العدد 2524 - الإثنين 03 أغسطس 2009م الموافق 11 شعبان 1430هـ

بماذا تنصح أوباما لحل معضلات الشرق الأوسط؟ (2 - 3)

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

عرضنا في الحلقة الأولى التوجهات السياسية لأوباما وإدارته في مقاربته لحل مشكلة الصراع العربي الإسرائيلي وفي اللب منه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والأجواء والتطورات السياسية التي انعقد فيها لقاء نخب مهتمة بهذا الصراع. وسنعرض في هذه الحلقة أبرز الآراء المطروحة لحل هذا الصراع ما هو متفق عليه وما هو مختلف عليه.

لقد كان تصريح جورج ميتشل بعد لقائه مع الرئيس السوري بشار الأسد في 25 يوليو/ تموز 2009 في دمشق في أول زيارة له لسورية منذ تسلمه مهامه كممثل للرئيس الأميركي أوباما لقضية الصراع العربي الإسرائيلي أو ما يعرف بمشكلة الشرق الأوسط، نقطة التقاء الأطراف المتحاورة. صرح جورج ميتشل أن السياسة الأميركية للرئيس أوباما في مقاربتها لمشكلة الشرق الأوسط تقوم على الحل الشامل والمتزامن أي انطلاق مفاوضات إسرائيلية فلسطينية وإسرائيلية سورية وإسرائيلية لبنانية، واتصالات بجميع الأطراف المعنية لمواكبتها لسير المفاوضات والتي يؤمل أن تؤدي إلى حل شامل لهذا الصراع المستمر لأكثر من ستين عاما.

ولقد تزامنت المحادثات الأميركية السورية بإعلان عودة السفير الأميركي إلى دمشق بعد مغادرتها إثر اغتيال الشهيد رفيق الحريري في 2001 وإعلان واشنطن تخفيف إجراءات الحصار ضد سورية لأسباب إنسانية مما يعني أن المفاوضات السورية الإسرائيلية ستكون من الآن ولاحقا برعاية أميركية وليست تركية ما يجعلها في سياق المفاوضات المتوازية المسارات، وإذا كانت المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية متوقفة بسبب هجمة الاستيطان الإسرائيلي بما في ذلك هجمتها على القدس، والانقسام الفلسطيني ما بين «فتح» و»حماس» أو ما بين الضفة الغربية وغزة، والرفض الإسرائيلي المطلق بعودة اللاجئين وتقسيم القدس. فإن المفاوضات السورية الإسرائيلية غير مرغوبة لسورية في ظل حكومة نتنياهو المتطرفة في طرحها أن لا مفاوضات على تسليم الجولان للسوريين بل أقصى ما يطرحونه إدارة مدنية سورية إسرائيلية مشتركة في ظل السيادة الإسرائيلية أما المفاوضات الإسرائيلية اللبنانية فدونها عقبات وأهمها أن رأس حزب الله مطلوب كثمن إسرائيلي أميركي لهذه المفاوضات وهو غير ممكن في ظل الظروف الحالية للبنان إذا كان هناك اتفاق افتراضي قد لا يكون بالإمكان تحقيقه بضرورة المفاوضات المتوازية والتي تؤدي إلى حل شامل وعادل ودائم للصراع في الشرق الأوسط وفي اللب منه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

المفارقة هذه المرة هي أن هناك افتراقا ما بين كثير من المحاورين الأميركيين والإسرائيليين والصهاينة، فالأميركيون يؤيدون طرح أوباما في ضرورة وقف الاستيطان بجميع أشكاله وأماكنه فورا ويعتبرون أن موقف حكومة نتنياهو الإسرائيلي الرافض لإيقاف الاستيطان موقف غير مسئول ولهذا فرسالة المتحاورين للرئيس أوباما هي تأييد موقفه فيما يخص الاستيطان الإسرائيلي لكنه لا يصل إلى مستوى المطالبة بتفكيك المستوطنات والتي يسكنها أكثر من ربع مليون مستوطن في الضفة الغربية وما يزيد على 150 ألف مستوطن في القدس الشرقية. الملاحظة الثانية هو أن عدد من المتحاورين الأميركيين والأوروبيين باتوا يدركون أن لا مفاوضات وبالتالي لا حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني من دون تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية ووضع حد للنزاع ما بين «فتح» و»حماس». بالطبع فقد كان هم الإسرائيليين ومؤيديها من الأميركيين والأوروبيين وللأسف بعض العرب تشويه «حماس» واعتبارها منظمة إرهابية واعتبار حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية وصفة لإجهاض المفاوضات.

انطلاقا من نفس المبدأ اعتبر الإسرائيليون ومناصروهم من الأميركيين والأوروبيين وقليل من العرب حزب الله منظمة إرهابية وبالتالي فإن حكومة الوحدة الوطنية اللبنانية الوليدة لن تكون مفاوضا مناسبا في عملية السلام.

واستطراد الموضوع تهيئة الأجواء المناسبة لاستئناف مفاوضات السلام المرتقبة طرح المقترح الأميركي بضرورة تجاوز الدول العربية لمبادرة السلام العربية والبدء في تطبيع العلاقات والاتصالات ما بين العرب و»إسرائيل» والحقيقة أن القليلين من العرب تقصدوا لهذا الطرح الخطير والذي يمثل تنازلا جوهريا ومجانيا من العرب لـ»إسرائيل» في الوقت الذي تمعن فيه وتصعد من إجراءاتها على الأرض بتهويد الأرض الفلسطينية والجولان وتصفية المقاومين الفلسطينيين وفرض الحصار على غزة وتفتيت الضفة الغربية. القليلون من العرب تصدوا لهذا الطرح في أن هناك مبادرة عربية تمثل الحد الأدنى من الموقف العربي لحل الصراع العربي الإسرائيلي، وأن أي خروج عنها يمثل خرقا للصف العربي وإضعافا لموقف العرب التفاوضي مما أكد بعض العرب الغيارى أن «حماس» وفصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى هم مناضلون من أجل تحرير أرضهم من الاحتلال كحق مشروع معترف به دوليا، وأن حزب الله حركة مقاومة لتحرير ما تبقى من الأراضي اللبنانية المحتلة من قبل «إسرائيل» وضمان سيادة لبنان الذي تخرقه «إسرائيل» كل يوم وضمان لعدم اجتياح «إسرائيل» للبنان مجددا كذلك الأمر بالنسبة لإيران فحتى بعض العرب اعتبر دورها في دعم العرب والفلسطينيين تدخلا منها في شأن لا يخصها وبالتالي لا يحق لأي دولة إسلامية التدخل في هذا الصراع وهو منطق غريب حيث تعتبر «إسرائيل» كل يهودي حول العالم مواطنا متى وطأ أرض «إسرائيل» وأن واجبه الأخلاقي دعم «إسرائيل» ماديا ومعنويا في حين أن المسلمين محرم عليهم نصرة قضية فلسطين.

وكما هو متوقع فقد حاول الإسرائيليون وأنصارهم بمن فيهم بعض العرب تصوير إيران بأنها الخطر الداهم على العرب وأمن المنطقة وبالتالي يجب أن يلتقي العرب والإسرائيليون والأميركيون في مواجهة إيران وحتى شن الحرب عليها.

من هنا فإن التوصية لإدارة أوباما للتفاوض مع إيران قد لقي قبولا على مضض من الحاضرين لعدة أسباب منها تعامل النظام الإيراني مع المعارضين المطالبين بالإصلاحات وطريقة إدارته للعلاقة مع الولايات المتحدة في عهدها الجديد.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 2524 - الإثنين 03 أغسطس 2009م الموافق 11 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً