كيف يقيّم السياسيون في البحرين الأوضاع السياسية خلال العام 2002؟ ما هي أوجه الانجازات والاخفاقات على هذا الصعيد؟ هل لديهم انتقادات لموقف أو سلوك سياسي نتج عن أفراد أو جماعات في السنة الماضية؟ ما هي رؤيتهم المستقبلية للعمل السياسي خلال السنة الجديدة...؟ وحول هذا الموضوع قمنا باسطلاع آراء بعض السياسيين والمعنيين بالحركة السياسية في البحرين.
من أبرز انجازات المعارضة في العام 2002 والسنوات الماضية هو المحافظة على المعارضة السلمية والنهج العقلاني الذي أثبت للعالم مشروعية وسلمية المطالب الشعبية. وعلى رغم تحفظنا على الانتخابات النيابية إلا أنها حال ايجابية تميز بها العام 2002، وهي لا تمثل مورد الطموح لنا. ونأمل المزيد من التطور السياسي والاجتماعي في البحرين الذي أحد مرتكزاته التغيير الدستوري للوصول إلى حال من الاتفاق والمعايشة الديمقراطية التي تقوم على توازنات قوى المجتمع كافة.
وأعتقد أن أهم الاخفاقات التي ألمت بالساحة السياسية البحرينية هو التراجع الدستوري الذي حدث باقرار دستور مملكة البحرين2002 في فبراير/ شباط الماضي وفق آلية غير شرعية وغير متفق عليها، وأدت إلى تفويت فرصة تاريخية للرجوع إلى حاكمية الدستور وتفعيل مؤسسات المجتمع المدني، وكان بالامكان أن يضع البحرين في مصاف الدول المتقدمة.
واصدار قانون المطبوعات والنشر الجديد - والذي لايزال يعمل به - يعد انتكاسة حقيقية على مستوى الحريات العامة، ويهدد مساحة التعبير. نحن بحاجة إلى قانون أكثر انفتاحا ومواكبا إلى الانفتاح السياسي الذي تعيشه البلاد، بحيث تمنح وسائل الاعلام حرية التعبير والنقد ضمن حدود المسئولية التي يفرضها الدين والأخلاق والمجتمع من دون قيود أو ضغوط مسبقة تحد أو تعطل من حجم هذه الحرية.
كذلك من المؤشرات والمفارقات هو تتابع صدور حزمة القوانين والمراسيم في السنة 2002 مع علمنا بقيام المؤسسات الدستورية المخولة إصدار مثل هذه القوانين والتي لا تصدر إلا في حالات الضرورة فقط.
إن المعارضة تملك أوراق المبادرة بعد أن ألقت ما بجعبتها للعملية التغييرية في العام 2002، واجمال هذه الأوراق استخدامها في الضغط السياسي لتغيير الوضع الدستوري. ستواصل المعارضة موقفها المعارض من خارج قبة البرلمان وستضغط بالوسائل والطرق السلمية لتحقيق مطالبها المشروعة.
علي سلمان
رئيس جمعية الوفاق الوطني الاسلامية
إذا ما قارنا أوضاعنا السياسية خلال العام 2002، سنجد اختلافا جوهريا يتعلق بتطور وتعزيز الممارسة الديمقراطية وانتخاب المجلس النيابي الممثل لصوت الشعب، وهو أمر ايجابي لا يمكن اغفاله أو تجاوزه. بعض الاحباطات واجهت القوى الوطنية بحسب توقعاتهم وقراءتهم للوضع السياسي إلا أنه على رغم ذلك كله نحن أفضل من دول كثيرة مارست العملية الديمقراطية، والخطوة أفضل من اللاخطوة. ومسألة التدرج والتأني في خوض التجربة والتي أكد عليها جلالة الملك في خطبه، جديرة بالتوقف وفهم التجارب الديمقراطية العريقة للدول الأخرى. نحن نمر بمراحل طبيعية لتطور التجربة الديمقراطية، وكلنا سوف نتعلم منها.
التركيبة السياسية للواقع السياسي في البحرين، يمكن قراءتها مثل اللوحة الفنية الجميلة التي تحوي كل الألوان والأطياف التي تتجاذب رؤى ووجهات نظر مختلفة، وهو أمر صحي يدلل على وجود قاعدة وأرضية صلبة للبناء والحوار الوطني.
ومن المكتسبات الكبيرة التي جنيناها هو اعطاء المرأة حقوقها الدستورية، ولم تعد لنا أمية القراءة والكتابة، وانما أمية التعامل مع التكنولوجيا.
العالم اليوم يسير على سيناريو (الليبرالية الاقتصادية)، إذ لا أهمية ونموا في الاقتصاد من دون وجود ليبرالية سياسية. يجب أن يكون هناك استقرار سياسي ليكون هناك استثمار اقتصادي جيد، وهو ما نخطوه في البحرين بخطى ثابتة وكان مميزا طيلة العام 2002.
الوعي السياسي كاف، وليس أدل على ذلك تحدث رجل الشارع العادي والمثقف والمسئول عن قضايا الوطن، ومتابعته المستمرة للقضايا العربية والعالمية. السياسة هي مرادف للحياة، وتشمل المجالات جميعها من حياة المواطن.
سقف الحريات في البحرين يرتفع بشكل ملحوظ، ووجود صحيفة مثل صحيفة «الوسط» هو وجه من وجوه مساحات التعبير الفائضة، والتي لم نكن نحضى بها السنوات الماضية، ونأمل في السنة الجديدة أن تكون سنة خير وسلام واستقرار وبناء للوطن.
ندى حفاظ
عضو مجلس الشورى
في سياق تقييمنا للانجاز على الصعيد السياسي الذي تم في العام 2002 نقف أساسا عند مسألة الحرية، إذ أن المشروع الديمقراطي الذي انتهجه جلالة الملك قد حقق اختراقا حقيقيا وتاريخيا على مستوى الحرية والمصالحة الوطنية. وإذا تجاوزنا الاجراءات التي قام بها الملك والتي تصنف ضمن دائرة المصالحة الوطنية، فإننا نصل إلى حرية اطلاق العمل السياسي العلني والمشروع من خلال جمعيات تشتغل في الشأن العام، ومنح المرأة حقوقها السياسية خصوصا ما يتعلق بالترشيح والانتخاب. كذلك اطلاق حرية عمل المجتمع المدني وفي مقدمتها حرية التنظيم على المستوى النقابي وتعدد منظمات حقوق الانسان، وأيضا من الممكن القول إن هامشا قد اتسع فيما يتعلق بحرية النشر من الوجهة العملية مع تحفظنا الأكيد على قانون الصحافة الذي صدر أخيرا ومن المؤمل أن يعاد النظر فيه وأن يطرح على مجلس النواب. ومن الانجازات أيضا تعديل جزئي ومحدود على الحياة المعيشية وهو يتحرك في الاتجاه الصحيح، ويفعّل على مستوى تقليص الفقر والبطالة التي يعاني منها شباب هذا الوطن.
أما عن الاخفاقات السياسية، فالاخفاق الأول هو عدم الوصول إلى تعديلات دستورية تكفل قيام مؤسسات دستورية محددة الصلاحيات والسلطات، وفقا للأعراف والمواثيق الدولية ودساتير المجتمعات الأخرى، وأن تكون سلطة التشريع لمجلس النواب المنتخب أعضائه بالاقتراع السري. كذلك القصور الذي يعانيه المجتمع على مستوى الأمن العام وهو قصور تعانيه وزارة الداخلية، إذ تفشت الجريمة وصعب على الوزارة الانتقال من هذه الكيفية التي كانت تعمل بها إلى آلية فاعلة وتتوافق مع المشروع الاصلاحي.
لم تستطع قوى المعارضة انتهاج مسلك يعزز الديمقراطية فيما بينها، فأخذت المواقف السياسية للمنعطفات التاريخية تولد أحلافا وتكتلات تقوم بأفعال مضادة للديمقراطية بين صفوف المعارضة والصفوف المجتمعية الأخرى التي تقترب من الخط الرسمي.
نحن متفائلون من أحداث تغييرات أساسية، لكنها لن ترقى إلى مستوى تغييرات دستورية تتوافق مع المطالب الدستورية للحركة الشعبية، والتي مع الأسف اختلاف فيما بينها لدى قوى المعارضة وتباين في الرأي بشأنها. ومتفائلون أيضا اذا ما انتشرت ثقافة التسامح، وليس ثقافة الانتقام، من أن تكون هناك انفراجات على مستوى الحرية والحياة المعيشية في السنة الجديدة.
عبدالله هاشم
رئيس جمعية التجمع الوطني الديمقراطي
العدد 119 - الخميس 02 يناير 2003م الموافق 28 شوال 1423هـ