الصور تتداعى ولا تتوقف. تنهمر في ثنايا وتموجات ذاكرة الوطن مثل الربيع الذي اشتاق أن لا يغادر. ويرتسم لنا ونحن في بداية هذه السنة الجديدة، شريط من المواقف والدروس والعبر والذكريات التي تشكل ملامح العام 2002، وهي منحنيات ومنعطفات حفلت بالكثير من الهم السياسي والتعاطي مع الشأن العام، ومن الصعب أن تفرد مساحة للوصف والتحليل لحوادث العام الماضي على المستوى السياسي في هذه الفسحة الضيقة، لكن بالإمكان القول إن السنة الماضية كانت نشطة وكثيفة سياسيا، وحملت معها تغيرات جذرية على مستوى العمل السياسي أهمها أننا كسبنا رهان المحافظة على وجه البحرين الحضاري.
الصور كثيرة وسنغرق معا في تذكرها، بدءا من تحول البحرين إلى مملكة واقرار الدستور الجديد، واجراء انتخابات المجلس البلدي والمجلس النيابي، ومقاطعة الجمعيات الأربع للانتخابات النيابية، واصدار قانون المطبوعات والنشر الجديد، وسقوط الشهيد محمد جمعة، وهروب العقيد عادل فليفل، والمظاهرات والاعتصامات المنادية بمحاكمة المعذبين... وغيرها من الحوادث والصور التي لم يهدأ أنينها بعد. وبغض النظر عن تعدد القراءات للوضع السياسي في البحرين والاختلاف على التعديلات الدستورية، فإن العلامة البارزة والملفتة هي أن حرية التعبير وتأسيس مؤسسات المجتمع المدني مازالت مكفولة، وهي الورقة الرابحة التي يجب أن نتمسك بها وندافع عنها في أشد وأحلك الظروف، فمن دونها لا نستطيع أن نعبر عن وجهات نظرنا المخالفة والمضادة لأفكار وآراء الآخر، وغيابها (حرية التعبير) نذير شؤم. كذلك استمرار الحوار الوطني خلال العام 2002 جسّد مدى التلاحم الشعبي بين قوى المعارضة والحكومة، وأثبت أن النهج السلمي هو القاعدة الصلبة لأي حوار وتجربة تريد أن تتطور ولا تقف عند حد معين.
ورصد وقائع وحوادث الساحة السياسية البحرينية خلال العام الماضي من منظور السياسيين الذين خاضوا تجربة العمل السياسي والمهتمين والمتابعين، يكشف لنا أبرز المحطات والجوانب المتعلقة بهذا الموضوع، ووجهة نظرهم وتقييمهم للتجربة السياسية للعام 2002.
ونأمل لتجربتنا الديمقراطية خلال السنة الجديدة 2003، مزيدا من التطور والتقدم والازدهار
العدد 119 - الخميس 02 يناير 2003م الموافق 28 شوال 1423هـ