ينعقد هذه الأيام المؤتمر الرابع لحركة التحرير الفلسطينية (فتح) مثيرا بذلك جدلا واسعا ليس فقط في صفوف مناضلي فتح، ومناضلي الثورة الفلسطينية، بل جميع المناضلين الذين ربطتهم علاقات نضالية مع فتح والثورة الفلسطينية. في هذه المناسبة نترحم على شهداء فتح والثورة الفلسطينية، ونحيي الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الاسرائيلي، والفلسطينيين الصامدين على أرضهم في ظل الاحتلال أو الحكم الصهيوني، والصابرين في المخيمات والشتات.
لست في وارد تقييم المؤتمر أو مسار حركة فتح والثورة الفلسطينية، وما أريده هو أن أبين القليل من كثير من الوقائع التي تربط مناضلي فتح مع المناضلين البحرينيين في سنوات الشتات.
في قاعة فلسطين في مقر جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) بالمنامة تتصدر صورة كبيرة للمناضل البحريني شهيد فلسطين مزاحم الشتر، الذي استشهد في صفوف فتح اثناء الاجتياح الاسرائيلي للبنان في 1982، والشهيدة البحرينية نادية دعيبس، التي استشهدت في عملية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، هؤلاء وغيرهم من البحرينيين أو الفلسطينيين المقيمين في البحرين يجسدون تلاحم الشعبين الفلسطيني والبحريني في سنوات عنفوان فتح والثورة الفلسطينية لم تبخل فتح كبرى فصائل المقاومة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية على المناضلين العرب وحركات التحرر العربية بالدعم والمساندة، بل إنها قبلتهم في صفوفها كمناضلين في مختلف المواقع المدنية والعسكرية حالهم كحال الفلسطينيين.
أول معرفة لي بفتح كانت اثناء دراستي الجامعية في بيروت حيث كانت توزع سرا منشورات فتح في السكن الداخلي، بعد انطلاقة الثورة الفلسطينية في 1 يناير/ كانون الثاني 1965 كان لاستشهاد مقاتل فتح كعدش على يد الجيش اللبناني وهو في طريقه لتنفيذ عملية فدائية في شمال فلسطين رد فعل غاضب في الشارع اللبناني ومنه الجامعة الاميركية في بيروت حيث انطلقت مظاهرة في حرم الجامعة.
في تنظيم حركة القوميين العرب والذي انتميت إليه كان في الحلقة الواحدة الخليجي والفلسطيني واللبناني، ولذلك عايشنا انطلاقة الثورة الفلسطينية وتابعنا مسيرتها عن قريب.
في سنوات المنفى عاش البحرينيون والفلسطينيون تجربة الاقتلاع من الوطن والعيش في المنفى، ولذلك لا غرابة ان يتوحدوا في الشعور، وأتساءل أحيانا كيف يمكن لحل عادل لقضية فلسطين ان يكرس اقتلاع ملايين الفلسطينيين من أرضيهم؟
فهل هناك من يقبل ان يستبدل وطنه ولو كان البديل جنة على الأرض؟
تعامل العديد من قياديي ومناضلي فتح مع فصيلي المعارضة البحرينية (الجبهة الشعبية وجهة التحرير) ومناضليها بأريحية وصدق. ولا أقصد هنا بعض الأجهزة الأمنية التي أقامتها فتح وألحقت الأذى بالمناضلين الفلسطينيين كما المناضلين العرب.
ونحن في إقامة جبرية طويلة في بيروت انضم عدد من المناضلين البحرينيين إلى مؤسسات فتح، فانضم الأخ عبيدلي العبيدلي إلى مركز التخطيط، وانظم الأخ عبدالهادي خلف إلى فريق نبيل شعث للدراسات، وانضم الطبيب حسن أحمد الغمضي إلى الهلال الأحمر الفلسطيني، وانضم رضي الموسوي إلى مجلة «الهدف».
كانت مؤسسات الثورة الفلسطينية التي تقودها فتح مثل وكالة الأنباء الفلسطينية وصحيفة «فلسطين الثورة» وصحيفة «فتح»، واتحاد الأباء والكتاب، مفتوحة أمامنا في حدود الممكن، وهنا أتذكر بالعرفان القادة المرحومين ياسر عرفات وأبو إياد وأبو جهاد والمناضلين المرحوم ماجد أبو شرار (مسئول إعلام فتح) ومنير شفيق (مسئول مركز التخطيط) ونبيل شعت والمرحوم عز الدين قلق ممثل (م ت ف) في باريس، وغيرهم.
عندما قام الاسرائيليون باجتياح لبنان في يونيو/ حزيران 1982، ومحاصرة بيروت تطوع المناضلون البحرينيون المحاصرون في بيروت في صفوف الثورة الفلسطينية حسب إمكاناتهم. وأخرجوا قسرا إلى سورية، مع قوات الثورة الفلسطينية.
طوال أشهر الحصار الإسرائيلي لبيروت وحربها الهمجية ضد الشعبين اللبناني والفلسطيني في 1982، تحولت مكاتب الجبهتين الشعبية والتحرير في دمشق إلى مكاتب للثورة الفلسطينية تدير منها بعض نشاطها الإعلامي وكنا جميعا متطوعين في هذه المهمة. في الوقت ذاته تطوع عدد من الطلبة البحرينيين في صفوف المقاومة الفلسطينية، ولكن كما في كل الحروب العربية الإسرائيلية فقد حُسمت المعركة سريعا.
ترتبت على الاجتياح الاسرائيلي للبنان وإخراج المقاومة إلى المنافي تداعيات خطيرة، أبرزها الانقسام داخل فتح، وهو فصل مؤلم من تاريخ فتح. ومرة أخرى قدمنا لفصيل فتح المتواجد في سورية ما نستطيع دون منة أو تبجح، وهم بدورهم لم يترددوا عن دعمنا سياسيا ومعنويا.
في جميع المواقع التي تواجد فيها المناضلون البحرينيون في البحرين أو في الخارج نسجت علاقات نضالية مع فتح وسائر الفصائل الفلسطينية. العلاقات الفلسطينية الفلسطينية داخل فتح وفيما بين الفصائل متقلبة وتناحرية أحيانا في غابة البنادق، وفرضت علينا أحيانا انحيازات مؤلمة، ولكن لم نبتغِ كغيرنا مغانم ولم تكن علاقاتنا انتهازية. قضية فلسطين قضيتنا كانت كذلك وستبقى. والنضال لتحرير فلسطين هو نضال أيضا لتحرير الإنسان العربي والأرض العربية من الاحتلال والاستبداد، ولذا فنضال شعب فلسطين ونضال شعب البحرين هو نضال واحد.
إنها مجرد خاطرة وفاء لمن وقفوا معنا في أحلك الظروف وهم على ما هم عليه من ظروف صعبة وضغوط أخطرها ضغط الأنظمة العربية ذاتها. وأملنا أن نلتقي بأحبتنا الفلسطينيين على أرض فلسطين المحررة من الاحتلال الصهيوني.
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 2526 - الأربعاء 05 أغسطس 2009م الموافق 13 شعبان 1430هـ
مؤسسة الخبراء العرب
مع خالص الشكر على مقالك. وإسمح لي أن أصحح جزئية صغيرة . لم أتوظف في فتح في يوم من الأيام. (رغم علاقاتي الشخصية وصداقاتي مع كثيرين في فتح حتى الآن). و لم تكن المؤسسة التي عملتُ فيها تابعة أو مملوكة لفتح. فمؤسسة الخبراء العرب - تيم , هي مؤسسة مهنية للإستشارات الإدارية والهندسية. ما تزال تزاول نشاطها في في لبنان و مصر ولها مشاريع هندسية وإدارية وتدريبية في بلدان عربية أخرى . أما الدكتور نبيل شعث فكان وقتها أحد الشركاء فيها( مع لبنانييْن وسعودي وفلسطيني ومصري). ا
بمودة
عبدالهادي خلف
آه على فلسطين الضائعة
مع خالص احترامي لك أيها الكاتب العزيز فإن فتح في الماضي ليست كفتح الآن
ففي السابق كانت نصيرة للمناضلين و النضال العربي
و لكن اليوم فهي نصيرة للعملاء و المرتزقةو لا تضم بين جنباتها سوى المرتزقة و العملاء و السفاحين الذين استباحوا الدم الفلسطيني و أحلوا القتال الفلسطيني - الفلسطيني بدلاً من مواجهة المحتل الصهيوني