العدد 2525 - الثلثاء 04 أغسطس 2009م الموافق 12 شعبان 1430هـ

الدائرة الأولى نموذجا للمحافظة الجنوبية

سلمان ناصر comments [at] alwasatnews.com

.

إن التنمية تقع على كاهل من يستهلها كعناوين ورؤى وخطط، إلا أن هناك أدبيات وتقارير وكتبا تملأ مخازن كبرى تحيل المسئولية إلى من يتبناها.

من أبسط واجبات المسئول أن يعمل على ملامسة هموم المواطن، وأوجاعه، وكمتتبعين ومحاولين أن نكون صوت من لا صوت لهم، ونعبّر تعبيرا دقيقا وشجاعا لتراكمات المتاعب والهموم والهواجس المحيطة بالمواطن، نضع أنفسنا وما نملكه من وسائل تعبير، وأدوات لتوصيل الصوت أو الهم، لنجسد الهموم أمام صانع القرار ومن تعنيه المشكلة بصورة مباشرة. هذه أحد واجباتنا، أو أحسب أنها واجبنا الأول.

كما على المسئول أن يولي ويعطي ويفكر بالمستقبل، لتوفير رفاه ورخاء وسعادة للأجيال القادمة.

يجب أن يشعر المسئول بهموم الحاضر، وأوجاع المواطن الذي يلهث يوميا حاملا متاعه وإحباطاته المعيشية والحياتية والنيابية والخدمية، منتظرا تنفيذ الوعود، فهو ليس بمقدوره أن يطال الاستقرار، والهدوء لنفسه وأطفاله، إلا من خلال حياة معقولة في حدها الأدنى، سيما وأن الحياة أصبحت مكلفة إلى حد الجنون.

كم أثلج صدر المواطن بالدائرة الأولى (الرفاع الشرقي) الاجتماع التنسيقي الأخير الذي دار بين سمو المحافظ ونواب وأعضاء المجلس البلدي بالجنوبية، فالمحافظة الجنوبية في أمسّ الحاجة إلى التنسيق وتوحيد الجهود بين النواب والبلديين علاوة على مساعدتهم في توجيه بوصلتهم لتحديد أولوياتهم الخدمية والتشريعية تجاه هذه المحافظة، لما تعانيه دوائرهم وخاصة الدائرة الأولى، ولاسيما أن هذه الدائرة تعاني من مشكلة سكن العزاب والكراجات ومحلات الحدادة بين القاطنين والبيوت المتهالكة التي شمل بعضها برنامج البيوت الآيلة للسقوط والبقية مازالت على قائمة الانتظار، كما أنها تفتقر لوجود حديقة عامة أسوة بباقي الدوائر والمحافظات، على رغم المساحة التي تتمتع بها. أو حتى مركز اجتماعي، على رغم جاهزية الخرائط الهندسية لهذا المركز منذ أكثر من سنة، ولنقس على ذلك الكثير من مركز شبابي، طلبات إسكانية، مكتبة، البنية التحتية... الخ، حيث الكثير يعتقد بأن مدينة الرفاع الشرقي أو الدائرة الأولى تعيش في بحبوحة من الخدمات، دون أن يعرف أحد سبب ومكمن هذا الاعتقاد. ولهذا أقول عندما يتناول المجتمعون الوعود والرؤى التي تهدف الى تطوير الإسكان ومشروعات البنية التحتية والمشروعات التعليمية والاجتماعية والصحية بالمحافظة الجنوبية فإننا نتحدث عن مشروع مستقبلي يطمح له كل مواطن على أرض البسيطة.

والسؤال هنا هل الأعضاء البلديون والنواب على قدر، لتقديم المشورة والرؤى المتعلقة بدوائرهم؟

وهل المشاريع المستقبلية التي عرضت عليهم هي أقصى طموحهم وتم تحديد وقت زمني لإنجازها؟

إننا كمواطنين نطمح إلى التنمية الشاملة بدل التنمية المادية، حيث يركز المطلعون والمحللون في الفترة الأخيرة على التنمية المادية (المشاريع العقارية والسياحية) اعتقادا منهم أن تنمية الجوانب المادية ستؤدي إلى تحسين نوعية الحياة وتحقق الرخاء والعدالة والتقدم. غير أن الأمر لم يكن على هذا النحو، فقد تبيّن من خلال تجارب التنمية من هذا القبيل، يجب أن تكون التنمية شاملة لكل الجوانب السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية، وأن أية مشاريع تنموية لا تأخذ الشمولية في عين الاعتبار، لن تحقق أهدافها المرجوة.

فالتنمية يجب أن تتوجه إلى الإنسان أولا؛ لأن الإنسان هو غايتها الأخيرة، ولذلك فإن الاستثمارات العقارية والمدن السياحية... الخ، أعمال لن تؤدي إلى تحسين حياة المواطن والارتقاء بمجتمعه، إلا إذا اقترنت بمنح هذا المواطن حقوقه العامة واحترام ذاته الثقافية ودوره الاجتماعي.

وباختصار فإن التنمية هي مسألة إنسانية في الدرجة الأولى وليست مادية، أي يجب أن تهتم ببناء الإنسان وليس ببناء العقار.

ليعلم المحللون والاقتصاديون أن المشاريع المقترحة والمتعلقة بالتطوير المادي البحت وهي كثيرة في البحرين، لن تفيد المواطن أو تجعله يشعر بها ما لم يحقق الحد الأدنى له وهو سكن يضمن له العيش الكريم، كما أن هذه المشاريع لن تكون ذات قيمة مضافة لسبب بسيط، وهو إننا لم نسمع عن إسهام أي من المشروعات الكبرى التي تزخر بها مملكتنا بحياة المواطن المعاش كبناء مدرسة أو حضانة أو تبني بناء مساكن للمعوزين أو حتى الإسهام بالقليل لحل مشكلة أصحاب البيوت الآيلة للسقوط، بل على العكس جُلَّ إسهامها هو دعم المسابقات والأمسيات، وذلك بسبب غياب ومركزية وقصر نظر لدى المجلس البلدي في التعاطي مع مثل تلك المشاريع علاوة على عدم إشراك المجلس للتباحث بشأن المشاريع المعنية بالتنمية كما يوصفها المسئولون. أما بالنسبة إلى النواب فالسبب يعود إلى ابتعادهم عن برامجهم الانتخابية التي وعدوا بها الناخب، وعدم قدرتهم على ترجمة هذه الوعود كدراسات الجدوى، لتسهل عملية إقناع السلطة التنفيذية بجدواها، بل اكتفوا بحفلات التكريم والخوض في العام وترك الخاص.

إن الهدف الأساسي من مشاريع وبرامج التنمية هو تحقيق (العدل الاجتماعي)، وطالما أن مشاريع التنمية قامت في ظل برامج غير عادلة من وجهة نظرنا طبعا، وتقدم مصالحها الخاصة على مصالح الفرد (الطبقة الدنيا والوسطى)، ناهيك عن عجز الأعضاء البلديين والنواب عن تقديم النصح والمشورة المنشودين، للأسباب آنفة الذكر، فمن الطبيعي ألا تحقق تلك المشاريع الأهداف المرجوة منها.

إذا لنعطي الحاضر بعضا بل كثيرا من اهتمامنا، فمعالجة هموم الحاضر هي التي تصنع المستقبل.

إقرأ أيضا لـ "سلمان ناصر"

العدد 2525 - الثلثاء 04 أغسطس 2009م الموافق 12 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • Mishal | 5:10 م

      أود أن أعبر لك عن خالص شكري لطرحكم هذا الموضوع الذي أراه يشكل مفصلاً هامًا في مستقبل منطقتنا(3)

      إنني أدعو الجميع لزيارة المنطقة واستكشافها عن قرب، حيث تفتقر إلى أبسط عوامل المعيشة ولا تمتاز ببنية تحتية، فقد زارني صديق من قرى المنطقة الشمالية ورأى ما رأى من انعدام لأبسط المرافق وشكك في كون المنطقة مدينة وقال لي مستغربًا: هل هذه فعلاً الرفاع؟؟!!

    • Mishal | 5:08 م

      أود أن أعبر لك عن خالص شكري لطرحكم هذا الموضوع الذي أراه يشكل مفصلاً هامًا في مستقبل منطقتنا(2)

      ومن ناحية أخرى، فإن التوجيه مطلوب وعلى الأخص في ظل التخبط الواضح لدى النواب و البلديين، ولكن من المستغرب هو حالة عدم التنسيق الواضح التي نراها حيث لا يتم الأخذ بالتجارب الناجحة لدى الدوائر والمحافظات الأخرى وتطبيقها، حيث هناك تجارب ناجحة جدًا لدى المحافظات الأخرى، ولكن ما يبدو أن هناك تخبطًا تقوده عوامل متعددة يحول دون تحقيق أي تقدم في دائرتنا.

    • Mishal | 5:06 م

      أود أن أعبر لك عن خالص شكري لطرحكم هذا الموضوع الذي أراه يشكل مفصلاً هامًا في مستقبل منطقتنا(1)

      تمتاز هذه الدائرة بخصوصية لا يمكن التغاظي عنها، وهي تركيبتها السكانية. حيث يشكل المواطنون البحرينيون اللذين ينتمون إلى أصول عربية -حسب ما أراه- اغلبية من مجموع القاطنيين فيها. هذه الفئة من السكان صاحبة الثقل الأكبر في الدائرة تتحكم في النتائج الإنتاخابية النيابية والبلدية، ونظرًا للعوامل الديموغرافية المتدنية التي تتماز بها هذه الفئة، فماذا يتوقع أن يكون نتاجها مجتمعة؟؟!

    • زائر 3 | 10:41 ص

      هل يستوى الظل و العود أعوج؟؟؟؟؟؟؟؟؟

      يا بوخالد لقد أصبت كبد الحقيقة عندما قلت أننا أحوج للتنمية الشاملة و ليس التنمية المادية و لكن الأعتقاد السائد عند مسئولينا هو الأخذ بالتنمية المادية منذ تم أطلاق شعار تحويل البحرين إلى سنغافورة الخليج و تم بالجانب المظهري للتنمية و لم يهتموا بالجوهر الحقيقي لتجربة سنغافورة.السئوال الهام الذي يطرح نفسه ما بعد هذا الأجتماع؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ و سلامتكم أخوك أحمد جوهر

    • زائر 2 | 1:59 ص

      طارق

      عد المقال الاكثر من انشائي شكرا لك يا بوخالد
      ولكن هل سيثلج صدر المواطن الاجتماع اللذي تم بين البلديون بالجنوبيه والمحافظ ؟؟؟؟؟؟
      هذا سوال اجدك تتهرب او تحاول ان تضع عليه الغشوه النسائيه هربا من ان تجاوب عليه ....
      فماذا اعطت الجنوبيه للمواطنين .... فقراء ومساكين
      وماذا اعطى النواب للمنطقه الجنوبيه للمواطنين
      وكذلك البلديوون ؟؟؟؟ حبر على ورق
      واجتماع تم بناء على رغبه ووضع بالاجنده كتاسك وتم الاجتماع
      وثم ماذا؟؟؟؟؟
      هل رايت ماذا يحدث بالبر من امام عسكر وجو
      اقصد حفيره ؟؟؟؟

    • زائر 1 | 12:41 م

      الله يقويك يا الغالي

      كلامك ولااروع يا اخ سلمان فعلا المواطن ماراح يستفيد من هل مشاريع بل بالعكس راح ينقم على الحكومة فهو بلا مسكن ويشوف كل هذه المشاريع

اقرأ ايضاً