جزمت قبل أشهر معدودة حينما رفضت وزارة الإسكان إعطاء أهالي مدينة عيسى من أصحاب الطلبات القديمة لعام 1992 في مشروع اللوزي الإسكاني في مرحلتيه الأولى والثانية، رغم الحالة الإنسانية الصعبة التي كان يعانيها أصحاب هذا الطلبات، من إن هناك من يخطط لاستغلال ملفهم والظروف الإنسانية الصعبة لتوزيع إسكان القرى الأربع في النويدرات عليهم، حتى يتم التنصل من الوعود السابقة التي قدمتها وزارة الإسكان بشأن حصر التوزيع على أهالي القرى الأربع المعروفة، بحجة بالغة ناهضة وهي الانتصار إلى العدالة والمساواة بين المواطنين، إذ إن هؤلاء المواطنين من أصحاب طلبات 1992 هم الأحق من أية فئة كانت في الحصول على السكن بحكم أقدمية طلباتهم في البحرين كلها. وجزمت حينها كذلك ومازلت أجزم أن السيناريو الذي تم، وإن كانت الإسكان جزءا منه، إلا أن من يدير اللعبة طرف أكبر منها، طرف أراد في سبيل الحفاظ على دائرة انتخابية أن يزور التاريخ أولا، والجغرافيا ثانيا، وربما يتلاعب بمشاعر الناس من جهتين، الجهة الأولى حينما منع أصحاب طلبات 92 من أهالي مدينة عيسى الكرام من الحصول على وحدات ارتضوها لأنفسهم في مشروع اللوزي كباقي طلبات 92 التي ارتضى الكثيرون منهم السحب على الورق للحصول على وحدات سكنية ستبنى ربما في 2010 أو 2011، وربما تسلم لهم بعد عامين من ذلك التاريخ وربما أكثر، ومع ذلك كان مستغربا عدم شمول باقي طلبات 92 من المدينة وعددهم لا يتجاوز 130 طلبا بهذا التوزيع، رغم مطالبتهم هم أنفسهم بقبولهم هذه الوحدات التي ستبنى مستقبلا.
أما الطرف الثاني الذي جرى التلاعب به فكان أهالي القرى الأربع (النويدرات - المعامير - سند - العكر)، هؤلاء الذين سطروا معاناتهم في أطول اعتصام في تاريخ البحرين الحديث والمعاصر، ففي الوقت الذي كان هؤلاء أيضا يحلمون ومع أهاليهم بالحصول على حقهم الطبيعي في البيوت الملاصقة لقراهم.
الأطراف التي أصرت في سبيل إبقاء الغلبة الانتخابية لطرف على طرف في الدائرة الثامنة من الوسطى، كانت تدير خيوط اللعبة بلا قواعد وخطوط حمر، فهي لم تتورع عن استغلال معاناة أصحاب طلبات قديمة تجاوزت 17 عاما، ولم تلتفت إلى معاناة أهالي القرى الأربع، ربما لأنها لا تحسب لا هؤلاء ولا أولئك مواطنين من الدرجة الأولى، وليس من المهم مطلقا استغلال معاناة البشر في سبيل تكريس كرسي في البرلمان لتبقى المعادلة الطائفية قائمة دون تغيير.
إذا كان من خطط لانتزاع البيوت في إسكان القرى الأربع من أهالي هذه القرى يعتقد أنه عبر تأخيره لطلبات أهالي مدينة عيسى أولا ثم تروجيه إعلاميا لمعاناتهم ثانيا، ثم توزيعه البيوت عليهم في منتصف الصيف حيث أصحاب القرار جلّهم خارج البلاد ثالثا، استطاع أن ينهي الموضوع فهو واهم، لأن ما جرى سيفتح الباب على وحدات وادي السيل وهي 774 وحدة، وبالمنطق الذي تم اختطاف إسكان القرى الأربع به، فإن أصحاب الطلبات المتبقية لعام 1992 و1993 هم أحق بها من غيرهم وإن كانوا من أفراد قوة دفاع البحرين الذي نقدرهم ونحترمهم، وسيفتح الباب أيضا، أمام المشاريع الإسكانية المقبلة في البديع وجدحفص وقلالي والبسيتين والبحير، لأن توزع بذات المنوال الذي وزعت به بيوت إسكان القرى الأربع.
وحتى لا يساء الفهم، فلست أدعو لاختطاف الوحدات السكنية التي ذكرتها من أهالي المناطق التي ستبنى لهم، لكنني أدعو لأن يكون هناك معيار محدد تعتمده وزارة الإسكان ولا تسمح لأية جهة كانت بالتعدي عليه أو بممارسة ضغوطها لتغييره، والقفز عليه من أي طرف كان.
ما جرى مؤخرا، لن يقفل الباب عليه، وما سمعت به هو أن هناك نية تناقش لدى أطراف نيابية لاستجواب وزير الإسكان، كما أنني أعتقد بأن الحراك النيابي سيفضي إلى أمر ما، بالإضافة إلى التزام الأهالي بالتحركات السلمية سيكون له دور مؤثر بلا شك.
اللعبة التي أرادها البعض لن تنتهي بسهولة، وستنفتح الباب في القريب العاجل، على الأطراف التي لا تريد الخير للبحرين وأهلها، ونحن مع أهالي مدينة عيسى في حصولهم على وحدات سكنية حالهم حال أقرانهم من المواطنين، ونحن كذلك مع إعطاء إسكان القرى الأربع لمستحقيها ممن قدمت لهم الوعود، واعتصموا بعوائلهم وأهاليهم أكثر من 500 يوم متواصل
إقرأ أيضا لـ "حسن المدحوب"العدد 2522 - السبت 01 أغسطس 2009م الموافق 10 شعبان 1430هـ
شكرا استاذ حسن
هكذا هي الوسط مع قضايا الوطن والمواطنين، ونتمنى ان تزول هذه الغمة عن الاهالي
بن علي
كلام صحيح ولكن هل ستطبق نظرية التوزيع العادل كما يسمونه على باقي المناطق ؟؟؟ اشك في ذلك