لم يقل أحد بمثالية أبي الطيب المتنبي في الحياة. العارفون بسيرته، يدركون عمق انتهازيته؛ لكن ما تركه من ثروة بلاغية وبيان يشفع له؛ لأنها ساعدت كثيرا في تفكيك تلك الانتهازية كحال عامة. انتهازية الفرد وانتهازية الدولة. المشكلة تكمن في أن انحسارا ومواتا في البلاغة والبيان دب في أوصال الذين يغتالونه بشكل يومي وبشكل «انتهازي»؛ ما يعني أن صدمتنا صارت مضاعفة!
***
بلزاك، وسَّع من أفق صاحب «رأس المال»، كارل ماركس. باعتراف الأخير، كان لبلزاك أثر عميق عليه في فهم النفس البشرية، وفي فهم الواقع المحيط به من خلال شخصيات بلزاك الروائية. معظم المفكرين العرب اليوم، ينظرون إلى الرواية باعتبارها «خلاصا من الوهم والفشل» والتعبير الأخير صغته في جلسة تهكم جمعتني بالراحلين، الروائي جبرا ابراهيم جبرا، والمؤرخ العراقي، علي جواد الطاهر، والمسرحي المصري، ألفريد فرج، في «هوليدي إن» الشارقة، على هامش الاحتفال بتوزيع جائزة سلطان بن علي العويس الثقافية، في دورتها الأولى. مر 18 عاما. هل تغيرت الرؤيا؟ على العكس، هي في استفحال!
***
لا أعلم كيف يمكن الحديث عن ثقافة عربية في ظل هيمنة العسكر على الأفق؟ أية ثقافة تلك التي سترشح عن هكذا تسوير وحصار؟ لاشك أنها سترشح عن كائن مشوَّه، وصورة حقيقية لحجم الرعب والإفساد!
***
عام من العمل مع الشاعر والمسرحي السوري الراحل، محمد الماغوط، تعادل دهرا من التجربة. أفتقد قسوته وهذيانه أحيانا. أفتقد فروسيته وعمق بداوته «المتحضرة». أفتقد قدرته على تراكم المختلفين معه، وقدرته على إقناع العالم بأنه في اللب من الرؤيا. في اللب من قدرته على تراكم المتفقين معه؛ لأنهم من سنخه. سنخ الاختلاف في النظر إلى العالم بكل تفاصيله.
***
برنامجا «أمير الشعراء» و«شاعر المليون»، دليلان صريحان على جانب الإفساد الذي يمكن للمال أن يضطلع به. وهو إفساد يأتي في فترات الوفورات المالية التي يذهب جلها في تحديث المدن والإمعان في الوقت نفسه في «تخليف» الإنسان!
ثم من هو الذي يملك أهلية تحديد إمارة الشعر؟ اللجنة؟ البرنامج؟ الرعاة؟ الجمهور الذي جاء محزَّما ومزنرا بالانحياز إلى الجغرافية والقبيلة والمناطقية والطائفية؟ مثل هذه البرامج تكرس لحال متخلفة من تاريخ وحاضر ومستقبل تعاطي العرب السمج مع واحدة من أكثر قيمهم الإبداعية أهمية وبروزا (الشعر)!
***
الحلول الأمنية أثبتت فشلها بتجارب تاريخية. المشكلة أن بعض الدول الحديثة ليست منفصلة عن قراءة التاريخ. هي تصر على أنها تصنع التاريخ، وبالتالي تصنع الحلول التي تعتقد أنها تقود إلى المستقبل! أي مستقبل ذلك الذي يستلهم رؤاه من أخطاء تاريخية؟ ذلك نوع آخر من مضاعفة الصدمة!!!
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 2526 - الأربعاء 05 أغسطس 2009م الموافق 13 شعبان 1430هـ
كلام جميل
سلمت يداك على ما خطته لنا من إبداعات
دمت محفوظاً بعين الله و وفقك لما يحب و يرضى