العدد 2525 - الثلثاء 04 أغسطس 2009م الموافق 12 شعبان 1430هـ

أرض الأئمة والأنبياء

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ارتبطت هوية العراق وتشكّلت بأحداث التاريخ الإسلامي منذ فجره الأول... خصوصا بعد ملحمة كربلاء.

وإذا كان قد استقر في الأذهان أن العراق أرض الأئمة، إلا أن ارتباطه بالأديان أقدم من ذلك بكثير. فأبو الأنبياء إبراهيم الخليل (ع) خرج من أور جنوب العراق. وهناك من الباحثين من يرجّح أن سفينة نوحٍ (ع) استقرت على جبل الجودي شمال العراق وليس أرارات شرق تركيا. وهناك رواياتٌ تفسّر ذهاب مريم العذراء (ع) للعراق حين انتبذت مكانا قصيا.

وعندما يدخل الزوّار مرقد الإمام علي (ع) يحيّونه بقولهم: «السلام عليك وعلى ضجيعيك آدم ونوح وعلى جاريك هودٍ وصالح»... فالعراق أرض الأنبياء قبل أن تشتهر بأرض الأئمة والشهداء. وهذه الشهرة لم تأتِ من فراغ، فأئمة أهل البيت الاثناعشر، أربعة منهم فقط بالبقيع، وستة بالعراق، غير قبور المئات من أبنائهم وأصحابهم ممن تعرّض أغلبهم للتنكيل والملاحقة والقتل طوال عهود الظلم السوداء. وهذا ما يفسّر تمركز مذهبهم في الأرض العراقية وانتشاره بكثافةٍ من الجنوب إلى العاصمة بغداد.

المسافة من النجف إلى كربلاء تقطعها السيارة في ساعة، إلا أنها تستغرق ضعف ذلك بسبب الإجراءات الأمنية، والإجراءات نفسها على الطرق المؤدية إلى بغداد، فنقاط التفتيش والمظاهر العسكرية في كل مكان. والكرادة التي زرناها في طريق عودتنا من الكاظمية يوم السبت، كانت مسرحا بعد يومين إلى عملية سطو مسلح تعرض لها أحد المصارف من قبل ثلاثة عسكريين.

المدن المقدسة، تخضع جميع مداخلها لإجراءات تفتيش تضمن درجة عالية من الأمن والطمأنينة. المنطقة المحيطة بالحرم تكون مغلقة ومفرغة إلا من سيارات العتبات المقدسة وسيارات الإسعاف والصحة أو المسئولين. وللوصول للحرم، ستمر بعدة نقاط تفتيش دقيقة تعمل ليلا أو نهارا. وعليك أن تسلّم هاتفك النقال لدى غرفٍ خاصةٍ بالأمانات، قبل أن تُودِع نعليك لدى مقصورات خاصة بالأحذية، يعمل بها موظفون على مدار الساعة. كل ذلك نتيجة ما تعرّض له زوّار هذه المدن من استهدافٍ طوال الأعوام الماضية، أودى بحياة آلاف الأبرياء.

المدينتان قطعتان معماريتان خالصتان من التاريخ، وخصوصا كربلاء، التي تحتفظ في كل شبرٍ منها بلقطةٍ مما جرى قبل 1370 عاما. فهناك التل الصغير الذي وقفت عليه زينب، وهناك موضعا قطع كفي أخيها العباس، وهناك مخيّم النساء... حافظ عليها الكربلائي عبر القرون.

هذه الآثار تخضع لعمليات ترميم وتجديد مستمرة لا تخلو من المعارضة. المدافعون عن التغييرات يستشهدون بما أحدثوه على الحرم الحسيني من تسقيفٍ للصحن الشريف، ووضع قباب متحرّكة يمكن فتحها أيام الربيع، وتكييفها في أشهر الحر التي تغطّي أغلب فصول السنة. فالتغيير هناك تفرضه الضرورة وقسوة الجو وراحة الزائرين.

بالمقابل هناك تغييرات سلبية فادحة، كما حدث للبيت التاريخي الذي سكنه الإمام علي (ع) أيام خلافته بالكوفة. ومن زار هذا البيت سابقا، سيظل يتذكره كلما قرأ أو سمع شيئا من سيرة الإمام، وظلّ محتفظا بهيئته حتى هدم في العام الأخير من حكم البعث، في قصةٍ تدلّ على الأمية الثقافية والاستهتار بالتاريخ والتراث. كان البيت الطيني القديم يشعرك بمغادرة علي وأولاده قبل ساعات، أمّا الآن فتشعر أنك في وحدة حديثة من بيوت الإسكان مبنية بالطوب الجديد.

منائر وقبابٌ مذهبة، وأياوين أقيمت تكريما للشهداء، أين منها أيوان كسرى، أما الخط العربي... فسحرٌ يسلب الألباب، آياتٍ وأحاديث نبوية وشعرا فراتيا تقشعر منه الأبدان.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2525 - الثلثاء 04 أغسطس 2009م الموافق 12 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 3:27 م

      شكرا مع تعقيب

      تسلم يا سيد على مقالك الأكثر من رائع كما عودتنا دائماً.
      الى زائر (4) اللي عنوانه باسم saddam، لو ترحمت على هالظالم من اليوم الى يوم القيامة ما بشوف الا نار جهنم الحمرا وامنى من الله يهديك علشان ما تلحقه

    • زائر 12 | 11:53 ص

      عشق الفرس ومساهماتهم للائمه

      عندما تشيع الفرس عشقوا واخلصوا في حبهم لاهل البيت عليهم السلام وساهموا كثيرا في بناء الاضرحه ونقشوا بالذهب والفضه واحسن انواع البلاط والاحجار 0

    • زائر 10 | 6:03 ص

      كربلاءالمقدسة

      بطلة كربلاء السيدة الجليلة مولاتي السيدة زينب أبسط تقدير يرافق اسم أبنت أ مير المؤمنين علي أبن أبي طالب عليه السلام 0

    • زائر 9 | 6:01 ص

      متى اروح العراق

      ابغي ازور العراق قلبي مشتاق منذ الصغر لكن الاسعار مرتفعه جدا شلون اروح وانا بحرينيه فقيره يالله توديني ازور الائمه الاطهار يالله تكتبني

    • زائر 8 | 4:58 ص

      إلى الأمام يا سيّد!

      لو كل كلبٍ عوى ألقمته حجرا...... لكان كل مثقال بدينار

    • زائر 7 | 4:43 ص

      ارق التحايا..

      السلام على أهل البيت الأطهار

    • زائر 6 | 4:36 ص

      أرض العراق غير مقدسه و لا شي

      أرض العراق غير مقدسه و لا شي عند المسلمين المقدسات ثلاث لا رابع لهما: المسجد الحرام في مكه المكرمه و المسجد النبوي الشريف في طيبه المنوره و المسجد الأقصى الشريف في القدس الشريف " عجل الله تحريره من يد اليهود الغاصبين". أما العراق فأهلها ماخلوا إنسان محترم إلا و آذوه من سيدنا إبراهيم عليه السلام إلى سيدي و قرت عيني الإمام الحسين رضي الله عنه. و أصدق ما قيل فيهم قاله الحجاج " يا أهل العراق، يا أهل النفاق والشقاق ومساوئ الأخلاق " فرجائاً إبتعد عن الطائفيه ولو مره في حياتك.

    • زائر 5 | 4:16 ص

      saddam

      Also the grave of hero president Saddam Hussain.May ALLAH accept him with awleya and saleheen.

    • زائر 4 | 4:06 ص

      شكرا

      موضوعا جميلا تسلم يا سيد قاسم

    • زائر 2 | 3:04 ص

      أحسنت

      شكرا استاذ قاسم ..
      اللهم ارزقنا في دنيا زيارتهم وبالاخرة شفاعتهم.

    • زائر 1 | 2:22 ص

      شكرا

      نشكر السيد قاسم حسين على هذه المقالات الجميلة عن العراق

اقرأ ايضاً