العدد 2232 - الأربعاء 15 أكتوبر 2008م الموافق 14 شوال 1429هـ

هكذا سنواجه العاصفة؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ما يسيطر على نشرات الأخبار في الفضائيات، الأزمة المالية التي تعصف بدول العالم جرّاء انهيار عدد من المصارف الأميركية. وحتى الدول التي لا تملك سوق أموال مالية، كما يقول وليد نويهض، أخذت تدفع الثمن!

الدول الخمسة والعشرون الأعضاء بالاتحاد الأوروبي اجتمعت في بروكسل واتفقت على تخصيص مليارات (اليوروات) لإنقاذ البنوك الأوروبية. والصحافة الأميركية تتحدّث اليوم عن كساد أصاب بلادهم أشدّ من الكساد الشهير في الثلاثينيات. حتى ناشطو البيئة أخذوا يحذّرون من أن الموازنات المخصصة لعلاج التغيرات المناخية العالمية، يمكن أن يلتهمها الكساد الكبير.

فضيلة الأميركان أن ليس لديهم ما يخفونه عن الرأي العام. الأرقام يواجهون بها شعبهم ليكون الناس على بينة من أمرهم، فالسقف عندما ينهار سينهار على رؤوس الجميع، ولذلك لم تمرّر خطة الإنقاذ التي اقترحها جورج بوش إلاّ بعد أن أشبعها الكونغرس بحثا وغربلة وتمحيصا. فالمال هو مال الشعب، ويجب أن يقرّر ممثلوه كيف يصرف، اعتمادا على مبدأ: هل سيخدم ذلك دافعي الضرائب أم لا.

هذا في قلب المركز الذي تسبّب في هذه الأزمة العالمية الكبرى، أما في دول العالم الثالث، الذي يعتبر في زمن العولمة مجرد ريف للسلع والمنتجات الرأسمالية، فلا الحكومات ملزمة بتوضيح الأمور، ولا النواب في وارد السؤال والتحقّق، ولا الشعب يعلم متى يوشك أن ينهار السقف على رأسه وهو في نومه العميق.

ما يصدر في هذه العواصم الريفية حتى الآن، مجرد «طمأنات»، على طريقة تهويدة النيام، فاقتصادياتنا قويةٌ كالجبال، التي لن تهزها الرياح العواصف، ولا تؤثر فيها القواصف. حتى عندما تطالب الغرف التجارية بتوضيح حقيقة ما يجري بشفافية، ليكون الناس على بينة من الأمر، يقال لها: «إن في الصمت لحكمة»، فاصمتي واعقلي!

هل من المعقول أن تهتز اقتصادات الدول الكبرى، وتجتمع الدول الصناعية السبع لمناقشة سبل الخروج من الأزمة، وتخصص مليارات الدولارات للتخفيف من تداعياتها على تلك البلدان والشعوب، ثم يُقال لنا إن اقتصاداتنا الريعية الهشّة القائمة على تصدير سلعة يتيمة واحدة (النفط) لم ولن يتأثر! هل تريدون أن تصدّقكم شعوب المنطقة؟ أم أنها شعوبٌ ليس لها عقلٌ يدرك ولا عينٌ تبصر؟

سنوات ونحن لا يُراد لنا معرفة نسبة التضخم في بلداننا، وإذا كتبت متسائلا عن الرقم الحقيقي، يأتيك ردٌّ متشنّجٌ من العلاقات العامة في 1200 صفحة، كأنك ارتكبت منكرا في شارع عام! فمن يجرؤ على طرح السؤال: ما هي حقيقة الوضع؟ أليس من حقّنا أن نتساءل عن آثار الأزمة علينا كمواطنين نُقاد، دون أن يكون لنا رأيٌ في القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الكبرى، بما فيها خطوات الغزل مع الكيان الصهيوني التي ستنتهي حتما إلى التطبيع.

ولكن، لماذا نتساءل عن آثار الأزمة المالية... مادام لا يحق لنا معرفة الرقم الحقيقي للتضخم؟ عندما نطالب بالشفافية والمصارحة فلأننا لا نريد أن ننام لنصحو على انهيار مدوٍ يهز البلد. فقبل ليلتين، رمى إبراهيم شريف خبرا في ندوةٍ خاصةٍ بفندق «اليت»، عن إفلاس مصرفين حتى الآن، ذكرهما بالاسم همسا، وقال إنه لا أحد يريد أن يعترف بما يجري أو يصارح الناس بالحقيقة. والسؤال: هل بهذه السياسة يمكن تجنب العاصفة المقبلة؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2232 - الأربعاء 15 أكتوبر 2008م الموافق 14 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً