سجَّل... ويُسجل... وسيُسجِّل الجهاز المركزي للمعلومات المزيد من الإنجازات المحلية والعربية على صعيد التطور التقني والتكنولوجي، وحققت... وتحقق... وستحقق هيئة الحكومة الإلكترونية قفزات نوعية في مجال السباق الإلكتروني تنافس بها الكثير من دول العالم، بينما لاتزال أبواب الجهاز والهيئة مقفلة في وجوه النواب والباحثين والصحافيين والمواطنين الساعين إلى الحصول على معلومات تفيد في تحريك ملفات اقتصادية واجتماعية وسياسية مهمة، وتساعد في ملاحقة الفساد.
في الوقت الذي تبيح فيه أكثر من 80 دولة في العالم لمواطنيها ممارسة حق المعرفة تبقى البحرين تراوح مكانها في هذا الجانب، وتغلق أفواه مؤسساتها حتى لا تفشي بأية معلومة ربما تقود إلى كشف منبع فساد مغلق، على رغم ما تبذله من أموال وموازنات طائلة لتنصيع صورتها عالميا في مجال الصراع التكنولوجي للحكومات الإلكترونية.
لا يمكن لأحد أن ينتقد مبادرات التطوير التقني في الأجهزة الحكومية التي تستهدف التسهيل على المواطنين في إجراء المعاملات التي تعاني من بيروقراطية معقّدة باعتراف كبار المسئولين في البلد، وهي مبادرات تستحق الشكر والتقدير، ولكن إذا كانت هذه المبادرات تستنزف خزينة الدولة من أجل إحكام السيطرة على كل تحركات المواطنين ورصد معلوماتهم الخاصة قبل العامة، في حين لا تتيح في المقابل أية قيمة معلوماتية تصب في خانة مكافحة الفاسدين المالي والإداري داخل أروقة الحكومة والمؤسسات الكبرى، فإنها ستكون عبثا.
لن تنكر الحكومة أن حرية المعلومات هي «الأساس الصلب للمجتمعات الحرة والمنفتحة»، ولن تمتلك قليلا من التواضع أيضا لتخرج غدا وتؤكد أنها تلتزم بقانون اسمه «حرية المعلومات» كما لدى صديقاتها أميركا وبريطانيا وغيرهما. ولكن ستستمر في المقابل أخبار تنقلات وزيارات وفود رسمية تجوب أصقاع الأرض من أجل الترويج للحكومة الإلكترونية، فيما يموت النواب والصحافيون والمواطنون عطشا بحثا عن معلومة هنا أو هناك ترفع غبنا عن مواطن مظلوم أو تقر حقا في وجه «مواطن» ظالم.
بعد يوم واحد من دخوله البيت الأبيض، في الواحد والعشرين من يناير/ كانون الثاني 2009، أصدر أوباما توجيهاته إلى وزارة العدل الأميركية «بضرورة تعزيز سبل حصول المواطنين على المعلومات»، فيما لم يتأخر وزير العدل بإصدار نقاط إرشادية لتطبيق توجيهات الرئيس في غضون شهرين. إنها حسنات أصدقائكم التي تغضون الطرف عنها دائما.
في الغرب تستطيع صحيفة عادية، فضلا عن النواب، إسقاط قامات رفيعة بتهم الفساد، لأنه ببساطة أتيح لها حق الحصول على المعلومة، بينما هنا تحول الحصانة والكبت المعلوماتي عن معالجة ملفات مصيرية تعج بها البلد كالتمييز الوظيفي وسرقة المال العام واللعب بنار الدوائر الانتخابية والتجنيس الممنهج وغيرها. فهل يحق لنا بعد كل هذا أن نفتخر بحكومتنا الإلكترونية؟ لا أظن.
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الميرزا"العدد 2525 - الثلثاء 04 أغسطس 2009م الموافق 12 شعبان 1430هـ