العدد 123 - الإثنين 06 يناير 2003م الموافق 03 ذي القعدة 1423هـ

لا تعطهم شوكولاته... لكن لا تضربهم

تضيء حوادث رأس السنة في شارع المعارض أمرا آخر ظل مسكوتا عنه لسنوات حتى اعتبره الناس أنه من نافلة القول، أو الفعل، ألا وهو استخدام الضرب من قبل عناصر الأمن مع من يتم إلقاء القبض عليهم، وذلك خلال اعتقالهم، وقبل وأثناء وبعد التحقيق معهم، وفي ذلك انتهاك واضح للأعراف الدولية ودستور مملكة البحرين أيضا، بيد أن غياب الوعي بحقوق الإنسان لدى الكثير من الناس يجعل الأمر يبدو وكأنه طبيعي أن يضرب الشرطي المعتقل لاستكمال مشهد إلقاء القبض عليه.

وفي الوقت الذي نفى فيه عبدالله هاشم ـ الذي يترافع عن سبعة من المتهمين ـ تبلغه بأي نوع من الإكراه مورس على موكليه في هذه الحوادث لإجبارهم على الإدلاء بأي معلومات أو التوقيع على الاعتراف بالمشاركة فيما حدث؛ قال أحد الذين تم إطلاق سراحهم إنه شاهد كيف كان بعض رجال الأمن يقسون على من تم القبض عليهم، وأن ما ناله من ضرب لا يقاس بما ناله الآخرون، ربما لصغر سنه، كما نقل والد أحد المتهمين عن ابنه أنه تم ضربهم «ضرب الحمير»، وخصوصا على أرجلهم، في الوقت الذي اشتكى فيه آخر من حرمان ولده من الاستحمام كأبسط حقوقه، إذ أن الملابس التي جلبها لابنه لا تزال في مكانها على الرف منذ ثلاثة أيام، ولم يسمح له بمقابلة ولده، وقال: «إن ابني في رعاية الحكومة، وأعتقد أنه يجب أن تكون أكثر عدالة في التعامل معه (...) حتى إن كان ولدي مخطئا ـ وأنا أستبعد هذا ـ فليأخذ جزاءه بالقانون... القانون وحده».

في هذا الإطار، نادى الناشط في مجال حقوق الإنسان عادل العباسي بأهمية الشفافية في التعامل مع الموقوفين، وألا يكون توقيفهم على هيئة «الاعتقال الانعزالي» الذي يعطي الشرطة فرصة لممارسة العقاب الجسدي على المعتقل في معزل عن متابعة الحقوقيين والإعلام والأهل والمحامين، إذ أن متابعة هذه الأطراف للمعتقلين تقلل من فرص تعرضهم للضرب.

وقال: «في أحد لقاءات اللورد إيفبري مع ضحايا التعذيب وقف شخص صغير السن قائلا إنه لم يتم تعذيبه، فقط أوقف على رجله لمدة يومين»، مشيرا العباسي إلى ضبابية وعي هذا الشخص ـ ومثله كثيرون ـ بأن حتى مجرد الصفع (الكف) يعد انتهاكا لحقوقه كإنسان.

وأوضح: «قد لا نلوم هذا الإنسان البسيط لضبابية تعريفه معنى الانتهاك، لأننا رأينا في محطة خليجية قبل حوالي سنتين مقابلة مع أحد المثقفين البحرينيين الذي أجاب، عند سؤاله عن ادعاءات مجموعة من المواطنين تعرضهم للتعذيب في المعتقلات، بقوله: وماذا تريد من الشرطة أن تفعل لهم؟ تعطيهم شوكولاته؟!».

لم تطالب «مدونة قواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين» الصادرة عن الأمم المتحدة في العام 1979، إعطاء الموقوفين شوكولاته، ولكن المادة الثالثة من هذه المدونة تقول: «لا يجوز للموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين استعمال القوة إلا في حال الضرورة القصوى، وفي الحدود اللازمة لأداء واجبهم»

العدد 123 - الإثنين 06 يناير 2003م الموافق 03 ذي القعدة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً