العدد 123 - الإثنين 06 يناير 2003م الموافق 03 ذي القعدة 1423هـ

رأس مال البحرين شعبها

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

البحرين هي أكثر الدول الخليجية تأهيلا للعب دور ريادي معتمد على مصادر قوة غير النفط. فبلادنا بدأت فعلا مرحلة ما بعد النفط منذ عدة سنوات، والتحديات التي تواجهها البحرين كثيرة، استطاعت التعامل مع بعضها بجدارة، وهي بحاجة إلى مواكبة المتطلبات المتطورة لاقتصاد غير نفطي.

عندما تسأل غير البحريني عن أهم سبب يدفعه إلى اختيار البحرين للعمل أو الاستثمار فيها يكون الجواب جاهزا: أهلها الطيبون. وبسبب طيبة أهل البحرين نجد الأجواء الاجتماعية المترابطة والاستعداد لممارسة نشاطات الحياة المختلفة. فالبحريني اليوم يعمل في المجالات التي لا يعمل فيها المواطنون في الدول المجاورة، والبحرينيون يشهد لهم تاريخهم بالكدح المتواصل وحب التعلم والتدرب. وانعكست هذه الطباع على الأجواء العامة، فنجد الأعداد الكبيرة من المعاهد التدريبية والمؤسسات المتخصصة في توفير الاستشارات والخدمات المختلفة. والبحرينيون يمرون بما سيمر به غيرهم في السنوات المقبلة، ولذلك فإن الأنظار تتوجه إليهم لتقييم تجربتهم السياسية والتنموية. وعلى هذا الأساس فإن الجميع مطالبون باتباع نهج مختلف عن نهج الدول الأخرى لأنه لا تصح المقارنة معها فيما هي فيه. والتحديات التي نواجهها حاليا أقل من التحديات التي سيواجهها غيرنا في السنوات المقبلة. فلو نظرنا إلى الإمارات العربية المتحدة ودبي تحديدا فإن لديهم إنجازات وتسهيلات متفوقة يمكننا اللحاق بها كما لحقوا بنا في السنوات الماضية. ولكن الإمارات لديها تحدٍ مستقبلي يتمثل في عدد الوافدين الذين يمثلون النسبة العظمى في كل شيء، وتزيد نسبة مشاركة الوافدين في النشاط العام على التسعين في المئة. وهذا الحجم الهائل من الوافدين يوفر حاليا أيدي عاملة رخيصة، ولكن مع الأيام يصبح هؤلاء جزءا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والاقتصادي وربما السياسي مستقبلا. ولا يمكن إغفال الجانب السياسي للوافدين خلال السنوات المقبلة، وخصوصا ان لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة لديها فريق متخصص في متابعة شئون العمال الوافدين إلى الدول الأخرى، والإمارات أكثر الدول التي يشار إليها في المناقشات داخل هذا الفريق المتخصص. وهناك سعي من الهند ودول أخرى لإصدار اتفاقات دولية لحماية الحقوق المدنية (والسياسية مستقبلا) للوافدين بحيث تلزم الدول المضيفة بالتعامل معهم باعتبارهم مواطنين أو شبه مواطنين.

هذه التعقيدات لا توجد بهذا الحجم في البحرين، ولذلك فإن الاقتصاديين ينظرون على المدى البعيد إلى البحرين ولما يمكن ان تقدمه سوق العمل البحرينية الوطنية. والآخرون لن يأخذوا الخطوة الأولى، وإنما ينتظرون البحرينيين أنفسهم ليحددوا كيف يتصرفون، ثم يشرعون في برامجهم الاستثمارية. وحاليا هناك فهم خاطئ لدى القطاع الخاص بأن الأجنبي لا يكلف كثيرا. ولو كان الحال كذلك لأصبحنا أفضل من الدول الأوروبية التي تراعي مواطنيها بصورة أولى، أو أفضل من سنغافورة صاحبة الدخل المرتفع.

إن التاجر ورأس المال الذي يعتمد على القدرات غير الوطنية يتعاملان مع المستقبل بأسلوب غير واعٍ. فالمستقبل سيكون بيد الاقتصاد الذي ينمو، والنمو لا يتحقق إلا إذا قويت القوة الشرائية للمواطن.

ففي حال ضعف القوة الشرائية يضطر التاجر مع الأيام إلى تقليل نشاطه الاقتصادي وخصوصا ان الوافدين يرسلون أموالهم التي يحصلون عليها إلى خارج البحرين، ما يضعف الوضع المالي للسوق، فلو كان المواطن هو الذي يملك ذلك المال فسيشتري من السوق الوطنية وستزداد أرباح التاجر على المستوى البعيد وستنمو أعماله التجارية. ولكي نتحرك باتجاه النمو البعيد المدى فإن ثقافة القطاع الخاص يجب أن تتغير ويجب على التاجر أيضا ان يفكر في وطنه وفي المواطنين، وعند ذلك سيساعد على تصعيد المستوى كما حدث في الدول المتقدمة الأخرى. فلو كان السنغافوريون يفكرون كما يفكر القطاع الخاص لدينا لما وصلوا إلى ما هم عليه الآن من منافسة الدول الأوروبية في قوة الدخل الفردي.

والحكومة تلعب دورا رئيسيا لحفز القطاع الخاص. ففي الماضي كان القطاع العام ينافس بصورة غير عادلة القطاع الخاص ويتم توظيف أموال بنك الإسكان في مشروعات تنافس القطاع الخاص. ومع الانفتاح الحالي والتوجه التنموي فإن الأمل يحدو الجميع إلى أن نفتح صفحة جديدة مشرقة تجعل من البحرين النموذج الأفضل في الديمقراطية والتنمية

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 123 - الإثنين 06 يناير 2003م الموافق 03 ذي القعدة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً