من المؤمل أن ينهي رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي اليوم (الثلثاء) الزيارة التي بدأها إلى إقليم كردستان أمس الأول، والتي التقى خلالها رئيس الإقليم مسعود برزاني، لغرض «حل الخلافات بين العاصمة العراقية (بغداد) وعاصمة الإقليم (أربيل)» حسب ما أعلنه الجانبان.
والخلافات بين الطرفين، وفقا لبرزاني، تتركز حول «المناطق المتنازع عليها وقوات الإقليم (البشمركة) وقانون النفط والغاز، لكن الأهم من كل ذلك هو شكل الحكم والتفرد وبناء الجيش كذلك»، وهي مشكلات في حال حلها كما يريد برزاني، ستمثل شكل نظام الحكم القادم في العراق، وقد تفتح الباب أمام تكرار نموذج إقليم كردستان ذي الحكم الذاتي شبه المستقل في محافظات عراقية أخرى.
لا تخفى الضغوط الأميركية على المالكي وبرزاني لحل الخلاف بينهما، والتي جاءت هذه الزيارة تأكيدا مباشرا وسريعا لتلك الضغوط، لكنها مع ذلك تبقى غير كافية لحل خلافات تاريخية تمتد إلى نحو ثمانين عاما، خاض خلالها الطرفان (بغداد وأربيل) حروبا طويلة امتدت منذ العهد الملكي في أربعينيات القرن الماضي وصولا إلى العام 1991، ولم يتوقف القتال بين الطرفين إلا بعد تدخل القوات الأميركية التي فرضت حينها مناطق آمنة حددتها بمنطقة فوق خط عرض 36، حيث إقليم كردستان.
زيارة المالكي قد لا تهدف بدرجة أساس إلى حل الخلافات المستعصية، بل هي أقرب إلى أن تكون تلطيفا للأجواء المتوترة وتمهيدا لمرحلة جديدة لا يمكن الركون إلى نجاحها، فالمتابع للشأن العراقي يعرف أن ما صرح به الطرفان خلال اليومين الماضيين ليس فيه من جديد، وأن قرار المالكي بتشكيل لجان لحل المشاكل العالقة قرار معمول به منذ أكثر من سنة ولم تخرج اللجان الأولى بنتيجة ترضي طرفي الصراع لينتظر الطرفان مجددا ما ستخرج به اللجان المشكلة حديثا. بالمقابل لم يضف القادة الأكراد جديدا بتمسكهم بمبدأ الفيدرالية في العراق. لكن الجديد في مجمل اللقاء قد يكون البحث في إعادة إحياء التحالف الرباعي الذي كان يجمع حزب الدعوة الذي يرأسه المالكي والمجلس الأعلى بالحزبين الكرديين اللذين يتزعمهما جلال طالباني ومسعود برزاني، وهو ما قد يشير إلى شكل التحالفات لما بعد الانتخابات النيابية القادمة في يناير/ كانون الثاني 2010، وخصوصا في ظل التوتر الذي يشهده حزب الدعوة والمجلس الأعلى الإسلامي وضبابية «إعادة اللحمة» لتحالفهما الموحد.
لقد نجح المالكي في انتخابات المجالس البلدية الأخيرة عبر تفاهمات شيعية - سنية جمعت عرب العراق تحت مظلة واحدة، لكن تفاهماته في الانتخابات القادمة قد تبدو أعقد من سابقتها، وهي تفاهمات تشير - في حال استمرارها - إلى أن المالكي يرسم من الآن خريطة تشكيل حكومته القادمة التي سيكون أحد محاورها الرئيسية الحزبان الكرديان - الداعيان إلى تثبيت المحاصصة - وليس كما قيل عن رفض المحاصصات الطائفية والقومية وتثبيت مبدأ الاستحقاق الانتخابي، الذي سيبقى مؤجلا مادام السياسيون في العراق غير مستعدين لتطبيقه في المرحلة الحالية على الأقل.
إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"العدد 2524 - الإثنين 03 أغسطس 2009م الموافق 11 شعبان 1430هـ
عباس جعفر هلال الشهابي(2)
القدرة الانتاجية القصوى لآبار الجنوب غير قادرة على تمويل عجز الميزانية لأنها طوال فترة الحصار دون صيانة بعكس آبار الشمال.وأجزم بأن الحكومة العراقية لن تستطيع دفع رواتب موظفيها دون الاقتراض.وأعتقد أن هذا هو السبب الذي دعا المالكي مضطرا إلى زيارة البرزاني ليفاوضه على إيرادات نفط الشمال التي لا يصل لحكومة بغداد منها فلس واحد .
عباس جعفر هلال الشهابي(1)
الحكومة العراقية تعاني من أزمة سيولة حادة بسبب أن خطة الميزانية وضعت على أساس سعر البرميل المرتفع عند موجة ارتفاع أسعار البترول التي عاودت الهبوط جاعلة الحكومة العراقية في وضع مالي صعب.السقف الأعلى للإنتاج في شركة نفط الجنوب لا يكفي لسد عجز الميزانية في الحكومة الحالية ولا الدين المترتب عليه في الحكومة القادمة خصوصا بعد أن رفض البرلمان العراقي إبرام عقود لاستصلاح بعض الآبار المهمة في الزبير و الرميلة و القرنة الغربية.