العدد 2522 - السبت 01 أغسطس 2009م الموافق 10 شعبان 1430هـ

البيروقراطية... والمجلس الأعلى للمرأة

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

قام المجلس الأعلى للمرأة بمد يده لمساعدة أسرة بحرينية، تعاني الأمرين في معيشتها، ووعد بأن يقوم بالمساعدة في أقرب فرصة ممكنة، وخصوصا أنّ العائلة تعيش حد الكفاف. ولكن مرّت الأيام، وتوالى الشهران، وأوراق الأسرة تتقاذف بين مكتب ومكتب، حتى قتلت البيروقراطية حلم الأسرة في مساعدة المجلس الأعلى للمرأة لهم، إذ كان هذا الموضوع آخر بصيص أمل لتغيير حياتهم.

ولنعطيكم بطاقة هوية للأسرة:

الأب: مطلّق الأم، وحصل على منفذ «غير قانوني» حتى لا يعطي الأسرة مستحقاتها، والتي فرضها القانون لهم، فأقامت عليه الأم دعوى في محكمة التمييز منذ أجل، وإلى الآن لم يرد عليها أحد!

الأم: مطلّقة من الأب، لا تعمل، لديها الكثير من الفواتير لسدادها، فاتورة الكهرباء وفاتورة الشقّة التي لم تدفعها منذ أكثر من شهرين، ومتطلبات الأبناء، وحقوقهم عليها.

الأبناء: متفوقون في الدراسة، وأكبرهم حصل على نتيجة 94 في المئة من الثانوية العامة، وإلى الآن المنحة مبهمة بالنسبة له في وزارة التربية والتعليم، والحلم الذي كان يتمناه تحطّم، عندما لم يتم قبوله في كلية الطيران -مشروع تمكين-، مع إن الشروط جميعها انطبقت عليه.

ماذا كان سيحدث لو انتهى المجلس الأعلى للمرأة عمله في أسبوعين، وعمل على مساعدة هذه الأسرة المحتاجة بالفعل، والتي أصبحت حالها لا تسر عدو ولا صديق، فكل شيء ضدّهم، والحظ ابتعد عنهم ولا يرى طريقهم.

إن البيروقراطية العقيمة في جدران تابعة للمجلس الأعلى للمرأة، تقضي على المساهمات والعمل الدؤوب الذي يقوم به، فالمجلس له الدور القوي في دفع المرأة البحرينية إلى الأفضل لتساعد بالتالي أطفالها.

إن هذه الأسرة البحرينية مرّت بظروف صعبة ومستحيلة عند البعض -مع أن المجتمع البحريني تعوّد عليها-، آملة أن يتم تعديل وضعها من خلال المطالب التي طلبتها، فهي لم تطلبها من أي أحد وإنما من مجلس الخير، الذي يجب أن يسارع في الأمور، بدل تأجيلها وتدويرها، فتكون النتيجة عكسية على صاحب الطلب وعلى المجلس الأعلى للمرأة!

بعض الأمور تستحمل التأجيل، ولكن هناك أمورا تجعل المواطن لا يستطيع تنفّس الهواء، من كثرة الضغوط والمشكلات الاقتصادية التي يعانيها، ونضيف إليها المشكلات الاجتماعية التي تمر بها هذه الأسرة، وغيرها من الأسر المنتظرة للمجلس الأعلى للمرأة، ويكفينا مقولة علي بن أبي طالب رضي الله عنه عندما قال: «لو كان الفقر رجلا لقتلته»، والتي تدل على عمق معاناة الفقراء، وإلى المداخل التي قد ينتهي إليها هؤلاء، وقد يكون أعقدها قتل النفس.

لقد كان المجلس الأعلى للمرأة مثالا للحرية وسرعة التفاعل ومساعدة الآخرين، ولكن بيروقراطية العمل البطيئة تجعل صدقيته تذهب هباء، لأن الناس المحرومين من السعادة لا يستطيعون الانتظار، فهم يريدون تحقيق الأمل المنتظر والذي لم يأتِ بعد.

عمل الخير سهل وصعب، وليست كل مؤسسة تستطيع أن تؤدّيه على أكمل وجه، ولكن لو وجدنا السعادة التي نرسمها على وجوه المحرومين لأبينا أن نمتّع أنفسنا بما لدينا، بل سنهديه لهم دوما!

وقد قالها لي أفراد الأسرة ولكني لم أصدّقهم، بأنَّ مطالبهم ستظل في الورق، ومساعدتهم لن تأتي من المجلس إلا عندما لن تحتاج الأسرة إلى ذلك، فالوعود سهلة ولكن المساعدة صعبة وتحتاج إلى وقت طويل! ويكفينا أن نشعر بما يشعر به الفقير في الأبيات التالية: يعيش الفقير وكل شيء ضدّه والناس من دونه تغلق أبوابها هذا يعيبه وهذا يدينه يرى العداوة ولا يرى أسبابها حتى الكلاب إذا رأته عابرا نبحت في وجهه وكشّرت أنيابها وإذا رأت الغني بأرض خضعت له وحرّكت أذيالها

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 2522 - السبت 01 أغسطس 2009م الموافق 10 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً