لا يختلف الأمر إن عدّل جنبلاط من تصريحاته أم زاد طينها بلة. فما قيل قد قيل مُعمّدا حديثا قد قاله قبل عام بذات الملامح. إن وَقَفَ الرجل على مسافة لا يُدرك فيها أحدٌ «مَنْ كان مَنْ ومَنْ كان موفدا مِنْ قِبَلِ مَنْ» (حسب تعبير أحد الأدباء) فإن ما جرى لم يُضِف سوى شرخا لما تبقّى له من وصل مع حلفائه الذين يستبدلهم كلّ حين.
فمن وصفه جبل الدروز بأنه جبل البطريرك مار نصرالله بطرس صفير إلى نعت المسيحيين بـ»الجنس الخامل» ومن تشبيهه للرئيس السوري بـ «طاغية الشام» إلى قوله «إن سورية انسحبت من لبنان، ولا داعي للبكاء على الأطلال» يتقافز الرجل.
عندما فاز نوّاب المال عنوة في لبنان كان جنبلاط (بالتحالف مع الحريري) رافعة قويّة لصعود ستة وعشرين نائبا مسيحيا من قوى الرابع عشر من آذار ممن أسالوا معه وناسه وأهله دما عبيطا في الماضي القريب.
وحين ينقلب عليهم اليوم فإنّه مُلزَم لتبيين ذلك الانعطاف الحاد لـ68 في المئة من الطائفة الدرزيّة الكريمة ممن يدعمونه في الجبل وفي عموم لبنان. فهم يُدركون حجم الجرح الذي مسّهم بسلاح أولئك وخصوصا الجعجعيين منهم.
قد يتساءل دروز منطقة عاليه اليوم عن مغزى تصويتهم لـ فادي الهبر من الكتائب. وذات الأمر لمن صوّت لـ جورج عدوان من الدروز في منطقة الشوف، وبقيّة الجوقة كـ ميشال فرعون وجان أوغاسبيان وسيرج طورسركيسيان وإدمون غاريوس وإلياس أبوعاصي الذين رفعتهم أصوات طائفية أشبه بالموزاييك.
في كلّ خطوة يخطوها وليد بيك في السياسة يتحدّث أن قلبه وعينه على مستقبل الدروز كأقليّة في لبنان. لكن ذلك الادّعاء بات مشكوكا فيه حين جرّهم إلى مناطق احتراب طائفية ساخنة طيلة السنوات الأربع الماضية سواء في الداخل أو في الإقليم.
بل إن ما قام طيلة السنوات الأربع المنصرفة لم يكن تعديلا أو تقويما لعلاقة معْوَجّة بين الدروز وسورية بل هذيان ولعب في طبيعة تلك العلاقة التي نحتتها ظروف التاريخ السحيقة ونحتتها الجغرافيا وسائر الظروف الاجتماعية.
يعلم وليد بيك أنه ومن جبال السواحل المتوسطية الشرقية، إلى الشمالَيْن السوري والفلسطيني إلى مرتفع السّمّاق المحصور بين حلب وأنطاكيا ووادي التَّيْم السوري موصولا بجبل حرمون يهجع دروز العالم.
وحين يصفّهم جنبلاط (في لبنان) ويضع في أيديهم حَطَبا مُعطّنا بالبارود لمناجزة سورية فإنه يرتكب خطيئة تاريخية وسياسية لا تُغتفر. فدروز لبنان وسورية يجمعهم هاجس الأقليّة والمصير المشترك والأواصر التي تجمع منتسبي أيّ طائفة. من هنا يُشَكّ في أن جنبلاط حريص على طائفته فعلا.
حين يستحضر الدروز اليوم أن سورية كانت ظهيرا لهم في حربهم الوجودية ضد القوات اللبنانية في العام 1983 وفي معارك سوق الغرب في العام 1988 ضد الجنرال عون يتساءلون: ما الذي يدفعنا لاستعداء سورية؟ إنه سؤال حقيقي ومُر.
ثم تساؤل أكثر أهميّة لأنه يمسّ الداخل اللبناني: إذا كان وليد جنبلاط حريص على الطائفة الدرزيّة فلماذا دفع بالأمور إلى أقصاها مع حزب الله وحركة أمل هو يعلم أن هذين الفصيلين يُمثّلون أكثر من خمسة وتسعين في المئة من الطائفة الشيعية في لبنان حسب ما بيّنته الانتخابات الأخيرة؟!
بالتأكيد لا ينبغي العيش بالاستصحاب في المواقف السياسية، لكن نقد حدوثها بغير الجادّة أمر دائم الحضور. إن ما يقوم به وليد جنبلاط من سلوك سياسي مُضطرب لا يحمي الدروز أبدا كما يدّعي، بل إنه يُعرّضهم لرضّات سياسية وأمنية غاية في الخطورة.
فالدول الحليفة للأكثريّة (الماليّة) في لبنان لن تدعم أحدا بقوّة السلاح. ولن تُجيّر جيوشها حماية لحلفائها وطوائفهم هناك بعد نكسة العراق وأفغانستان. وبالتالي فإن تغليب أجواء العداء ضد عناصر موجودة بشكل حقيقي في لبنان أو في جواره هو معاكس للمصالح الدرزيّة.
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 2528 - الجمعة 07 أغسطس 2009م الموافق 15 شعبان 1430هـ
ليس طائفية
أستغرب من بعض التعليقات التي تنعت الناس بالطائفية وهم أكثر من يعيشها لأنهم لا يرون في ايران سوى شر مطلق
خلك منصف و لو لمرة في حياتك
خلك منصف و لو لمرة في حياتك و إبتعد عن الطائفيه المريضه التي تصدح بها لنا كل يوم. فمثل ما تحالف البعض مع السنه من أجل المال هناك من باع كذلك تاريخه السياسي من أجل البتروتومان و لكن طائفيتك العمياء و إنحيازك الأصيل لكل ما هو ذنب للفرس المجوس منعك من قولها.
ثورة جنبلاط
في البداية تعقيبين سريعين على مقالك أستاذ محمد :
أولاً : تصحيحا للعبارة هو لم ينعت المسيحين بـبـ»الجنس الخامل» ، و إنما الجنس العاطل .
ثانياً : أستغرب منك أستاذ محمد و انت المعروف بالصراحة و الشفافية أن تضع نظارت سوداء و أن تحذف النقاط من على الحروف!لماذا لا تسمي الأشياء بأسماءها؟ الدول المالية الحليفة للأكثرية ، من هذه الدول التي تقصدها ياأستاذ محمد ؟ وضعتني في حيرة هل تقصد جزر الواقواق أم جزر المالديف!!
سورية
فليسمح لي الكاتب أن أعلق على كلامه أن سورية كانت ظهيرا للدروز ضد جعجع و عون و أود أن أشير إلى أن النظام السوري و ليست سورية فالشعب السوري بريء من نظامه كما أن النظام السوري دعم ميشيل عون في حرب الإلغاء ضد جعجع و الكل يعرف أن النظام السوري هو من أجج الطائفية في لبنان. أؤكد لك أن دروز سورية و الشعب السوري عامة تتوسل خيرا في 14 آذار و ترى المحكمة الدولية سبيلا لتخليصها من النظام الأسدي و جنبلاط أخطأ في مغازلته سورية
المتلونون كثر
جنبلاط ومن على شاكلته ومن يدور في فلكهم همهم مصالحهم الشخصية ولا غير لذلك فهم يتلونون كل يوم بلون لتحقيق مصالحهم الشخصية ولا يمكن اعتبار هكذا نفوس بأنهم مدافعون ومقاومون وقلوبهم على الوطن من يدفع أكثر يقولون له سيدي.
دوره فقط ليكون عدو من وضد من..
أين جنبلاط من فهم السياسة وهو عدو لنفسه بجهله ... (الناس أعداء ما جهلوا) أو فقط ليكون دوره عدو من وضد من .