الاعتراف الذي أعلنته دولة الإمارات العربية المتحدة يوم الثلثاء بشأن استقلال كوسوفو كدولة ذات سيادة يجب التوقف عنده والتفكر فيه مليا، فقد أثلج صدور الكثيرين.
بالطبع لم يأت هذا الموقف اعتباطا أو من فراغ، رغم أن هناك 49 دولة من أصل 192 دولة عضو في الأمم المتحدة سبقت دولة الإمارات للاعتراف بالإقليم، من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ودول أوروبية أخرى.
ومن أبرز المعارضين للاستقلال، الدولة الأم صربيا وأيدتها روسيا واليونان وقبرص وبلغاريا ورومانيا واسبانيا بحجة أن الحدود لا ينبغي تغييرها إلا بعد التوصل إلى اتفاق دولي عبر مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة الذي أحال الملف برمته إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، رغم المعارضة الشديدة لذلك من قبل حكومة كوسوفو ودول كبرى.
إن اعتراف أبو ظبي بهذا الإقليم الذي يمثل المسلمون فيه 90 في المئة من عدد السكان غالبيتهم ألبان يعد اختصارا للطريق والمماطلة وكسبا للوقت والتسويف لأنه طال الزمان أم قصر سيحصل كوسوفو على الاعتراف الكامل طالما أراد شعبه ذلك، خصوصا وإنه شهد مآسي مريرة من قبل دولة صربيا.
في الواقع كان إقليم كوسوفو جزءا من ألبانيا تحت الحكم العثماني طيلة خمسة قرون منذ أن فتحها السلطان العثماني مراد الأول العام 1389 حتى هزيمة تركيا في الحرب العالمية الأولى، ومن ثم أعطي للصرب ضمن أجزاء كثيرة قطعت من ألبانيا للحيلولة دون قيام دولة إسلامية في أوروبا العام 1912.
وأخيرا عندما حاول الإقليم الاستقلال في تسعينيات القرن الماضي شن الجيش الصربي معارك ارتكب فيها مجازر وحشية ضد المدنيين (إذ أخذت ذئاب الصرب تنهش في الصبايا اللائي يستنجدن ولكن من دون جدوى، وذبح الأطفال كالنعاج وسط ضحكات الجنود الصرب)، وأضحت مدينة برشتينا العاصمة خرابا جراء القصف الصربي المتواصل.
الآن ترى كثير من الحكومات الغربية أن القرار الاممي رقم 1244 الصادر في العاشر من يونيو/ حزيران 1999 بعيد حرب كوسوفو والذي يطالب صربيا بسحب قواتها من الإقليم، لا يطالب صراحة باستقلال الإقليم. ومع ذلك يعتمد قرار المبادئ العامة التي سطرها مجلس وزراء مجموعة الثماني الكبار على القرار الأممي، إذ تنص هذه المبادئ التي أعدت قبل القرار الدولي على ضمان «حضور دولي مدني وامني» في الإقليم وتسهيل العملية السياسية الهادفة إلى تقرير الوضع النهائي لكوسوفو بمعنى تقرير المصير.
أليست هذه القضية عادلة وتم تداولها من قبل مؤسسات المجتمع الدولي
أكثر من قضيتي إقليمي ابخازيا واوسيتيا الجنوبية اللذين اعترفت روسيا باستقلالهما في طرفة عين وهي اليوم من أكثر المعارضين لاستقلال كوسوفو، فلماذا هذه الازدواجية في المعايير؟.
إن اعتراف الإمارات بكوسوفو يعد انتصارا لكل تضحيات الكوسوفيين الجسام ما يفتح الباب لمزيد من الاعترافات من الدول العربية والإسلامية وحبذا لو دُعي إلى اجتماع عربي إسلامي لاتخاذ موقف موحد من قضية الإقليم
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 2232 - الأربعاء 15 أكتوبر 2008م الموافق 14 شوال 1429هـ