الشباب هم ثروة الوطن وعماده وطاقته المتجددة، وهم القادرون على صنع التغيير والتحول في المجتمع. وتستطيع أن تقرأ واقع الساحة السياسية في البحرين المستقبلية من خلال الاقتراب منهم والتعرف على طموحهم وآمالهم، ورصد آرائهم وتقييمهم لمجمل الحوادث والوقائع التي حدثت في العام الماضي. وبطبيعة الشباب التي لا تستقر على حال، تجد تفاعلهم مع الحوادث السياسية الكبرى التي جرت في البحرين بشكل ايجابي يعزز من وجودهم في المجتمع سواء بتأسيس جمعياتهم الشبابية أو انخراطهم مباشرة في العمل السياسي مع الكبار. وقمنا بإجراء مجموعة من اللقاءات الصحافية مع عدد من الشباب للتعرف على انطباعاتهم عن الحوادث السياسية في البحرين في العام 2002 وطموحهم في السنة الجديدة.
يرى عضو مجلس الطلبة جعفر حمزة أن السنة الماضية كانت مليئة بالكثير من الانجازات «الملحوظة والغير الملحوظة». ويقول: «هناك الكثير من سوء الفهم وعدم التفاهم الذي وقع بين الحكومة والشعب. لا أحد ينكر الانفتاح السياسي في البحرين الذي أثمر عن مناخ مشجع للعطاء السياسي الذي شكلت أرضيته الجمعيات السياسية وجمعيات المجتمع المدني. وعن وجود تباطئ في سير المشروع الاصلاحي الذي أقره جلالة الملك، فإن جزءا منه تتحمله الجهات الرسمية، وجزءا يتحمله الشعب».
علاقة متذبذبة
ويتحدث حمزة عن وجود «تذبذب» في العلاقة بين الحكومة والشعب أثرت بشكل كبير على تقدم العملية الديمقراطية في البحرين. ويقول: «هذه العلاقة شابها الكثير من التوتر والتأزم، ومرت بالكثير من المراحل بدءا من اقرار الميثاق وإجراء الانتخابات البلدية، والتعديلات الدستورية الغير متوقعة، واجراء الانتخابات النيابية. يجب أن تكون هناك مصارحة ومكاشفة بين جميع القوى في المجتمع حتى نتجاوز الأخطاء التي وقعت في السنة الماضية». وينتقد حمزة قضية التجنيس التي اعتبرها «داء عضالا» تم تجاهله من الجهات المعنية. ويقول: «إن قضية البرلمان - باعتقادي - ليست الأمر الجوهري لدى شعب البحرين بقدر ما يحتاج إليه من كرامة، وتوفير العيش المناسب... ماذا يريد المواطن غير الحياة الكريمة وحرية الكلمة؟!».
ويبين حمزة أنه على الصعيد الشبابي كانت السنة الماضية مليئة بالمفارقات، أبرزها ما يتعلق بالشأن الاعلامي، ويقول عن ذلك: «هناك نوع من التخلخل وعدم وضوح الرؤية والاستراتيجية الموجهة للشباب، فالنشاط الاعلامي سواء التلفزيوني أو الاذاعي أو الصحافي ضحل نسبيا ويعتمد على ردة الفعل. لم نشاهد إلا برنامجا تلفزيونيا واحدا للشباب ثم اختفى مع الريح. صورة الشباب غائبة عن البرامج الاعلامية، وهو قد يؤدي إلى انفجارات مفاجئة مثلما حدث من أعمال شغب وعنف ليلة رأس السنة. وهنا أوجه عتابي إلى المؤسسة العامة للشباب والرياضة البعيدة عن قضايا ومشكلات الشباب، وتهتم بالرياضة على حساب الثقافة».
الجولة الأولى
الفنان المسرحي حسين أبوحسن يصف العام 2002 بأنه «الجولة الأولى السياسية» في البحرين وستتبعها جولات أخرى. ويقول: «شهد العام الماضي استقرارا سياسيا واقتصاديا أدى إلى حدوث انفراجات على مستويات عدة يلحظها المواطن منذ اقرار ميثاق العمل الوطني. كما وشهدنا قيام وتأسيس الجمعيات الشبابية التي يصرح لها لأول مرة، ونتمنى أن يكون لها نشاط فاعل في هذه السنة».
ويعبر أبوحسن عن ارتياحه لاجراء الاصلاحات السياسية في البلاد على رغم حدوث التغييرات الدستورية التي يأمل أن تتجه لمنح المجلس النيابي حق التشريع فقط. ويقول: «استطاعت الحركة المسرحية أن تواكب الحوادث السياسية في البلاد، فهي تتأثر بها ولا تنفصل عنها وجزء من أي حركة في المجتمع، وبدى واضحا أن العروض المسرحية تتجه نحو أفق ابداعي آخر».
عام «السياسية»
ويقول الطالب الجامعي علي ربيع: «العام 2002 يعتبر ثورة بالنسبة إلى تاريخ البحرين السياسي، وبعد مخاض طويل من الكفاح السياسي المستمر، تمت انجازات كثيرة أبرزها ما يتعلق بإعادة الحياة النيابية وحرية التعبير، ولكن التعديلات الدستورية لم تكن متوقعة وكنا نطمح أن يمنح المجلس الوطني جلّ الصلاحيات التشريعية كونه ممثلا عن الشعب... والمستقبل مازال أمامنا لاحداث تغييرات في الساحة السياسية». ويواصل قوله: «العملية الانتخابية ناقصة بسبب خروج المعارضة، فلا يكفي العمل من خارج قبة البرلمان. وعلى رغم المنغصات التي حدثت أعتبره هو عام السياسة في البحرين».
تلاحم شعبي
ويعبر الطالب الجامعي إبراهيم الشاخوري عن تقييمه للأوضاع السياسية في العام 2002 فيقول: «يمكن تلخيص الكلام لكل ما حدث في العام الماضي بابتعاث تحية تقدير لكل أولئك الذين جعلوا العام 2002 حافلا بالمنجزات والاشراقات لمملكة البحرين، فلا أحد يستطيع أيا كان أن يتناسى ما كان من انجاز تاريخي مسجل في تاريخ البحرين. لكن هل هذا كل شيء؟ الوجه الآخر للصورة أن قضايا سياسية ملحة كان من المفترض أن تتم ولكنها لسبب أو لآخر لم تتم. وقضايا أخرى كان من المفترض أن لا تكون، ولكنها حدثت. في غمرة هذا، يمتزج الفرح بشيء من الاستياء ويرتفع التشاؤم بشيء من الأمل. أعتقد أن ما جرى في البحرين هو خطوة في رحلة الألف ميل، فلا داعي للعجلة، والأهم هو التلاحم الشعبي الذي توج السنة الماضية وكان أحد علاماتها البارزة».
وأخيرا الشاب أحمد الصفار يرى أن المكتسبات التي تحققت في العام الماضي لا يمكن اغفالها وهي جزء من تاريخ البحرين «الذي نفتخر به». ويقول: «يكفي أن البحرين حققت المركز الأول في التنمية البشرية على مستوى الدول العربية، ما يعني أن عجلة التنمية والتطور تسير بتقدم ونتمنى الأفضل في السنوات المقبلة»
العدد 119 - الخميس 02 يناير 2003م الموافق 28 شوال 1423هـ