العدد 122 - الأحد 05 يناير 2003م الموافق 02 ذي القعدة 1423هـ

«الفاجومي» يتحدى سارقيه بكتاب يضم قصائده الشهيرة من دون محذوفات

القاهرة - أحمد ابو المعاطي 

تحديث: 12 مايو 2017

قضى شاعر العامية المصري الشهير أحمد فؤاد نجم غالبية سنوات عمره وخصوصا منذ العام 1967 إما مطاردا أو ضيفا على السجون والمعتقلات في مصر بسبب قصائده اللاذعة التي وجهت للنظام الناصري ومن بعده نظام الرئيس السادات نقدا عنيفا تجاوز تحايل اللغة إلى مفردات واضحة وصادمة من العامية الجارحة، فدفع من سنين عمره التي جاوزت الخامسة والستين بقليل ما لم يدفعه شاعر آخر من أبناء جيله. ومثلما دفع نجم من سنوات عمره دفع ايضا من جهده وعرقه إذ ظل يعاني - حسبما يقول في غير مناسبة - من قراصنة النشر، الذين نشروا من دون أن يدري في أحيان كثيرة عشرات الطبعات من أعماله وجنوا من ورائها آلاف الجنيهات من دون أن يتقاضى نجم - المؤلف الاصلي وصاحب الانتاج - قرشا، لكنه يقول في صراحة صعلوك إن أكثر ما كان يؤلمه في ذلك هو أن الطبعات التي انتشرت في مختلف انحاء العالم العربي حفلت بأخطاء فادحة.

ويقول نجم إن ذلك كان وحده - إلى جانب أسباب اخرى ثانوية تتعلق بالمعيشة الضنك - سببا في أن يقدم على أن ينشئ دارا للنشر سماها «زينب» على اسم ابنته الصغيرة تتولى مهمة انقاذ ابداعاته على رغم أن مقرها شقته الصغيرة الكائنة بالدور الاخير بأحد المساكن الشعبية بجبل المقطم، حيث يعيش أيامه الأخيرة مع أسرته الصغيرة، بعد ان ضرب زلزال اكتوبر/تشرين الأول الشهير بيته القديم فسقط على ما فيه.

وتكتسب هذه الدار اهميتها ليس فقط من كونها ملكية خاصة لنجم ولكن لانه من خلالها بدأ في نشر شعره للمرة الأولى بنفسه بعد أربعين عاما من الكتابة، فقبل أيام احتفلت فعاليات ثقافية في مصر بصدور الجزء الأول من باكورة أعمال دار «زينب» للنشر، تحت عنوان «حكايات القصائد» وكان نجم أصدر قبل عام كتابه الاول من الدار نفسها تحت عنوان «انا بقى وعادل حموده» كال فيه الاتهامات للكاتب الصحافي المعروف حموده بعد تراشق صحافي انفجر بينهما اثر قبول نجم دعوة من رجل الاعمال نجيب ساويرس للاحتفال بعيد ميلاده وهو الحفل الذي اعتبره حموده لا يليق بشاعر محسوب على تنظيمات اليسار فكتب في «الاهرام»: «الجياد لاتباع في السوبر ماركت».

ويشير نجم في كتابه «حكايات القصائد» إلى الملاحقات البوليسية والحصار الإعلامي والاعتقال الدائم له الذي مهد الطريق امام بعض اللصوص لطبع قصائده وبيعها في دواوين «من دون الاتفاق معي أو حتى مجرد التنسيق» ويقول نجم: «لقد وافقت على ذلك ضمنيا بيني وبين نفسي لسببين، أولهما أنني لم أملك إيقافهم أو اعتراض سبيلهم، والسبب الثاني أن يكسر شعري الحصار الرسمي بكل أشكاله ويصل إلى أصحابه الحقيقيين». لكن النتيجة -حسبما يقول نجم في كتابه - كانت مأسوية اذ لم تنشر القصائد كما ينبغي بالتسلسل التاريخي فحذفت أجزاء وأضيفت لقصائد أخرى «فكان ذلك سببا لان يصل شعري مشوها إلى لناس». ويضم كتاب «حكايات القصائد» اعمال نجم الأولى وقصائده التي غناها الشيخ إمام منذ العام 1962 وحتى نهاية الستينات، وهو يقسمها في كتابه إلى خمس مجموعات: في الروضة البيرمية، وأول الرقص، وقصائد وطنية، وقصائد حربية، وأمريكانيات.

ويضم قسم الروضة البيرمية قصيدتين كتبتا العام 1962 هما «المدرس» و«كلب الست» والثانية جرت وقائعها في العام 1962 وبطلتها كانت كوكب الشرق السيدة أم كلثوم، ويقول نجم في اسباب كتابته القصيدة إن كلبا كانت تربيه أم كثلوم عقر شابا بينما كان يتنزه مع بعض اصدقائه بالقرب من بيت «الست» فما كان من الشباب المعضوض الا أن توجه إلى قسم الشرطة لإثبات الحالة وإجراء اللازم ويقول نجم في سخرية لاذعة: «ولأن ضابط الشرطة كان شابا مثلهم فقد تحمس لعمل محضر لصاحب الكلب، وبالبحث والتحري اتضح أن «العاض» هو كلب الست أم كلثوم، وصدرت التعليمات العليا للضابط الشاب بإيقاف الإجراءات جميعها مع احتجاز المعضوض لحين وصول وكيل النيابة.

ويتخيل نجم في قصيدته الشهيرة وقائع ما جرى للشاب في قسم الشرطة من مذلة ومهانة لانه تجرأ ودفع كلب السيدة ام كلثوم لان يعضه وينهي القصيدة بأبيات كانت سببا فيما بعد لتوقيفه فترة من الزمن يقول فيها:

هيص يا كلب الست هيص

لك مقامك في البوليس

بكره تتولف وزارة

للكلاب

ياخدوك رئيس!

وتحت عنوان «اول الرقص» يروي نجم بموضوعية ربما للمرة الاولى قصة لقاء جمعه للمرة الاولى مع الموسيقار الراحل الشيخ امام عيسى ويقول نجم: «الحقيقة أن صاحب الفضل الأول في لقائي بإمام هو الصديق الرائع سعد الموجي الذي قادني إلى «حوش قدم» الرائعة ليعرفني بالفنان المكفوف الذي كان الموجي يتحمس له بشدة ويراهن على موهبته، والحقيقة أن دور سعد الموجي لم يقتصر على مجرد تقديمي للشيخ إمام أو تقديم الشيخ إمام لشخصي الضعيف فهو الذي حرضنا على العمل المشترك، ثم قام برعاية التجربة ماديا وأدبيا وأضير في رزقه وبدنه بسبب هذا الموقف النبيل».

والمؤكد أن القصائد التي كتبها نجم وغناها امام عيسى تعد من اروع القصائد التي ابدعها مثل «جيفارا» و«عبدالمنعم رياض» و«التحالف» و«حرب الشعب» وغيرها من القصائد التي بشرت بالنصر وضرورة تجاوز هزيمة يونيو/حزيران الساحقة





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً