات يجب إعادة صوغها على أساس الدخول في عالم المعلومات المستقبلي وليس الرجوع إلى عالم اختفاء المعلومة الذي عشنا فيه ولم نستفد منه تقدما.

هذا مع العلم انه ومهما عملت الحكومات فلن تجني شيئا سوي تبذير أموالها. فالإمكانات المتوافرة لدى القطاعات المختلفة من الناس تمكنها من اختراق الحواجز المصطنعة. ومثال ذلك عندما تمنع الحكومة وجود مراسل لتلفزيون معين، نرى ان ذلك التلفزيون يستطيع أن يبث أي خبر يشاءه بالاتفاق مع «الهواة» لتسجيل الخبر وبثه خلال دقائق من حدوثه إلكترونيا ومن ثم عرضه على شاشات التلفزيون الفضائي. الغريب في الأمر هو أن العالم يتغير ويتطور ويركز جهوده على المستقبل بينما وزارة الإعلام (التي تهتم بالمعلومة) تركز جهودها على أشياء لا تفيدها ولا تفيد البحرين. ولذلك فإننا لا نرى في محاولة تطبيق قانون الصحافة والنشر الذي أمر سمو رئيس الوزراء بإعادة النظر فيه أي فائدة تذكر سوى تضييع الجهود والفرص. آن الاوان لخطوة باتجاه المستقبل وذلك بتجميد القانون وتغييره

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 124 - الثلثاء 07 يناير 2003م الموافق 04 ذي القعدة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً