العدد 118 - الأربعاء 01 يناير 2003م الموافق 27 شوال 1423هـ

العابثون بالأمن عابثون لا سياسيون

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

وهكذا بدأنا الساعة الاولى من أول أيام سنتنا الجديدة باستلام العابثين بعض شوارع المنامة وحرق وتخريب سيارات وفنادق ومحلات تجارية واعتداءات على اشخاص لا ذنب لهم سوى انهم وجدوا في المكان الخطأ والوقت الخطأ. وقبل ان تعلو اصوات البعض منادية بالقبضة الحديد فإننا نقولها للمرة الألف بأن العابثين الذين كسروا وسرقوا وخربوا كلهم ليسوا سياسيين، بل انهم من الذين لا هدف لهم في حياتهم. وياليتهم كانوا سياسيين فلعلهم كانوا دخلوا سجنا سياسيا وذاقوا مرارة النضال من أجل الحرية لكانوا قد انضبطوا ولم يجرأوا على العبث بأمننا وخلق الفوضى في كل فرصة استطاعوا فيها الخروج والتجمهر.

يخرج السياسيون في اعتصامات ومظاهرات في البحرين هذه الايام ولكن لم يسجل أي حادث تخريب او اعتداء او أي شيء يثير الناس ضد بعضهم الآخر. وهؤلاء السياسيون هم أكثر الناس انضباطا وحرصا على أمن البحرين وسلامتها وهي أفضل السبل للسلامة الوطنية. ودليل ذلك ان كل المناطق السكنية التي يتركز فيها الناشطون السياسيون هي الأكثر أمنا والأبعد عن العبث والفوضى.

مشكلات العبث الشبابية تنتشر في البلدان المختلفة بين الفترة والاخرى. وحتى في بلاد متطورة مثل بريطانيا تنفجر حوادث العبث بين فترة وأخرى بعد مباريات كرة القدم او اثناء احتفالات رأس السنة. ولكن لا يوجد أحد يربط بين العابثين والمطالبين بحقوقهم الذين يخرجون الى الشوارع ايضا ولكنهم يمارسون حقهم في التعبير عن رأيهم. وفي تعليق لأحد السياسيين البريطانيين في احدى المدن الشمالية التي شهدت اضطرابات عبثية أشار إلى أن آباء وأجداد هؤلاء كانوا ايضا يتـظاهرون ولكنهم كانوا عمال مناجم فحم يتظاهرون مطالبين بحقوقهم وليسوا شبابا مملوئين بالطاقة وسكارى يفرغون تلك الطاقة في تخريب المنشآت والعبث بالحضارة والمدنية.

العابثون بأمننا شباب ضائعون ليس لهم هدف ولا يعلمون ماذا يريدون من حياتهم ولذلك فهم يتجهون للشوارع والمراكز التي اصبحت بؤرا تستقطبهم لتفجر طاقاتهم بشكل عبثي وهمجي. فما ذنب سيارة تحمل رقما غير بحريني يمر في مكان ما ويتم الاعتداء عليه؟ وما ذنب المحلات التجارية المغلقة وما ذنب الساكنين في تلك المنطقة لكي يستمروا في المعاناة من عبث العابثين؟

لعل جمعياتنا السياسية والأهلية بحاجة إلى الوصول إلى هؤلاء الشباب وارشادهم وربما تسيّسهم ثم توجيه تلك الطاقات المبعثرة في الاعمال الاجتماعية والسياسية وغيرها المنطلقة على اساس قانوني.

لعل وزارة الاعلام بحاجة الى حملة توعية عبر الإذاعة والتلفزيون الى توضيح المشكلات التي يعاني منها هؤلاء الفارغون من أي محتوى سياسي أو غير سياسي.

لعل وزارة التربية بحاجة إلى توجيه بعض مناهجها لملء الفراغ الذي يدفع ببعض الشباب للعبث. لعل جامعاتنا بحاجة إلى ارسال طلابها وباحثيها إلى دراسة الظاهرة وتقديم بعض الحلول. لعل علماء ديننا بحاجة إلى الوصول بأحاديثهم وارشاداتهم لهؤلاء الشباب الضالين سعيا لهدايتهم...

لعلنا بحاجة إلى كل شيء لوقف هذا العبث إلا المطالبة بعودة قوانين الطوارئ. فلقد قضت أحكام الطوارئ على حياتنا الاجتماعية وخنقت كلماتنا وعبراتنا ووفرت المجال لافساد الفاسدين من مسئولين كانوا يمارسون القمع ويضطهدون ويبتزون الناس.

البحرين تفخر بانجازاتها في مجالات كثيرة، وهي تواجه مشكلة العبث، والحلول يجب أن تعالج مشكلة العبث ولا يجب أن تتوجه إلى أي شيء آخر هو ليس مشكلة بالاساس

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 118 - الأربعاء 01 يناير 2003م الموافق 27 شوال 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً